الدرس 302 تحريم الوصية لبعض الورثة

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1184 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

إخوتي الأكارم؛

نظم لكم ربكم التصرف في أموالكم اكتسابا وتصريفا فبين لكم كيف تكسبونها وكيف تتصرفون فيها وتصرفونها، نظم ذلك لكم في حياتكم وبعد مماتكم ففي حياة الإنسان يستطيع الحر المكلف الرشيد أن يتصرف في ماله بيعا وشراء وإجارة ورهنا ووقفا وهبة ووصية على وفق الحدود الشرعية التي بينها الشارع، وذلك معلوم ولله الحمد وبعد ممات الإنسان حفظ الله له المال بأن تولى قسمته بنفسه على أولى الناس به ففرض المواريث وقسمها وقال "آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا " (النساء 11) وأخبر أن هذه حدوده وقال "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ" (النساء 13 ، 14) وقال نبيه صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث"، صحيح الجامع للألباني، فلا يجوز لأحد أن يوصي لبعض ورثته دون بعض لا بشيء من أعيان المال ولا بشيء من منافعه وغلاته فلو أراد أحد أن يوصي لبعض الورثة بدراهم أو عقار لكان جائراً في الوصية ولم يجز تنفيذها إلا بإجازة بقية الورثة المرشدين، وكذلك لا يجوز أن يوصي لبعض ورثته بأجرة شيء من عقاره سواء أوصى له بذلك دائما أو مدة معينة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "فلا وصية لوارث" وقد أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وأن الوصية للوارث حرام.

أخي الفاضل؛ إننا إذا نظرنا إلى النصوص الشرعية فإنه لا شك أن الوصية بشيء من المال لبعض الورثة داخل في قوله صلى الله عليه وسلم "فلا وصية لوارث" ، فإذا كان لا يجوز أن يوصي لبعض الورثة بسكنى شيء أو استثمار شيء من عقاره لمدة سنة، فكيف يجوز أن يوصي له بما يقتضي سكنى الدار واستثمار العقار دائما وأبدا، فإذا كان الله تعالى قد فرض للورثة ومن جملتهم أولادك الذين خصصتهم بالوصية بالوقف عليهم، إذا كان الله تعالى قد فرض لكل وارث حقه ونصيبه فكيف يجوز أن توصي لأولادك بوقف شيء من مالك عليهم ألم يكن هذا تعديا لحدود الله واقتطاعا من حق بعض الورثة لورثة آخرين وهذا معناه الجور في الوصية والمضارة للورثة إذا فإذا قال الإنسان أوصيت بثلثي أو ببيتي أو بعقاري يكون وقفا على أولادي، وله ورثة غير الأولاد، فهذه وصية لوارث وتعد لحدود الله فيكون حراما قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:" لا يحل لأحد أن يوقف وقفا يتضمن المحرم، والظلم بأن يكون وقفه مشتملا على تخصيص أحد الورثة دون الآخرين"، ثم قال: "فإن العبد ليس له أن يتصرف في ماله بمقتضى شهوته النفسية وهواه، بل عليه أن لا يخالف الشرع ولا يخرج عن العدل،" هذا كلامه في كتاب المختارات الجلية وقال في كتاب آخر كتاب الإرشاد:" إن أعظم مقاصد الوقف أن يكون معينا على البر والتقوى".

فيعلم من هذا أن الأوقاف التي يقصد بها حرمان بعض الورثة منافية لمقصود الوقف كل المنافاة، وأن وقف ثلث مال الإنسان على بعض ورثته مخالف لهذا الشرط ومناف لما انعقد عليه الإجماع من أنه لا وصية لوارث انتهى

وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وجنبنا الجور والظلم ورزقنا العدل في تعاملنا مع فلذات أكبادنا

وبالله التوفيق

1435-5-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 4 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي