الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسَّلامُ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين وبعدُ
"المسألة العاشرة : معرفة القاعدة الكلية، وهي النهي عن الغلو ومعرفة ما يئول إليه. هذا ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الغلو مجاوزة الحد، ويئول إلى فساد.
"الحادية عشرة : مضرة العكوف على القبر لأجل عمل صالح."
المضرة الحاصلة هي أنها توصل إلى عبادتهم .
"الثانية عشرة : معرفة النهي عن التماثيل والحكمة في إزالتها."
التماثيل هي الصور على مثل رجل، أو حيوان، والغالبُ أنها تطلق على ما صنع ليعبد من دون الله ،والحكمة في إزالتها سدُّ ذرائع الشرك.
"الثالثة عشرة : معرفة عظم شأن هذه القصة وشدة الحاجة إليها مع الغفلة عنها"
أي معرفة قصة هؤلاء الذين غلوا في الصالحين حتى تدرج بهم الأمر إلى عبادتهم، والناس لو تدبرت أحوالهم لوجدت أنهم في غفلة عن هذا الأمر.
الرابعة عشرة : وهي أعجب العجب قراءتهم إياها في كتب التفسير والحديث ومعرفتهم بمعنى الكلام ، وكون الله حال بينهم وبين قلوبهم حتى اعتقدوا أن فعل قوم نوح هو أفضل العبادات واعتقدوا أن ما نهى الله ورسوله عنه فهو الكفر المبيح للدم والمال.
قوله "وهي أعجب العجب " أي أكثر عجبا .
وكلام المصنف رحمه الله هنا من باب الإنكارعما كان في زمنه، حيث غفلوا عن هذه القصة مع قراءتهم لها في كتب التفسير والحديث، واعتقدوا أن فعل قوم نوح أفضل العبادات، وهذا من أضر ما يكون على المرء أن يعتقد السيئ حسنا، قال تعالى:" أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ " (فاطر8) .
قوله : واعتقدوا ما نهى الله ورسوله عنه فهو الكفر المبيح للدم والمال.
أي من اعتقد أن الشرك والكفر من أفضل العبادات، وأنه مقرب إلى الله فهذا كفر مبيح لدمه وماله
"الخامسة عشرة : التصريح بأنهم لم يريدوا إلا الشفاعة "، ومع ذلك وقعوا في الشرك.
"السادسة عشرة : ظنهم أن العلماء الذين صوروا الصور أرادوا ذلك " ، أي أن يشفعوا ، وهذا ظن فاسد
"السابعة عشرة : البيان العظيم في قوله :"لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم"، فصلوات الله وسلامه عليه بلَّغ البلاغ المبين"،معنى الإطراءُ : الغلوّ في المدح ، والمبالغة فيه ، وهذا الذي نهى عنه ، صلى الله عليه وسلم ، وَقَعَ فيه بعضُ هذه الأمة.
الثامنة عشرة : نصيحته إيَّانا بهلاك المتنطعين ، وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم "هلك المتنطعون" ، فلم يرد مجرد الخبر، ولكن التحذير من التنطع في الكلام والاستدلال والعبادة.
التاسعة عشرة : التصريح بأنها لم تعبد حتى نسي العلمُ ، ففيها بيان معرفة قدر وجوده ومضرة فقده.
أي لم تعبد هذه التماثيل إلا بعد نسي العلم، واضمحل ففيه دليل على معرفة قدر وجود العلم، وإذا حلَّ الجهلُ فلا تسأل عن حال الناس فسوف لا يعرفون كيف يعبدون الله، ولا كيف يتقربون إليه.
العشرون : أن سبب فقد العلم موت العلماء ، وهذا من أكبر الأسباب لفقد العلم ، فإذا مات العلماء لم يبق إلا جهال الخلق يفتون بغير علم.
وبالله التوفيق
وصلِّ اللهمَّ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
1434-3-8هـ