الدرس 312 الطلاق

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1482 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:

إخواني:

اعلموا أن الله سبحانه فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها، فاعرفوا حدود الله وأحكامه واعملوا بما تقتضيه شريعته الكاملة، ألا وإن مما أحكمه الله شرعا وتنظيما ذلك النكاح الذي جعله الله صلة بين بني آدم وسببا للقربى بينهم، ورتب لعقده وفسخه أحكاما معلومة وحدودا معروفة فهو عقد عظيم خطير يترتب عليه من أحكام الله شيء كثير، يترتب عليه النسب والإرث والمحرمية والنفقات وغيرها فمن ثم اعتنى الشارع به اعتناء عظيما بالغا، فجعل له شروطا وحرمات ونحن نذكر هنا شيئا من ذلك فمن شروط عقد النكاح أن يكون بولي بالغ عاقل يعرف الكفؤ من الناس ومصالح النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. فالمرأة لا تزوج نفسها ولا غيرها لا بطريق الأصالة ولا بطريق الوكالة، والولي هو العاصب، وأحق الناس بالولاية أقربهم، ولا ولاية لمن يدلي بالأم فقط كأبي الأم والخال والأخ من الأم لأن الولاية في النكاح للعصبة فقط، ويجب على الولي أن يتقي الله تعالى وأن يراعي مصلحة المرأة ويزوجها من هو كفؤ لها دينا وخلقا إذا رضيته، ولا يحل له أن يمنعها من الكفؤ فإن فعل فقد عصى الله ورسوله وسقطت ولايته عليها ويزوجها غيره من أوليائها ومن شروط عقد النكاح رضا المرأة إذا كانت بالغة، فلا يجوز أن تزوج المرأة بغير رضاها سواء كانت بكرا أم ثيبا وسواء كان الذي يريد أن يزوجها أبوها أو غيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح البكر حتى تستأذن" ، وفي رواية لمسلم "والبكر يستأمرها أبوها" وقد كان بعض العلماء رحمهم الله يقولون لا بأس أن يجبر الأب ابنته البكر، ولكن قولهم ضعيف لأنه يخالف الحديث ولأنه يترتب على ذلك مفاسد كثيرة غالبا، ولأن كثيرا من الناس قد يجبر ابنته لمصلحة نفسه، فإذا كان لا يملك أن يجبرها على بيع أقل شيء من مالها فكيف يملك أن يجبرها على بذل نفسها لمن لا تهواه ولا ترضاه؟ إذا فلا بد من رضا المرأة بكرا كانت أم ثيبا ولكن لو فرضنا أنها رغبت الزواج بشخص لا يرضى دينه فإنه يجب أن تمنع منه ومن شروط النكاح أن تكون الزوجة والزوج خاليين من الموانع، فلا يصح النكاح في حال يحرم العقد فيها، فلا يصح من المحرم بحج أو عمرة ولا على المحرمة بحج أو عمرة، ولا يصح النكاح والمرأة في عدة من غيره ولا يجوز للرجل أن يخطب المرأة المعتدة من غيره ومن شروط النكاح حضور شاهدين عدلين ومن اهتمام الشارع بعقد النكاح أن رتب للخروج منه حدودا لا بد منها، فإذا أراد الرجل طلاق امرأته فليصبر وليتأن لعل الله أن يغير الأحوال، وربما غير البغض محبة لأن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء " فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"(النساء 19) إذا كان لا بد من الطلاق فليطلقها على الوجه الشرعي، وهو أن يطلقها طلقة واحدة وهي حامل أو في طهر لم يجامعها فيه، ولا يحل له أن يطلقها وهي حائض ولا في طهر جامعها فيه إلا أن يتبين حملها، فإن طلقها وهي حائض فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر وهو في ذلك لا يجامعها ثم ليطلقها بعد ذلك إن شاء ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن عبد الله بن عمر طلق زوجته وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:" ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها،" فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء.

فرأي اللجنة الدائمة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله أن المرأة إذا طلقت وهي حائض أو في طهر واقعها فيه أن الطلاق لا يقع وإذا قال أنت طالق بالثلاث تعتبر واحدة وإذا قال أنت طالق طالق طالق فإن كانت نيته تأكيد الأولى فتعتبر واحدة وإن كانت نيته إيقاع الثلاث فتعتبر ثلاث وعندئذٍ لا يحل له الرجوع إليها إلا إذا تزوجت من زوج آخر زواج رغبة واقعها فيه ثم طلقها فله أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين بعد إنتهاء عدتها من الأول.

اللهم اجمع شمل الأسر ولا تجعل الشيطان سبباً في تشتيتها.

وبالله التوفيق

1435-5-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 1 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي