الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  .

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 27 شوال 1445هـ | عدد الزيارات: 62 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:

وصيتي هي تقوى الله سبحانه والإخلاص له والصدق معه والثبات على طريق الجهاد والدعوة وحمل لواء العقيدة السلفية ونشر العلم الصحيح المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجتهاد أئمة السلف المبني عليهما فإن هذا هو طريق الرسل وأتباع الرسل، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (يوسف الآية 108) .

ولا شك أن من سلك هذا السبيل فسيجد من الإيذاء والتضييق من أعداء الله ما وجده رسل الله وأولياؤه وأئمة العلم والدين من قومهم، لكن العاقبة للمتقين إذا تذرعوا بالصبر والثبات وإذا علم الله منهم حسن النية والإخلاص له وأن هدفهم هو إعلاء كلمته ونصر دينه وليس عرضا من الدنيا، قال تعالى {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (القصص الآية 83)
ولئن حوربتم وقتلتم وضربتم وشتمتم فلستم أفضل من رسل الله عليهم صلواته وسلامه وعليكم بالصبر والرفق فإن صاحب البدع والمعصية كالمريض يؤخذ بالرفق والحكمة، والرفق ما كان في شيء إلا زانه، ويعطي الله بالرفق ما لا يعطي على العنف ولا على غيره، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا.كما قال صلى الله عليه وسلم (قلت: وذلك في قوله:" ... واعلَمْ أنَّ النصرَ مع الصبرِ، وأنَّ الفَرَجَ مع الكرْبِ، وأنَّ مع العُسرِ يُسرًا". صححه شعيب الأرناؤوط في تخريج رياض الصالحين )
* ‌‌وجوب شكر النعم والحذر من صرفها في غير مصارفها:
فقد يبتلي الله عباده بالفقر والحاجة كما حصل لأهل هذه البلاد في أول القرن الرابع عشر قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة الآية 155) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة الآية 156)
كما يبتليهم بالنعم وسعة الرزق كما هو واقعنا اليوم ليختبر إيمانهم وشكرهم قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (التغابن الآية 15) والعاقبة الحميدة في كل ذلك للمتقين الذين تكون أعمالهم وفق ما شرع الله كالصبر والاحتساب في حال الفقر وشكر الله على النعم وصرف المال في مصارفه في حال الغنى.
ومن الاقتصاد صرف المال في مصارفه في المأكل والمشرب من غير تقتير على النفس والأهل، ولا إسراف في تضييع المال من غير حاجة وقد نهى الله عن ذلك كله قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (الإسراء الآية 29) وقال تعالى في النهي عن إضاعة المال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (النساء الآية 5) الآية.
نهى الله جل وعلا في هذه الآية عن إعطاء الأموال للسفهاء؛ لأنهم يصرفونها في غير مصارفها فدل ذلك على أن صرفها في غير مصارفها أمر منهي عنه، وقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف الآية 31) وقال سبحانه: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (الإسراء الآية 26) {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (الإسراء الآية 27) الآية.
والإسراف هو: الزيادة في صرف الأموال على مقدار الحاجة.
والتبذير: صرفها في غير وجهها.
وقد ابتلي الناس اليوم بالمباهاة في المآكل والمشارب خاصة في الولائم وحفلات الأعراس فلا يكتفون بقدر الحاجة وكثير منهم إذا انتهى الناس من الأكل ألقوا باقي الطعام في الزبالة والطرق الممتهنة.
وهذا من كفر النعمة وسبب في تحولها وزوالها، فالعاقل من يزن الأمور بميزان الحاجة وإذا فضل شيء عن الحاجة بحث عمن هو في حاجته وإذا تعذر ذلك وضعه في مكان بعيد عن الامتهان لتأكله الدواب ومن شاء الله ويسلم من الامتهان.
والواجب على كل مسلم أن يحرص على تجنب ما نهى الله عنه وأن يكون حكيما في تصرفاته مبتغيا في ذلك وجه الله شاكرا لنعمه، حذرا من التهاون بها وصرفها في غير مصارفها .
ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ويمنحهم الفقه في دينه وأن يوفقنا وإياهم لشكر نعمه والاستعانة بها على طاعته ونفع عباده إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

٢٦ شوال ١٤٤٥ هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر