الدرس 303 تفسير سورة العصر

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1567 القسم: الفوائد الكتابية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أيها الإخوة: حديثي إليكم عن هذه السورة العظيمة قال الإمام الشافعي رحمه الله عن هذه السورة لو لم ينزل على الناس إلا هذه السورة لكفتهم فهو قد استند على قول الله تعالى: "وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) "

فأقسم الله تعالى بالعصر وهو الدهر الذي هو ميدان العاملين ومضمار المتسابقين، الدهر الذي يختلف الناس في استهلاكه اختلافا كبيرا فمنهم من يستهلكه في طاعة مولاه، وإصلاح أمته، وهؤلاء هم الرابحون، ومنهم من يستهلكه في معاصي الله، وإفساد أمته، وهؤلاء هم الخاسرون أقسم الله بهذا العصر على أن كل إنسان من بني آدم، فهو في خيبة وخسر مهما كثر ماله وولده وعظم قدره، وشرفه إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة

أحدها: الإيمان، ويشمل كل ما يقرب إلى الله تعالى من اعتقاد صحيح وعلم نافع الثاني: العمل الصالح، وهو كل قول أو فعل يقرب إلى الله بأن يكون فاعله لله مخلصا ولمحمد صلى الله عليه وسلم متبعا

الثالث: التواصي بالحق وهو التواصي على فعل الخير والحث عليه والترغيب فيه الرابع: التواصي بالصبر بأن يوصي بعضهم بعضا بالصبر على فعل أوامر الله، وترك محارم الله، وتحمل أقدار الله والتواصي بالحق والتواصي بالصبر يتضمنان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين بهما قوام الأمة وصلاحها ونصرها وحصول الشرف والفضيلة لها

وبين أسباب ذلك فقال:" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " (آل عمران 110)
فاتقوا الله أيها المسلمون، وحققوا هذه الفضيلة التي فضلتم بها على العالمين، فتآمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، واجتمعوا على ذلك، وأصلحوا أنفسكم وأهليكم وجيرانكم، واعلموا أنه ما اجتمع قوم على حق بنية خالصة وعمل صالح، إلا كلل اجتماعهم بالنجاح، وحصلوا على مقصودهم، ولن يتخلف النجاح عنهم إلا لأحد أمرين، إما نقص في إخلاصهم بأن يكون لأحدهم غرض غير ما اجتمعوا عليه، وإما لخلل في عملهم بأن لم يسلكوا الطرق الموصلة إلى المقصود على وجه صحيح

ولو تأملتم ذلك لوجدتموه ظاهرا في كل عمل تقومون به إذا اجتمعم عليه، وأحسنتم النية، وسلكتم طريق الحكمة في الوصول إلى مقصودكم وكم كانت النتيجة حصول المقصود على الوجه المطلوب بل ربما تكون النتيجة على وجه أفضل مما يتوقع

اللهم انفعنا بما جاء في هذه السورة الكريمة واعنا على تنفيذ ما أمرت به اللهم اجعلنا من المؤمنين العاملين بالصالحات المتواصين بالحق والصبر

وصلى الله على نبينا محمد

1435-5-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 1 =

/500