الدرس الثاني بــاب الآنية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 20 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 2792 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

بــــاب الآنية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "باب" هو ما يدخل منه إلى الشيء

قوله "الآنية"الأصل في الآنية الحل لأنها داخلة في عموم قوله تعالى "هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعا" البقرة (29) ومنه الآنية لأنها مما خلق في الأرض

قوله "كل إناء طاهر" هذا احتراز من النجس فإنه لا يجوز استعماله فهو قذر وهذا فيه نظر لأن النجس يباح استعماله إذا كان على وجه لا يتعدى مثل شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود لحديث جابر بن عبدالله "أنَّهُ سَمِعَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ عَامَ الفَتْحِ وَهو بمَكَّةَ: إنَّ اللَّهَ وَرَسوله حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالأصْنَامِ، فقِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ؛ فإنَّه يُطْلَى بهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بهَا الجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بهَا النَّاسُ؟ فَقالَ: لَا هو حَرَامٌ" رواه البخاري ومسلم

قوله "ولو ثمينا" أي ولو كان غاليا مثل الجواهر والزمرد والماس وما شابه ذلك فإنه مباح اتخاذه واستعماله

قوله"يباح اتخاذه واستعماله" أي أنه يباح كل إناء طاهر ولو ثمينا

قوله "إلا آنية ذهب وفضة" يشمل الصغير والكبير حتى الملعقة والسكين

قوله "ومضببا بهما فإنه يحرم اتخاذها واستعمالها ولو على أنثى" الضبه التي أُخذَ منها التضبيب وهي شريط يجمع بين طرفي المنكسر فيكون المضبب بهما حراما وسواء كان خالصا أو مخلوطا إلا ما استثني والدليل حديث حذيفة رضي الله عنه "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة" رواه البخاري ومسلم وقوله "ومضببا بهما... إلخ" يشمل الرجال والنساء فلا يجوز للمرأة أواني الذهب والفضة

قوله "وتصح الطهارة منها" يعني تصح الطهارة من أنية الذهب والفضة فلو جعل إنسان لوضوئه آنية من ذهب فالطهارة صحيحة والاستعمال محرم

قوله "إلا ضبة يسيرة من فضة لحاجة" هذا مستثنى من قوله "يحرم اتخاذها واستعمالها" والدليل على ذلك ماثبت في صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه "أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة" رواه البخاري ومسلم

قوله "وتكره مباشرتها لغير حاجة" أي تكره مباشرة الضبة اليسيرة ومعنى مباشرتها أنه إذا أراد أن يشرب من هذا الإناء المضبب شرب من عند الفضة فيباشرها بشفتيه

و المكروه عند الفقهاء ما نهي عنه لا على سبيل الإلزام بالترك وحكمه أنه يثاب تاركه امتثالا ولا يعاقب فاعله والصواب أنه ليس بمكروه وله مباشرتها لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج في اثباته إلى دليل شرعي ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوقى هذه الجهة من قدحه

قوله "وتباح آنية الكفار ولو لم تحل ذبائحهم وثيابهم إن جهل حالها" أي تباح آنية الكفار وثيابهم إن جهل حالها ولو لم تحل ذبائحهم والكفار يشمل الكافر الأصلي والمرتد والكفار الذين تحل ذبائحهم هم اليهود والنصارى فقط لقوله تعالى "وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ..." المائدة (5) والمراد بطعامهم ذبائحهم كما فسر ذلك ابن عباس رضي الله عنهما وليس المراد خبزهم وشعيرهم وما أشبه ذلك لأن ذلك حلال لنا منهم ومن غيرهم ولا تحل ذبائح المجوس والدهريين والوثنيين وغيرهم من الكفار أما آنيتهم فتحل وقوله "وثيابهم" أي تباح ثيابهم وهذا يشمل ما صنعوه وما لبسوه لان الأصل الحل والطهارة وكذلك ما لبسوه من الثياب فإنه يباح لنا لبسه وقوله "إن جهل حالها" فالأصل الطهارة حتى يتبين نجاستها

قوله "ولا يطهر جلد ميتة بدباغ" الدبغ تنظيف الأذى والقذر الذي كان في الجلد بواسطة مواد تضاف إلى الماء فإذا دبغ جلد الميتة فإن المؤلف يقول لا يطهر بالدباغ والصحيح أنه يطهرفقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ما يدل على أن جلد الميتة يطهر بالدباغ، متى دبغ طهر، ثبت في صحيح مسلم -رحمه الله- عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي ﷺ أنه قال: إذا دبغ الإهاب فقد طهر قال أهل اللغة: الإهاب جلد الميتة، جلد مأكول اللحم، فإذا أخذ الإنسان الجلد من الميتة البقرة أو شاة أو بعير ودبغه طهر

قوله "ويباح استعماله بعد الدبغ في يابس" أي يجوز استعمال جلد الميتة بعد الدبغ في يابس لا في رطب مثل الماء واللبن وقبل الدبغ لا يجوز في يابس ولا في غيره لأنه نجس والقول الراجح طهارته بالدباغ فإنه يباح استعماله في الرطب واليابس "لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توضئوا من مزادة امرأة مشركة" رواه البخاري ومسلم

قوله "من حيوان طاهر في الحياة" أي أن الجلد الذي يباح استعماله بعد الدبغ في اليابس هو ماكان من حيوان طاهر في الحياة والقول الراجح إن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ إلا أن تكون الميتة مما تحله الذكاة كالإبل والبقر والغنم ونحوها و أما مالا تحله الذكاة فإنه لا يطهر وهذا اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله والدليل أنه جاء في بعض ألفاظ الحديث "دباغتها ذكاتها" رواه أحمد وصححه ابن حجر

قوله "ولبنها" لبن الميتة نجس وإن لم يتغير بها لأنه مائع لاقى نجسا فتنجس به واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه طاهر لأن الشيء لا ينجس إلا بالتغير

قوله "وكل أجزائها نجسة"كاليد والرجل والرأس ونحوها لعموم قوله تعالى "إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ" الأنعام (145)

قوله "غير شعر ونحوه" كالصوف للغنم والوبر للإبل والريش للطيور والشعر للمعز والبقر وما أشبهها

قوله "وما أبين من حي فهو كميته" أي فصل من حيوان حي قوله "كميته" يعني طهارة ونجاسة حلاٍ وحُرمة

وبالله التوفيق

1434/3/19 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر