الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
قول المصنف :"باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله".
أراد المصنف بهذه الترجمة بيان وجوب القناعة باليمين ، والحكم الشرعي، وأن الواجب على المؤمن أن يقنع بالحكم الشرعي؛ لأن الذي لا يقنع بالحلف بالله لا يعظم الله حق التعظيم.
قوله :"عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحلِفوا بآبائِكُم مَن حلفَ باللَّهِ فليصدُقْ ومَن حُلِفَ لَه باللَّهِ فليرضَ ومَن لم يرضَ باللَّهِ فليسَ منَ اللَّهِ " رواه ابن ماجه بسند حسن"
الحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث:"لا تحلفوا بآبائكم" (لا) ناهية، ولهذا جزم الفعل بعدها بحذف النون.
و"آبائكم": جمع أب، ويشمل الأب والجد، وإن علا فلا يجوز الحلف بهم لأنه شرك.،والسر في التنصيص على الآباء ومنع الحلف بهم أن الحلف بالآباء هو سبب الحديث، ولكونه عادة جاهلية كما في رواية البخاري في باب أيام الجاهلية ولفظه "ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله"، فكانت قريش تحلف بآبائها فقال: "لا تحلفوا بآبائكم".
قوله صلى الله عليه وسلم:"مَن حلفَ باللَّهِ فليصدُقْ" أي يجب على من حلف بالله أن يصدق ويتحرى الصدق ويحذر الكذب ، ،قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:" مَن حَلَفَ علَى يَمِينِ صَبْرٍ، وهو فيها فاجِرٌ، يَقْتَطِعُ بها مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَومَ القِيامَةِ وهو عليه غَضْبانُ." أخرجه البخاري عن عبد الله بن مسعود .
قوله صلى الله عليه ويلم "ومَن حُلِفَ لَه باللَّهِ فليرضَ" أي ليرض ويقنع ، وليس له إلا هذا ؛ لأنه هو الذي فرط ولم يشهد ولم يكتب ولم يجعل بينة وليس له إلا الحكم الشرعي باليمين لتفريطه وسوف يعطيه الله حقَّه يوم القيامة
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومَن لم يرضَ باللَّهِ فليسَ منَ اللَّهِ " (لم) أداة جزم و(يرضَ) فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة وهو الألف، أي: من لم يرضَ بالحلف بالله إذا حلف له فليس من الله، وهذا تبرؤ منه؛ يدل على أن عدم الرضا من كبائر الذنوب،
قول المصنف "فيه مسائل:
الأولى: النهي عن الحلف بالآباء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحلفوا بآبائكم" والنهي للتحريم.
الثانية: الأمر للمحلوف له بالله أن يرضى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ومن حُلفَ له بالله فليرضَ".
الثالثة: وعيد من لم يرض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ومن لم يرض فليس من الله". وهذا تبرؤ منه يدل على أن عدم الرضا من كبائر الذنوب.
وبالله التوفيق
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
1434/5/25هـ