الدرس 313 صلاة الكسوف

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1723 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد؛

اشكروا نعمته عليكم بما سخر لكم من مخلوقاته فقد سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار سخر لكم الشمس والقمر لقيام مصالحكم الدينية والدنيوية والفردية والجماعية فكم من مصلحة في تنقل الشمس في بروجها وتعاقب الفصول وكم من مصلحة في ترددها في شروقها وغروبها وكم من مصلحة في تنقل القمر في منازله ومعرفة السنيين والحساب في إبداره وإهلاله فقد جعل الله الشمس والقمر آيتين من آياته الدالة على كمال علمه وعزته وتمام قدرته وحكمته تسيران بأمر الله تعالى سيرهما المعتاد الشمس ضياء وسراج وهاج والقمر نورٌ مضيءٌ لظلمة الليل للعباد فإذا أراد الله تخويف عباده كسفهما بأمره فانطمس نورهما كله أو بعضه بما قدره من أسباب تقتضي ذلك يقدر الله تعالى ذلك تخويفاً للعباد ليتوبوا إليه ويستغفروه ويعبدوه ويعظموه.

الإخوة الأكارم: إن الكسوف في الشمس أو في القمر تخويف من الله لعباده يخوفهم من عقوبات قد تنزل بهم انعقدت أسبابها ومن شرورٍ مهلكةٍ انفتحت أسبابها إن الكسوف نفسه ليس عقوبة ولكنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يخوِّفُ اللهُ بهما عبادَه " صحيح الجامع للألباني، فهو تخويف من عقوبات وشرور تنزل بهم إذا خالفوا أمر الله وعصوه ولقد ضل قوم غفلوا عن هذه الحكمة ولم يروا في الكسوف بأساً ولم يرفعوا به رأساً لا يرجعون إلى ربهم بهذا الإنذار ولا يقفون بين يديه بالذل والانكسار قالوا هذا الكسوف أمرٌ طبيعي يعلم بالحساب فوالله ما مثل هؤلاء إلا مثل من قال الله عنهم من الكفار المعاندين "وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ " (الطور 44) ما أدري عن هؤلاء الذين لم يرفعوا رأساً للكسوف ولم يبالوا به ما أدري عنهم أهم في شك مما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجعوا إلى سنته فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ثبوتاُ لا شك فيه، إذاً فهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: يخوف الله بهما عباده هل قال ذلك على الله من تلقاء نفسه هل قال ذلك جاهلاً بما يقول؟! كلَّا واللهِ ما تَقَوَّل ذلك على الله، ولا قاله جاهلاً بمعناه، ونحن نشهد الله عز وجل ونشهد كل من يسمعنا من خلقه أن ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حق وأنه ما كذب وأنه صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق لعباد الله وأصدقهم قولاً وأفصحهم بياناً وأهداهم سنةً وطريقا فصلوات الله وسلامه عليه.

ونحن نقول لمن لم يقدر على التوفيق بين نصوص الشريعة والواقع ولمن تساءَلَ عن ذلك نقول له: إن كون الكسوف أمرًا يعرف بالحساب لا ينافي أبداً أن يكون حدوثه من أجل التخويف فلله تعالى في تقدير الكسوف حكمتان: حكمة قدرية يحصل الكسوف بوجودها وهذه معروفه عند علماء الفلك وأهل الحساب ولم يبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الجهل بها لا يضر؛ وحكمة شرعية وهي تخويف العباد وهذه لا يعلمها إلا الله أو من أطلعه الله عليها من رسله فهل باستطاعة أحد أن يعلم لماذا قدر الله الكسوف إلا أن يكون عنده وحي من الله تعالى بأنه قدره لكذا وكذا وهذا هو ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: يخوف الله بهما عباده وهذا يبطل ظن من ظن من الجهال أن الكسوف أمر طبيعي إذ لو كان أمراً طبيعياً لكان منتظم دورياً كل ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو سنة أو سنتين مثلاُ ونحن نشاهد أن الكسوفات تتفاوت ويتفاوت ما بينها.

اللهم اصرف عنا عقوبتك وسخطك بسبب ذنوبنا وتقصيرنا.

وبالله التوفيق

1435-5-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 5 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي