عيد الأضحى 9

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 4 ذو الحجة 1439هـ | عدد الزيارات: 1316 القسم: خطب العيدين

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرا، الله أكبر، الله أكبر،الله أكبر ،لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر،الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر عددَ ما خلق وقدر، الله أكبر كلما لبَّى ملبٍّ وطاف بالبيت طائفٌ،الله أكبر عددَ ما تاب تائب من ذنبه واستغفر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

أما بعد عباد الله :

اتقوا الله ،فإنَّ الله يحب المتقين(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

واعلموا أنَّ هذا اليوم يوم عظيم عند الله ، وهو يوم الحج الأكبر، قال تعالى: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)[التوبة: 3] ،وقال ابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد : " خير الأيام عند الله يوم النحر ، وهو يوم الحج الأكبر كما في سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر " صححه الألباني .

، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى: "لاَ يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَيَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ" أخرجه البخاري ومسلم.

أيها الإخوة:

إنَّ العناية بالعقيدة الصحيحة ودعوة الناس إليها من أهم المهمات ، فلا مظاهر للشرك في الحج، ولا لعادة الجاهلية بالطواف بالبيت عريانا، فالمسلمون يؤدُّون حجَّهم مخلصين لله وحدَه، ويعبدون اللهَ ولا يشركون به شيئًا، ويلبسون لباس الإحرام،متجردين لله لا فضل لأبيض على أسود ولا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى كما قال تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " سورة الحجرات:13 .

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر،الله أكبر، ولله الحمد.

أيها الأحبة:

في هذا اليوم يفرح المؤمنون بعيدهم، ويتقربون إلى الله بذبح أضاحيهم بعد تأديتهم صلاةَ العيدِ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من ذبح قبل أن يصلي فهي شاة لحم " ،

واعلموا رحمكم الله أن أربعاً لا تجزئ في الأضاحي لما روى البراء رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " أربع لا تجوز في الأضاحي ; العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها والعجفاء التي لا تنقي " رواه أبو داود . واذكروا اسم الله عليها وجوباً لقول الله تعالى وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ الأنعام :121 ، ويذبح كل واحد أضحيته بنفسه أو يُنيب غيرَه، ويأكل منها، ويهدي على الجار والقريب، ويتصدق على الفقير والمحتاج استحباباً، إن الله يَجْزي المتصدقين يوسف:88.

الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا.

معاشر المؤمنين :

اذكروا نِعم الله عليكم واشكروه عليها، وإذا رأيتم شاكرًا للنعم مكثرًا حمد الله عليها، فإنَّما هو يرى من نعم الله العظيمة ما لا يرى غيرُه، ممن يتضجر لما عليه حاله، أما المؤمن فإنَّه يحمد الله على كل حال، بلا تضجر ، إنَّما يسأل الله صلاح دِينه ودنياه .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

معاشر المسلمين:

ما بال أقوام جعلوا الغِيبَة فاكهة مجالسهم، لا يطيب لهم مجلساً إلا بذِكْر معايب غيرهم، أَمَا علموا أنَّ الغِيبَة قد تكبُّهم في النار على وجوههم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ رواه الترمذي وقال حسن صحيح .

إنَّ المغتاب قد خَسِرَ حسناته وما أساء إلا لنفسه.

عباد الله: اجعلوا ألسنتكم ذاكرة لله مُثنية عليه، وقولوا القول الحسن للناس، قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)[البقرة: 83]، ومن القول الحسن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والكلام الطيب اللَّيِّن، ولو آذاك إنسان بلسانه فادفع أذاه بالتي هي أحسن، قال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[فصلت: 34].

أخي المسلم:

إذا أساء إليك مسيء من الخَلْق، إساءةً بالقول أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فَصِلْهُ، وإن ظلمك، فَاعْفُ عنه، وإن تكلم فيكَ، غائبًا أو حاضرًا، فلا تقابله بالإساءة، بل اعْفُ عنه، وعامله بالقول اللين، وإن هجرك، وترك خطابك، فَطيِّبْ له الكلام، وابْذُلْ له السلامَ، فإذا قابلتَ الإساءةَ بالإحسان، حَصَلَة فائدةٌ عظيمةٌ (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فُصِّلَتْ: 34]؛ أي : كأنه قريب شفيق .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

معاشر المسلمين:

افرحوا بعيدكم، وطهِّروا قلوبكم، واجعلوها قلوبًا سليمة، فإنَّ من علامة سلامة القلب أن يُحبَّ أحدكم لأخيه ما يُحب لنفسه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه متفق عليه يفرح لأخيه بالخير، ويدعو له بالبركة والتوفيق، لا يُداخِل القلبَ السليمَ شوائب الحسدٌ والحقدٌ والغِلٌّ والبغضاء.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا.

عباد الله:

الزموا الرفق في جميع أموركم، ليرفق الجار بجاره،والقريب بقريبه، والزوج بزوجته وأبنائه، والابن والبنت بالوالدين، اجعلوا الرفق مصاحبًا لكم في تعاملكم مع الناس، قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله" (أخرجه البخاري)، وعند مسلم: "ويُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف، وما لا يُعطي على ما سواه" ، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ" (أخرجه مسلم ).

وارفقوا في ذبح أضاحيكم بحدِّ الشفرة وإراحة الذبيحة.

روى مسلم في صحيحه عن شداد بن أوس قال ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خَلَق الخَلْق ليعبدوه ويوحدوه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله وخليله، خاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرا.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أما بعد أيها الناس:

اتقوا الله وأقيموا الصلاة كما أمركم ربكم وأدُّوا زكاة أموالكم واصدقوا في أقوالكم وأخلِصوا في أعمالكم، وربوا اولادكم فلذات أكبادكم وأطروهم على الحق أطرا، ، وبَرُّوا بآبائكم وأمهاتكم في حياتهم وبعد مماتهم، بالدعاء لهم والصدقة عنهم، وغير ذلك من وجوه البر المشروعة ،وصِلوا أرحامكم وأحسنوا التعامل مع غيركم من جيران وغيرهم .

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا.

أيتها النساء الفاضلات :

اتقينَ الله واحفظنَ ألسنتكنَ من الإثم وقول الزور،واجعلن تربية أولادكن نصب أعينكن وجل اهتمامكن واحفظن للزوج حقَّه وارفقن به، فعَنْ عَبْد ِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : َأُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ قَالُوا : بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ : بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ : يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ، قَالَ : يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ رواه البخاري.

يا نساء المؤمنين :

أخرجن زكاة أموالكن وذهبكن الملبوس والمحفوظ فإن الذهب الملبوس تجب فيه الزكاة قال بذلك جمع من الصحابة منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن أئمة الفقه أبي حنيفة ومن العلماء المعاصرين ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين وغيرهم ، وأكثرنَ من الصدقات، والتزمنَ الحجابَ الشرعي، وغطين الوجه، والبسن الساترَ الواسعَ الطويلَ من الثياب الذي لا يكون فيه فتنةٌ، ولا تَلْبَسْنَ أو تُلْبِسْنَ بناتكن قصيرًا أو ضيِّقًا أو شفافًا فإنكن عن بناتكن مسؤولات.

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا وهل تعرف المرأة ثم تؤذى إلا بكشف وجهها

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعزَّ دينك وأعلِ كلمتك، وانشر على العباد رحمتك، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، واحفظنا ووالدينا ووالدي والدينا، وذرياتنا بحفظك، وأصلح قلوبنا واجعلنا من أهل الجنة، اللهم احْقِنْ دماء المسلمين، وأصلح أحوالهم وولِّ عليهم خيارهم، اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحد الجنوبي ، وثبِّت أقدامَهم وسدِّد رميهم واجمع على الحق كلمتهم وانصرهم على الحوثيين، اللهم عليك بالرافضة أجمعين وبأذنابهم من الخونة المفسدين، اللهم طهر الاقصى من دنس اليهود ،واشدد وطأتك عليهم وخالف بين قلوبهم وصُبَّ عليهم العذاب صبًّا.

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وارزقه بطانة صالحة ناصحة، اللهم احفظ لنا بلادنا وولاة أمرنا وعلمائنا ، اللهم اجعل بلادنا آمنةً مطمئنةً وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم تَقَبَّلْ منا صالحَ أعمالنا (سُبحان رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات: 180 - 182].

1439/12/4.

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 1 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة