الدرس138 باب قول ما شاء الله وشئت

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 26 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 2071 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قول المصنف " باب قول ما شاءَ اللهُ وشئْتَ"

أي ما ورد في ذلك من النهي وأنه شرك وتنديد ؛ لأنك إذا قلت ذلك شركت بين الخالق والمخلوق في المشيئة ؛ حيث عطفت بالواو ، والواو تقتضي التشريك، وهذا شرك في الربوبية فلا يجوز.

قوله :" عن قتيلة:" أن يهوديا أتى للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إنَّكم تُشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت" رواه النسائي وصححه.

الحديث رواه النسائي وصححه الألباني بهذااللفظ "أنَّ يَهوديًّا أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: إنَّكم تندِّدونَ، وإنَّكم تُشرِكونَ تقولونَ: ما شاءَ اللَّهُ وشئتَ، وتقولونَ: والكعبةِ، فأمرَهُمُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أرادوا أن يحلِفوا أن يقولوا: وربِّ الكعبةِ، ويقولونَ: ما شاءَ اللَّهُ ثمَّ شئتَ"


مناسبة الباب لكتاب التوحيد
أن قول: (ما شاء الله وشئت) من الشرك الأكبر، أو الأصغر؛ لأنه إن اعتقد أن المعطوف مساو لله فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنه دونه لكن أشرك به في اللفظ فهو أصغر.
قوله :" عن قتيلة " قُتيلة- بالتصغير- بنت صَيْفي، جُهَنيَّة من المهاجرات الأُوَل، قيل: ليس لها حديث غير المذكور، قوله: "أنَّ يَهوديًّا أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: إنَّكم تندِّدونَ، وإنَّكم تُشرِكونَ ": اليهودي: هو المنتسب إلى شريعة موسى عليه السلام.

قول اليهودي: " إنَّكم تندِّدونَ،" أي: تتَّخِذون أندادًا، والنِّدُّ: الشَّيءُ المضادُّ، والمرادُ: أنَّكم تتَّخِذون آلهةً مِن دونِ اللهِ عزَّ وجلَّ ، قوله :" وإنَّكم تُشرِكونَ": أي: وإنَّكم تقعون في الشرك .
قوله : "تقولون: ما شاء الله وشئت": الشرك هنا أنه جعل المعطوف مساويا للمعطوف عليه، وهو الله عز وجل ؛ حيث كان العطف بالواو المفيدة للتسوية
ويقول اليهودي أيضاً :"وتقولون: والكعبة" الشرك هنا أنه حلف بغير الله إذ حلف بالكعبة، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ما قال اليهودي، بل أمر بتصحيح هذا الكلام، فأمرهم إذا حلفوا أن يقولوا: "ورب الكعبة" فيكون القسم بالله ، وأمرهم أن يقولوا: ما شاء الله، ثم شئت فيكون الترتيب بثم بين مشيئة الله ومشيئة المخلوق، وبذلك يكون الترتيب صحيحا، لأنه جُعِل بلفظ يتبين به تأخر مشيئة العبد عن مشيئة الله، وأنه لا مساواة بينهما.

ويستفاد من هذا الحديث
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر اليهودي على ذلك مع أن ظاهر قصده الذم واللوم للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأن ما قاله حق فاليهودي قال حقاً أراد به باطل وهو ذم الصحابة
ثانياً: مشروعية الرجوع إلى الحق وإن كان من نبه عليه ليس من أهل الحق
ثالثاً: أنه ينبغي عند تغيير الشيء أن يغير إلى شيء قريب منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجَّه أمَّته أن يستبدلوا هذه الألفاظ بألفاظ صحيحة ويقولوا: "ورب الكعبة" ورب الكعبة هو الله جلَّ وعلا ،والكعبة بيت الله ، فلا يحلف بالكعبة بل يحلف برب الكعبة ، هذا هو البديل الصحيح الخالي من الشرك، وإذا كان الحلف بالكعبة شركا فكيف بغيرها من المخلوقات، ووجَّههم أن يقولوا: "ما شاء الله، ثم شئت".

قول المصنف "وله أيضا عن ابن عباس أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، فقال: "أجعلتني لله ندا؟! بل ما شاء الله وحده" .

لم يعزُ المصنف هذا الحديثَ ، وقد رواه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، والنسائي في السنن الكبرى، قال العراقي في تخريج الإحياء: إسناده صحيح، وقال أحمد شاكر في مسند أحمد : إسناده صحيح، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (ص292)، بلفظ " قال رجلٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : ما شاءَ اللهُ وشئتَ، قَالَ :"جعلتَني لله نِدًّا ؟! ، ما شاء الله وحدَه"

قول المصنف "عن ابن عباس رضي الله عنهما:" هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، صحابي ومحدث وفقيه وحافظ ومفسِّر، وابن عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحد المكثرين لرواية الحديث ، حيث روى (1660) حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم . ولد في مكة في شعب أبي طالب قبل الهجرة النبوية بثلاث سنوات، وهاجر مع أبيه العباس بن عبد المطلب قبيل فتح مكة فلقيا النبي محمدًا بالجحفة ؛ وهو ذاهب لفتح مكة، فرجعا وشهدا معه فتح مكة، ثم شهد غزوة حنين وغزوة الطائف، ولازم النبي وروى عنه، ودعا له النبي قائلًا: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ في الدِّينِ»، أخرجه البخاري.

قوله : "أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت " قاله للنبي صلى الله عليه وسلم تعظيما، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "جعلتَني لله نِدًّا ؟!، الاستفهام للإنكار، والند: هو النظير والشبيه أي: أجعلتني لله شبيها في هذا الأمر، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يقطع عنه الشركَ فقال له صلى الله عليه وسلم " ما شاء الله وحدَه".
ويستفاد من هذا الحديث:
أولاً: أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ يقتضي الشبيه للخالق شركٌ، فإن كان يعتقد الشبيه فهو شرك أكبر، وإن كان يعتقد أنه دون ذلك فهو أصغر، وإذا كان هذا شركا فكيف بمن يجعل حق الخالق للرسول صلى الله عليه وسلم هذا أعظم

ثانياً: إنكار المنكر.
ثالثاً: أن من حسن الدعوة إلى الله عز وجل ؛ أن تذكر ما يباح إذا ذكرت ما يحرم لأنه صلى الله عليه وسلم لما منعه من قوله: "ما شاء الله وشئت" أرشده إلى الجائز وهو قوله: " ما شاء الله وحده"

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/25 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي