الدرس 107 العاصي لا يخلد في النار

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 16 شوال 1442هـ | عدد الزيارات: 494 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

قول الله تعالى " إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " النساء 48 ، وقوله تعالى " وإني لغفارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى " طه 82 ، ليس بينهما تعارض ، فالآية الأولى في حق من مات على الشرك ولم يتب ، فإنه لا يُغفر له ومأواه النار ، كما قال الله سبحانه " إنه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار " المائدة 72 ، وقال عز وجل " ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون " الأنعام 88 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
أما الآية الثانية وهي قوله سبحانه " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " فهي في حق التائبين ، وهكذا قوله سبحانه " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " الزمر 53 ، أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين .

وأما قوله سبحانه " ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " فهي في حق من مات على ما دون الشرك من المعاصي غير تائب ، فإن أمره إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذَّبه ، وإن عذَّبه فإنه لا يخلد في النار خلود الكفار ، كما تقول الخوارج والمعتزلة ومن سلك سبيلهما ، بل لا بد أن يخرج من النار بعد التطهير والتمحيص كما دلَّت على ذلك الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه سلف الأمة .

الجواب عن سؤال أين الله ؟ بأن الله موجود في كل مكان ، هذا الجواب باطل وهو من كلام أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ومن سار في ركابهما ، والصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه في السماء فوق العرش فوق جميع خلقه كما دلَّت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وإجماع سلف الأمة ، كما قال عز وجل " إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش " الأعراف 54 ، وكرر ذلك سبحانه في ست آيات أخرى من كتابه العظيم .
ومعنى الاستواء عند أهل السنة هو : العلو والارتفاع فوق العرش على الوجه الذي يليق بجلال الله سبحانه ، لا يعلم كيفيته سواه كما قال مالك رحمه الله لما سئل عن ذلك : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ، ومراده رحمه الله السؤال عن كيفيته .
هذا المعنى جاء عن شيخه ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وهو مروي عن أم سلمة رضي الله عنها ، وهو قول جميع أهل السنة من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من أئمة الإسلام ، وقد أخبر الله سبحانه في آيات أخر أنه في السماء وأنه في العلو ، كما قال سبحانه " فالحكم لله العلي الكبير " غافر 12 ، وقال عز وجل " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " فاطر 10 ، وقال سبحانه " ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم " البقرة 255 ، وفي آيات كثيرة من كتاب الله الكريم صرح سبحانه أنه في السماء وأنه في العلو وذلك موافق لما دلت عليه آيات الاستواء .

وبذلك يُعلم أن قول أهل البدع بأن الله سبحانه موجود في كل مكان من أبطل الباطل وهو مذهب الحلولية المبتدعة الضالة ، بل هو كفر وضلال وتكذيب لله سبحانه وتكذيب لرسوله صلى الله عليه وسلم فيما صحَّ عنه من كون ربه في السماء ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم " ألَا تَأْمَنُونِي وأَنَا أمِينُ مَن في السَّمَاءِ، "، وكما جاء في أحاديث الإسراء والمعراج وغيرها .(قلت: الحديث اخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري)

* يجب على الولد بر والديه والإحسان إليهما وطاعتهما في المعروف ، لأن الله عز وجل أمر بذلك في كتابه الكريم في آيات كثيرة ، وهكذا رسوله صلى الله عليه وسلم أمر ببر الوالدين ، وجعل عقوقهما من أكبر الكبائر .ولكن لا تجوز طاعتهما ولا غيرهما في المعصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ."،(قلت:الحديث أخرجه البخار عن علي رضي الله عنه )، وقوله عليه الصلاة والسلام " لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق " (قلت:الحديث أخرجه البغوي في شرح السنة عن النواس بن سمعان الأنصاري ،وصححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح، وشعيب الأرناؤوط في سير أعلام النبلاء )" ، أما استخدام الخادمات الكافرات سواء كُنَّ بوذيات أو نصارى أو غيرهما من أنواع الكفرة فلا يجوز في هذه الجزيرة - أعني الجزيرة العربية - لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع من ذلك وأوصى بإخراج الكفار من هذه الجزيرة لأنها مهد الإسلام ومطلع شمس الرسالة ، فلا يجوز أن يجتمع فيها دينان ، ولا يجوز أن يُستقدم إليها كافر إلا لضرورة يراها ولي الأمر ثم يعاد إلى بلاده .

والواجب عليك وعلى والدتك إعادة الخادمة إلى بلادها ، ولا يجوز لك ولا لأمك أذاها ، بل الواجب استخدامها بإحسان حتى تُرَدُ إلى بلادها ، لأن الله عز وجل حرَّم الظلم على عباده مع الكفار والمسلمين ، لقوله صلى الله عليه وسلم " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " (قلت: أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله )، ولقوله عليه الصلاة والسلام عن الله عز وجل أنه قال " يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا " .(قلت : الحديث أخرجه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه وفي رواية أخرى "إنِّي حَرَّمْتُ علَى نَفْسِي الظُّلْمَ وعلَى عِبَادِي، فلا تَظَالَمُوا.")
* من تزوجت برجل ادعى الإسلام ، ومن أجل ذلك وافقت على الزواج منه ، وأنجبت منه أبناء ، ثم اتضح لها من سيرته أنه يستهزئ بالإسلام ويسبه ، ويقول : إن الأديان خرافة ، ولا يصلي ، ولا يصوم ، ولا يزكي ، ولا يحج ، ويشرب الخمر ، ويأكل الخنزير.

فإذا كنت صادقة فيما ذكرت فالمذكور ليس بمسلم ولا نصراني بل هو كافر ملحد لا دين له ، ولا يجوز لك البقاء معه ، بل يجب عليك أن تطلبي منه صك الطلاق ، وسوف يعوضك الله خيراً منه إن شاء الله ، لقول الله سبحانه في سورة الطلاق " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب " الطلاق 2 ، 3 ، وقوله سبحانه " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً " الطلاق 4 ، وأنت أحق بأبنائك منه ، لأنه كافر وأنت مسلمة ، والولد الصغير يتبع خير الأبوين ديناً ، ودين الإسلام هو الدين الحق ، وما سواه من الأديان باطل لقول الله عز وجل في سورة آل عمران " إن الدين عند الله الإسلام " آل عمران 19 ، وقوله سبحانه " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " آل عمران 85 ، وقول عز وجل في سورة المائدة " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " المائدة 3 .
وأسأل الله عز وجل أن يثبتنا وإياك على الإسلام ، وأن يجعل لكِ من كل هم فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، وأن يعوضك عن هذا الزوج زوجاً مسلماً صالحاً خيراً منه .

كما أسأله سبحانه أن يهدي زوجك هذا للإسلام ، وأن يرده إلى الحق ، وأن يعيذه من شر نفسه وشر الشيطان وشر جلساء السوء ، إنه جل وعلا جواد كريم وعلى كل شيء قدير .

وبالله التوفيق

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

15 - 10 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر