عيد الأضحى 4

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 6 ذو الحجة 1437هـ | عدد الزيارات: 2063 القسم: خطب العيدين

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد.

أما بعد:

أمة الإسلام ؛

هذا عيدُكم كما جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في الإعلان الذي أعلنه في المدينة النبوية: (إنَّ لِكلِّ قومٍ عيدًا وَهذا عيدُنا ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني ، هذا عيدنا أهلَ الإسلام، فلنفتخر بهذا العيد، لقد جعل الله تعالى لكل أمة منسكاً وجعل لهذه الأمة عيدين، عيدَ الفطر وعيدَ الأضحى، فهنيئاً لكم يا أمَّةَ الإسلامِ بهذين العيدين!

إخوةَ العقيدة ؛

إن هذا الاختصاص بهذا العيد لا يوجد له مثيل في الأرض، فانظروا إلى أعياد أهل الأرض تجدونها ما بين شرك وكفر وما بين معصية وكبيرة، أما عيدنا فهو تكبير وصلاة وذبح أضحية لله وصلة أرحام .

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

" وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا، لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ " . الحـج 34، ومما جعله الله في هذا المنسك، ذبح الأضحية، وهي من أعظم الشعائر في هذا اليوم، يوم الحج الأكبر، إذ تجتمع فيه عبادات لا تجتمع في غيره، فالحجاج اليوم يرمون، وينحرون، ويحلقون، ويطوفون، ويسعون، وأهل البلدان اليوم يكبرون وفي المصلى يجتمعون، ولصلاة العيد يؤدون، وللأضحية يذبحون.

والأضحية المقصود منها :

أولاً: التوحيد لله "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" الكوثر: 2 ،أي: انحر باسم الله، ولذلك سمى النبي صلى الله عليه وسلم وكبر فقال: بسم الله والله أكبر ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :" ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا." رواه البخاري ، كما أمره الله في قوله " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ "، أي: وانحر لربك، فإنهار الدم عبادة عظيمة لا يوجد لها مثيل في العبادات، ولذلك كان ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها، لأن الذبح فيه إنهار الدم تعظيماً لله، ومن أنواع الشرك: الذبح لغير الله؛ لأننا لا نذبح إلا لله، ونقول: بسم الله والله أكبر

ثانياً: "لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ" الحج: 34 أكثر ما يوجد من اللحوم في العالم من طعام الناس لحوم الغنم والبقر والإبل، فنحن بذبحنا لهذه الأضحية على اسم الله نشكره على هذه النعمة . وعندما يذبح ربُّ الأسرة فإن الأسرةَ كلَّها تكون مشمولةً بهذه الأضحية.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

لا يصعد إلى الله اللحم ، فالله غنيٌّ عنَّا وعن لحومِنا قال تعالى : " لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ " الحج: 37، فالمقصود هو التقوى، ولذلك أخلص في الأضحية، فلا رياء ولا مباهاة، وإنما توحيد وإخلاص لله

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

كما أن الحجاج إذا أحرموا امتنعوا عن قص الشعر والأظفار حتى يحلوا، فقد جعلك الله مشابهاً لهم بالامتناع عن قص الشعر والأظفار حتى تذبح أضحيتك

أيها الإخوة

نتذكر بذبحنا أضحية إبراهيم الخليل عليه السلام التي فدى الله بها ابنه إسماعيل لما رأى في المنام أن يذبحه ورؤيا الأنبياء حق، فلما أراد أن ينفذ الأمر واستسلم هو وابنه "فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ" الصافات: 103، أضجعه على وجهه ليذبحه من قفاه لئلا يشهد الآلام في ذبحه فيتردد، فلما هم بالتنفيذ وأمسك بالسكين جاءه الفرج من الله " وفديناه بذبح عظيم" الصافات 107 ، كبش عظيم، فكان هذا الذبح يذكرنا بالاستسلام لله، والطاعة له، وأن الله تعالى يكافئُ العبدَ، مَنْ تركَ شيئاً لله عوضه الله خيراً منه

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

هذا ، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :

الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، وشرع لنا من الدين هذه العبادات العظيمة ؛ لنوحده، ونكبره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله .

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله ؛

إن أصدق الحديث كتابُ الله وخيرَ الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَ الأمور محدثاتُها، وكلَ محدثةٍ بدعة، وكلَ بدعة ضلالةٌ .

في هذا اليوم المبارك يذبح الناس أضاحيهم، ويذبح الحجاج هداياهم، دماء تنهر لله رب العالمين، فإذا هممت بذبح أضحيتك فسقها سوقاً رفيقاً، لأن عمر رضي الله عنه رأى رجلاً يعسف أضحيته، فأمره بإحسان جرها، ثم أضجعها على شقها الأيسر ووجهها إلى القبلة وقل باسم الله والله أكبر، والغنم والبقر تضجع، والإبل تنحر واقفة معقودة اليد اليسرى، حتى يسهل سقوطها إذا نحرت، (فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا) الحـج: 36، وذكر اسم الله عند الذبح توحيد، فهذه التسمية شأنها عظيم، إذ المشركون يذكرون أوثانهم وأصنامهم، وأنت تذكر اسم الله الواحد الأحد الفرد الصمد، وتكبر مذكراً بأن الله أكبر من كل شيء، وتذكر اسم من نويت ثوابها له وإن نسيت اسمه فتنوي ذلك بقلبك وإن نويت الاسم بدون ذكره أجزأ ذلك، وهذا ورد في السنة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :"ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ واضِعًا قَدَمَهُ علَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي ويُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُما بيَدِهِ. " رواه البخاري ، فإذا قلت: عن آل فلان، شملت جميعهم من الأحياء والأموات بأضحية واحدة، فإذا تيسر لك أن تذبح بيدك فهو أفضل؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فاشهد ذبحها، وإذا وكلت فلا حرج، ولا يحد السكين بحضرتها كما قال عليه الصلاة والسلام لرجل يفعل ذلك: "أو تريدُ أن تُمِيتَها مَوتاتٍ ؟ !" صححه الألباني في صحيح الترغيب ، هذا هو الرفق بالحيوان، وعندما ينهر الدم فإنه إحسان في الذبح،"فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ."رواه مسلم ، ولا تذبح واحدة بحضرة الأخرى، وهذا من الرحمة بالحيوان، فإذا ذبحت فلا تسلخ إلا بعدما تسكن، وتذهب حركتها، وهذا من الرفق بالحيوان أيضاً، ثم تقطعها وقد قال ربك "فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ" الحـج: 27، وقال " فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ" الحـج: 36، فإذا ثلثتها ثلث لك ولأهلك، وثلث هدية لجيرانك وأقاربك وإخوانك، وثلث للفقراء والمساكين، فهذا حسن، وإذا جعلتها بينك وبين الفقراء نصفاً ونصفاً فلا بأس .

الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد

وقت الذبح بعد صلاة العيد إلى مغرب اليوم الثالث عشر، والليل والنهار وقت للذبح، والسنة في عيد الفطر أكل تمرات قبل الصلاة وفي عيد الأضحى الأكل من الأضحية بعد صلاة العيد كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم

معشر النساء ؛

عليكنَّ بتوحيد الله وطاعته، والحرص على مرضات ربكن ثم مرضات أزواجكن، قال صلى الله عليه وسلم "إذا صَلَّتْ المرأةُ خمسَها ، وصامَتْ شَهْرَها ، وحَصَّنَتْ فَرْجَها ، وأَطَاعَتْ بَعْلَها ، دخلَتْ من أَيِّ أبوابِ الجنةِ شاءَتْ" صححه الألبان في صحيح الترغيب .

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله :"إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" الأحزاب 56 ، وقال صلى الله عليه وسلم "من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللَّهُ عليهِ بها عَشْراً " رواه مسلم ، اللهم صل وسلم، وبارك على نبيك الأمين، وعلى آله وأزواجه، وخلفائه الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض اللهم عن صحابة نبيك أجمعين

اللهم إن نسألك أن تنقذ إخواننا المستضعفين، اللهم أنزل عليهم السكينة والصبر وثبت أقدامهم، وانصرهم على القوم الكافرين ، اللهم عجل فرجهم يا رحمن يا رحيم، اللهم خذ الطغاة المتجبرين، واقمعهم يا قوي يا عزيز، وفرق شملهم وشتت جمعهم، واجعل دائرة السوء عليهم، وألق الرعب في قلوبهم، اللهم اجعل بلدنا آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، نعوذ بك من البلاء والغلاء والوباء والفتنة يا سميع الدعاء، اللهم اغفر لنا أجمعين، وأخرجنا من ذنبونا كيوم ولدتنا أمهاتنا، اللهم لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور وعمل مبرور يا رحيم يا ودود يا غفور. " سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " (الصافات 80، 81، 82)

1437/12/7هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 7 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة