الدرس142 باب احترام أسماء الله وتغيير الاسم لأجل ذلك

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 27 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 5880 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قول المصنف " باب احترام أسماء الله وتغيير الاسم لأجل ذلك"

أراد المصنف بيان وجوب احترام أسماء الله والحذر من امتهانها أو تسمية غير الله بها من الأسماء التي اختص الله بها، ولهذا شرع تغيير الاسم من أجل احترامها وتعظيمها ،فلا يجوز أن تمتهن أو توضع في أشياء تستعمل وتهان كأن تكتب على أشياء تمتهن وتهان أو تقع في الشوارع والقاذورات ومن وجد شيئا من ذلك وجب عليه رفعه أو إتلافه أو إزالة اسم الله منه ، فهذا من احترام أسماء الله ، والأسماء قسمان:

الأول : أسماء لا يُسمَّى بها إلا اللهُ سبحانه ، كلفظ الجلالة (الله) ، و(الرحمن) و(الخالق).

الثاني: أسماء يُسمَّى بها المخلوقُ ويُسمَّى بها الخالق مثل الملك والعزيزوأشباه ذلك ، فيكون لله ما يليق به وللعبد ما يليق به ، والمراد بها هنا الأول .

وأسماء الله عز وجل هي التي سمَّى بها نفسَه، أو سماه بها رسولُه صلى الله عليه وسلم.أو استأثر بها في علم الغيب.

قوله "وتغيير الاسم" أي إذا سمي شيء من المخلوقات باسم من أسماء الله الخاصة به كـ(الله) و(الرحمن) وما أشبه ذلك من أسمائه الخاصة به فإنه يجب تغيير الاسم احتراما لأسماء الله .

قوله :"من أجل ذلك" أي من أجل احترام أسماء الله تعالى.

قول المصنف :"عن أبي شريح أنه كان يكنى أبا الحكم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله هو الحكم، وإليه الحكم فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين. فقال: ما أحسن هذا! فما لك من الولد؟ قلت: شريح، ومسلم، وعبد الله قال: فمن أكبرهم؟. قلت: شريح. قال: فأنت أبو شريح" رواه أبو داود وغيره.

الحديث جاء بهذا اللفظ عن هانئ بن يزيد أنه " لمَّا وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يُكنّونه بأبي الحكم فدعاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:إنَّ اللهَ هو الحَكَمُ، وإليه الحُكْمُ، فَلِمَ تُكَنَّى أبَا الحكم؟ فقال: إنَّ قومي إذا اختلفوا في شيء أتَوْني فحكمتُ بينهم فرضى كلا الفريقين. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ما أحْسَنَ هذا. فما لكَ من الولد؟ قال: لي شريحٌ ومسلمٌ وعبدُ الله. قال: فَمَنْ أكبرُهم؟ قلتُ: شريحٌ. قال: فأنت أبو شريح" والحديث رواه أبو داود ، والنسائي في كتاب المجتبى (السنن الصغرى). وسكت عنه أبو داود، وصحَّحَ إسناده عبدالحق الإشبيلي في(الأحكام الصغرى) (819)، كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وصححه الألباني في (الإرواء)ن و(صحيح الجامع)، وفي(صحيح سنن أبي داود)

قوله :"عن أبي شريح"هو هانئ بن يزيد الكندي بن نهيك أبو شريح ، صحابي له رواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

"أنه كان يكنى" الكنية ما صدّر بأب أو أم ، كأبي عبد الله وأم هانيء ، وإلى ما يلابسه كأبي هريرة ، وقد تكون بالأوصاف كـ أبي الفضائل وأبي المعالي وأبي الخير، وقد تكون للعلمية الصرفة كـ أبي بكر، والكنية تكون للتشريف والتكريم ، وأما اللقب فإنما يكون للمدح وللذم ، فالمدح أسد الله وسيد الشهداء لقب لـ(حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه) ومثل: سيف الله المسلول لقب لـ(خالد بن الوليد رضي الله عنه) ، ولقب الذم مثل: أبو جهل، لقب لـ( عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي) ولذلك يقول الله جل وعلا :" ولَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ " (الحجرات11)

قوله "أبا الحَكمَ" الحكم هو الذي يحكم بين الناس، ويفصل النزاع، ومنه سُمِّي الحاكم حاكمًا؛ لأنه يفصل بين الناس، وقال ابن باز في هذه المسألة ،:" ... قد أقرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أسماء منها: الحكيم بن حزام، ومنها الحكم بن عمرو الغفاري، وأسماء أخرى، ولم يغيرها ، ولو كانت منكرة لغيرها عليه الصلاة والسلام ... فيدل هذا على أن مثل هذا لا حرج فيه أن يسمى الحكم والحكيم، ويكون هذا معارضًا لما جاء في الحديث المذكور هذا، والجمع بينهما، على تقدير سلامة هذا الحديث من العلة، أن هذا هو الأفضل ألا يكنى بأبي الحكم، ويكنى بكنية أخرى، وأما الجواز فيجوز؛ لأن الرسول ﷺ أقر حكيمًا، وأقر الحكم، ولم يغير أسماءهما، فيكون هذا هو الصواب.".

قوله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ اللهَ هو الحَكَمُ، وإليه الحُكْمُ، "أي منه يبتدأ الحكم، وإليه ينتهي الحكم.

قوله :"قال: شريح ومسلم وعبد الله" صريح في أن الواو لا تقتضي الترتيب وإنما تقتضي مطلق الجمع فلذا سأله رسولُ الله عن الأكبر إذ لو كانت دالة على الترتيب لم يحتج إلى سؤال عن أكبرهم.

قوله :"فأنت أبو شريح" أي رعاية للأكبر فإن الكبير أولى بذلك.

قول المصنف :" فيه مسائل:

الأولى: احترام أسماء الله وصفاته ولولم يقصد معناه ، قوله "ولو لم يقصد معناه" هذا إذا سمي بما لا يصح إلا لله، مثل: الله، الرحمن، الرحيم ، وما أشبهه فهذه لا تطلق إلا على الله مهما كان.

الثانية : تغيير الاسم من أجل ذلك ، أي من أجل احترام أسماء الله .
الثالثة: اختيار أكبر الأبناء للكنية؛ تؤخذ من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن أكبرهم قال: شريح. قال: فأنت أبو شريح".

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1434/5/26هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي