الدرس 97 الجزء الثالث ‌‌أسئلة مهمة وجوابها

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 29 شعبان 1445هـ | عدد الزيارات: 102 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وبعد:

س 1: يقال: إن المشركين الأولين كانوا يعترفون بأنهم ما يعبدون آلهتهم إلا ليقربوهم إلى الله، وكانوا يعبدون أصناما، فكيف تحكمون على من تسمونهم بالقبوريين بالشرك، وهم لا يعبدون أصناما، ولا قالوا إنهم يعبدون، ولكنهم يتبركون؟ .
جـ 1: العبادة ليست تعرف بآراء الناس وإنما هي بحكم الله عز وجل، فالمشركون الأولون معبوداتهم أقسام، منهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يعبد الأنبياء، ومنهم من يعبد الصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد غير ذلك. فليسوا على حد سواء، وقد كفرهم الله جميعا حتى يدخلوا في دين الله، وحتى يعبدوا الله وحده، قال تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران الآية 80) فجعل عباد النبيين والملائكة كفارا، إذا لم ينصاعوا إلى الحق، ومعلوم أن أهل الطائف يعبدون اللات، وهو رجل صالح فكفرهم الله، حتى دخلوا في الإسلام، وقاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلوا في الإسلام، وهكذا النصارى يعبدون المسيح، ويعبدون أمه، والمسيح نبي، وأمه صديقة، وهم كفار بذلك، وهكذا اليهود عبدوا أحبارهم ورهبانهم وعبدوا عزيرا، وقالوا: إنه ابن الله، وهم كفار بذلك، والله جل وعلا قال في محكم التنزيل: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} (الإسراء 56) {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (الإسراء 57)

س 2: وأما قول السائل: أولئك قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا، فاعترفوا بالعبادة ولكن هؤلاء المتأخرين ما يقولون إنهم يعبدونهم، ولكن يقولون إنهم يتبركون بهم؟

جـ 2: والجواب أن يقال: الاعتبار بالحقائق والمعنى لا باختلاف الألفاظ، فإذا قالوا: ما نعبدهم وإنما نتبرك بهم، لم ينفعهم ذلك، ما داموا فعلوا فعل المشركين من قبلهم، وإن لم يسموا ذلك عبادة، بل سموه توسلا أو تبركا، فالتعلق بغير الله، ودعاء الأموات والأنبياء والصالحين والذبح لهم أو السجود لهم، أو الاستغاثة بهم، كل ذلك عبادة ولو سموها خدمة، أو سموها غير ذلك؛ لأن العبرة بالحقائق لا بالأسماء كما تقدم.
ومن هذا القبيل قول الجماعة الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين لما رأوا المشركين يعلقون أسلحتهم على سدرة. قالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة » . (سنن الترمذي الفتن (2180) ، مسند أحمد بن حنبل (5/218))
فجعل المقالة واحدة، مع أن هؤلاء قالوا: اجعل لنا ذات أنواط، فجعل قولهم مثل قول بني إسرائيل؛ لأن العبرة بالمعنى والحقائق، لا بالألفاظ

س 3: وأما قول السائل: إنكم تدعون إلى التوحيد فما دليلكم على كلمة التوحيد، من أين اشتقت؟
جـ 3: فالجواب أن يقال على ذلك أدلة كثيرة من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. والتوحيد معناه توحيد الله يعني الاعتقاد أنه واحد لا شريك له. ومن الآيات الدالة على ذلك قوله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات 56) وقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء 25) والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وأما الأحاديث فمنها: ما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن: « ادعهم إلى أن يوحدوا الله ".

( قلت: ورد الحديث في صحيح البخاري التوحيد ، صحيح مسلم الإيمان) بهذا اللفظ رواه البخاري في الصحيح، وفي صحيح مسلم عن طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله "(قلت: ورد في صحيح مسلم الإيمان ، مسند أحمد بن حنبل ) ، فصرح بقوله: وحد الله فدل ذلك على أن هذا هو معنى لا إله إلا الله.
ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس، على أن يوحد الله » الحديث، (قلت: ورد في صحيح البخاري الإيمان ، صحيح مسلم كتاب الإيمان)وذلك تفسير لقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله » الحديث،، (قلت: ورد في صحيح البخاري الإيمان ، صحيح مسلم الإيمان) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

والله الموفق

٢٨ شعبان ١٤٤٥ هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر