الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛
قول المصنف : قوله:" فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ " (العنكبوت 17) ، أي اطلبوا عند الله الرزق، لأنه سبحانه هو الذي لا ينقضي ما عنده، مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ( النمل آية 96)
والرزق هو العطاء كما قال تعالى فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (النساء 8)
وقوله " عند الله " عند الله حال من الرزق، وقدم الحال مع أن موضعها التأخير عن صاحبها لإفادة الحصر، إذ أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، أي: فابتغوا الرزق حال كونه عند الله لا عند غيره.
قوله " واعبدوه " أي تذللوا له بالطاعة، لأن العبادة مأخوذة من التعبيد، وهو التذليل، ومنه قولهم طريق معبد، أي: مذلل للسالكين، قد أزيل عنه الأحجار والأشجار المؤذية، لأنكم إذا تذللتم له بالطاعة، فهو من أسباب الرزق، قال تعالى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (الطلاق آية 3)
فأمر أن نطلب الرزق عنده، ثم أعقبه بقوله (واعبدوه) إشارة إلى أن تحقيق العبادة من طلب الرزق، لأن العابد ما دام يؤمن أن من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، فعبادته تتضمن طلب الرزق بلسان الحال وطلب الرزق بلسان المقال بالاستغفار والدعاء.فقد أمر بالطلب منه وحده، والاستغاثة به وحده، وعبادته وحده، وفي الآية الرد على المشركين الذين يدعون غير الله ؛ ليشفعوا لهم عنده في جلب الرزق، فما ظنك بمن دعاهم أنفسهم واستغاث بهم ؛ ليرزقوه وينصروه، كما هو الواقع من عباد القبور، وطلب الرزق لا ينبغي إلا من الله، كما أن الجنة لا تطلب إلا منه .
قول المصنف: قوله تعالى وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (الأحقاف آية 5)
حكم الله تعالى بأنه لا أضلَّ ممن يدعو من دون الله، لا دعاء عبادة ولا دعاء مسألة واستغاثة، من هذه حاله، ومعنى الاستفهام هنا يفيد الإنكار، أي إنكارأن يكون في الضلال كلهم أبلغ ضلالا ممن عبد غير الله ودعاه.حيث يتركون دعاء السميع المجيب القادر على تحصيل كل بغية ومرام ويدعون من دونه من لا يستجيب لهم ولا قدرة به على استجابة أحد منهم مادام في الدنيا وإلى أن تقوم الساعة
وبالله التوفيق
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
1434-3-2هـ