الدرس التسعون: باب محظورات الإحرام

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 3 جمادى الآخرة 1434هـ | عدد الزيارات: 1781 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

محظورات الإحرام أي المحظورات بسبب الإحرام

فالمحظورات هي الممنوعات قال تعالى :" وما كان عطاء ربك محظورا " أي ممنوعاً

فمحظورات الإحرام تسعة

أولاً: حلق الشعر الدليل قوله تعالى :" ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله " حلق الشعر عموماً حتى العانة والشارب والساق وما أشبه ذلك

ثانياً: تقليم الأظافر أي قصها وقلمها بالمبراة وكانوا في الماضي يقلمون الظفر بالسكينة الصغيرة يقطعون بها الظفر وتقليم الأظافر لم يرد فيه نص لا قرآني ولا نبوي لكنهم قاسوه على حلق الشعر والأظفار يشمل أظافر اليد وأظافر الرجل

فإذا حلق حلقاً يكاد يكون كاملاً يسلم به الرأس من الأذى فعليه دم وهذا قول الإمام مالك والدليل على ذلك قوله تعالى :" فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك

ثانياً : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه . أخرجه البخاري ومسلم باب جواز الحجامة للمحرم

والحجامة في الرأس من ضروراتها أن يحلق الشعر من مكان المحاجم ولا يمكن سوى ذلك ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه افتدى لأن الشعر الذي يزال من أجل المحاجم لا يزال به الأذى فهو قليل بالنسبة لبقية الشعر وعلى هذا فنقول من حلق ثلاث شعرات أو أربعاً أو خمساً أو عشراً أو عشرين فليس عليه دم ولا يسمى هذا حلقاً قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منسكه ص 27: وله أن يحك بدنه إذا حكه ويحتجم في رأسه وغير رأسه وإن احتاج أن يحلق شعراً لذلك جاز ويقتصد إذا احتاج إلى ذلك . أهـ

وحلق عشرين شعرة لا يوجب دماً لكنه لا يجوز

وكذا عقد النكاح والخطبة حرام على المحرم غير أنه ليس فيهما فدية فحلق جميع الرأس محرم وفيه الفدية وحلق بعضه محرم ولا فدية فيه

فخلاصة القول المسألة من ثلاث محاور

المحور الأول: حلق جميع الرأس للحاجة يجوز وعليه دم

المحور الثاني: حلق يسير منه للحاجة لا حرج كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حين احتجم

المحور الثالث: حلق يسير لغير حاجة لا يجوز

ثم اعلم أن العلماء في محظورات الإحرام إذا قالوا دم فلا يعنون أن الدم متعين بل هو أحد أمور ثلاثة

أولاً: الدم

ثانياً: إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع

ثالثاً: صيام ثلاثة أيام إلا الجماع في الحج قبل التحلل الأول فإن فيه بدنه وإلا جزاء الصيد فإن فيه مثله

والبعض من الإخوة المفتين كلما أتاهم إنسان قالوا عليك دم فيذهب العامي وهو لا يدري ويتكلف بشراء الدم وربما يستدين لذلك لكن لو قيل له أنت بالخيار دم أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو صيام ثلاثة أيام يهون عليه الأمر والواجب أن يبين للناس الحكم الشرعي والدليل قوله تعالى :" ففدية من صيام أو صدقة أو نسك

فالمحظورات إذا ما لا فدية فيه وما فديته بدنه وما فديته مثله وما فديته التخيير بين هذه الأمور الثلاثة وهذا هو أكثر المحظورات مع ملاحظة أن من كان ناسياً أو جاهلاً لا شيء عليه

ولا يحرم على المحرم أن يحك رأسه إلا إذا حكه ليتساقط الشعر فهو حرام لكن من حكه بدافع الحكة ثم سقط شيء بغير قصد فإنه لا يضره وقيل لعائشة إن قوماً يقولون بعدم حك الرأس قالت لو لم أستطع أن أحكه بيد لحككته برجلي . أخرجه مالك في الموطأ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منسكه ص27 : وله أن يحك بدنه إذا حكه وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره لم يضره وإن تيقن أنه قطع بالغسل وترى بعض الحجاج إذا أراد أن يحك رأسه نقر بأصبعه على رأسه خوفاً من أن يتساقط شعره علماً بأنه لو سقط لا حرج لأنه لم يتعمد إسقاطه بل سقط مع حاجة الحك

ومن غطى رأسه بملاصق فدى والملاصق مثل الطاقية والغترة والعمامة وما أشبه ذلك ودليل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي وقصته راحلته في عرفة " لا تخمروا رأسه " أخرجه البخاري

أي لا تغطوه وهذا عام في كل غطاء وأما العمامة فجاء فيها نص خاص فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل ما يلبس المحرم قال : لا يلبس القميص ولا السراويلات ولا البرانس ولا العمائم ولا الخفاف . أخرجه البخاري، والرسول استثنى من ذلك من لم يجد نعلين فليلبس الخفين

وإن لبس ذكر مخيطاً فدى والمخيط عند الفقهاء كل ما خيط على قياس عضو أو على البدن كله

مثل القميص والسراويل والجبة والصدرية وما أشبهها وليس المراد بالمخيط ما فيه خياطه

ثانياً: لا بد أن يلبس على عادة اللبس فلو وضعه وضعاً فليس عليه شيء لأنه ليس لبساً لها

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ص 22 : فله أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص ونحو ذلك ويتغطى به باتفاق الأئمة عرضاً ويلبسه مقلوباً يجعل أسفله أعلاه ويتغطى باللحاف وغيره ولكن لا يغطي رأسه إلا لحاجة

أما المرأة فلها أن تلبس ما شاءت فليس لها ثياب معينة للإحرام إلا أنه لا يجوز أن تلبس ما يكون تبرجاً وزينة لأنها سوف تكون أمام الناس في الطواف والسعي ويحرم عليها القفازات والنقاب والقفازات لباس اليدين والنقاب لباس الوجه ولا يحرم عليها الجوارب والأفضل لها كشف الوجه وهي محرمة ما لم يكن حولها رجال أجانب فيجب عليها أن تستر وجهها عنهم ويحرم على الرجل لباس الجوارب والقفازات والجوارب لباس القدمين والقفازين لباس اليدين

ومن محظورات الإحرام طيب بدنه أو ثوبه ودليل ذلك حديث ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم : لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس . متفق عليه ، والزعفران طيب ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي وقصته ناقته في عرفه : لا تحنطوه . وتحنيط الميت أطياب مجموعة تجعل في مواضع من جسمه وهذا عام لكل طيب وقال : فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا . وهذا دليل على أن المحرم لا يجوز استعمال الطيب

والحكمة أن الطيب يعطي الإنسان نشوة وربما يحرك شهوته ويلهب غريزته ويحصل بذلك فتنة له والله تعالى يقول : فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" سورة الحج آية 197

ثم إنه قد ينسيه ما هو فيه من العبادة فلذلك نهي عنه ، والطيب هنا يشمل الطيب في الرأس وفي لحيته وفي صدره وفي ظهره وفي أي مكان من بدنه وفي ثوبه أيضاً ولو مسح على جلده بدهن فيه طيب فإنه لا يجوز لأنه سوف يعلق به وتبقى رائحته وأما شم الطيب تلذذاً به فالأحوط والأبرء للذمة ترك ذلك أما شمه بلا قصد أو بدون تلذذ فلا حرج في ذلك

ويحرم على المحرم أن يتبخر بعود ونحوه لأنه يكون متطيباً ويفدي

وبالله التوفيق

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-6-3

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر