الدرس116 باب قول الله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ 2

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف :"باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين}(المائدة 23)

هذه الآية في قصة موسى عليه السلام مع قومه، لما قال لهم :{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } (المائدة21) ، يعني أرض فلسطين، ليخلصوها من الوثنيين؛ لأنها كانت بأيديهم، وموسى عليه السلام أمر بالجهاد؛ لنشر التوحيد ، ومحاربة الشرك والكفر بالله. فأمرهم بالتوكل على الله عز وجل إن تحققت فيهم صفة الإيمان .

قول المصنف :" قال الله تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } (الأنفال 2)

المؤمن هو الذي إذا ذكر الله وَجِل قلبه، وانقاد لأمره، وخضع لذكره، خوفًا منه، وهربا من عقابه. وإذا قرئت عليه آيات كتابه صدّق بها، وأيقن أنها من عند الله, فازداد بتصديقه بذلك، إلى تصديقه بما كان قد بلغه منه قبل ذلك، تصديقًا. "وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ "،بالله يوقنون، في أن قضاءه فيهم ماضٍ، فلا يرجون غيره، ولا يرهبون سواه.

قول المصنف :" قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " (الأنفال 64)

أي الله وحدَه كافيك ، وكافي أتباعك فلا تحتاجون معه إلى أحد ، فالواجب على المؤمن أن يتوكل على الله مع أخذه بالأسباب التي تنفعه في دينه ودنياه، وترك الأسباب التي تضره فيعمل الطاعات ويترك المعاصي.

قول المصنف :"قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " (الطلاق 3) هذا فيه ثمرة التوكل على الله، واللهُ يكفي مَنْ توكَّلَ عليه.

قول المصنف :"عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ: قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.الآية " رواه البخاري والنسائي ".

حديث ابن عباس قال "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ "(آل عمران 173) قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار ، وإبراهيم عليه السلام بعثه الله في قوم وثنيين في أرض (بابل) يعبدون الكواكب ويبنون لها الهياكل وينحتون الأصنام فأنجاه الله من النار حين ألقاه قومه فأمر الله النار بقوله ،" قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ " (الأنبياء69) ، فصارت آية معجزة تدل على صدق رسالته، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أحد حين قالوا له : إن المشركين قد جمعوا لكم ليكروا عليكم ثانية فقال عليه السلام :"حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" فكفاه الله . وهكذا ينبغي للمسلم أن يقولها عند الشدائد.

قول المصنف : فيه مسائل:
الأولى: أن التوكل من الفرائض ؛ ووجهه أن الله علق الإيمان بالتوكل في قوله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
الثانية: أنه من شروط الإيمان ، تؤخذ من قوله تعالى :"إن كنتم مؤمنين "

الثالثة :تفسيرآية الأنفال: وهي قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.
الرابعة: تفسير الآية في آخرها ، أي آخر الأنفال ، وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .

الخامسة : تفسير آية الطلاق ، وهي قوله تعالى :"وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ".

السادسة : عظم شأن هذه الكلمة وأنها قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم في الشدائد ، يعني قول "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ "

وبالله التوفيق

وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/4/16 هـ