الدرس 82 استعمال الأدوية التي تحتوي على مواد مخدرة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 27 رجب 1442هـ | عدد الزيارات: 507 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد؛

الأدوية التي يحصل بها راحةٌ للمريض وتخفيفٌ للآلام عنه لا حرجَ فيها ولا بأسَ بها قبل العملية وبعد العملية إلا إذا عُلم أنها من شيء يُسْكِر كثيره فلا تستعمل لقوله صلى الله عليه وسلم " ما أسكرَ كثيرُه فقليلُه حرامٌ "(قلت: رواه النسائي وحسنه الألباني) ، أما إذا كانت لا تسكر ولا يسكر كثيرها ولكن يحصل بها بعض التخفيف والتخدير لتخفيف الآلام فلا حرج في ذلك.
* التيمم الصحيح مثل ما قال الله عز وجل " وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه " المائدة 6 ، والمشروع ضربة واحدة للوجه والكفين وصفة ذلك أنه يضرب التراب بيديه ضربة واحدة ثم يمسح بهما وجهه وكفيه كما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر رضي الله عنه "إنَّما كانَ يَكْفِيكَ أنْ تَقُولَ بيَدَيْكَ هَكَذَا " ، ثم ضرب بيديه الأرض ومسح بهما وجهه وكفيه ويشترط أن يكون التراب طاهراً ، ولا يشرع مسح الذراعين بل يكفي مسح الوجه والكفين للحديث المذكور.

ويقوم التيمم مقام الماء في رفع الحدث على الصحيح فإذا تيمم صلى بهذا التيمم النافلة والفريضة الحاضرة والمستقبلة ما دام على طهارة حتى يحدث أو يجد الماء إن كان عادماً له أو حتى يستطيع استعماله إذا كان عاجزاً عن استعماله فالتيمم طهور يقوم مقام الماء كما سمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم طهوراً .
* من أفطرت في أيام الدورة الشهرية ولم تتمكن من القضاء ومضى علي ذلك سنوات كثيرة ولا تعرف كم عدد الأيام التي عليها ، عليها ثلاثة أمور :

الأمر الأول : التوبة إلى الله من هذا التأخير والندم على ما مضى من التساهل والعزم على ألا تعود لمثل هذا ، لأن الله يقول " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " النور 31 ، وهذا التأخير معصية والتوبة إلى الله من ذلك واجبة .

الأمر الثاني : البدار بالصوم على حسب الظن " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " البقرة 286 ، فالذي تظنين أنكِ تركتِهِ من أيام عليكِ أن تقضيهِ فإذا ظننتِ أنها عشرة فصومي عشرة أيام وإذا ظننت أنها أكثر أو أقل فصومي على مقتضى ظنك لقول الله سبحانه " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " البقرة 286 ، وقوله عز وجل " فاتقوا الله ما استطعتم " التغابن 16.
الأمر الثالث : إطعام مسكين عن كل يوم إذا كنت تقدرين على ذلك يُصرف كله ولو لمسكين واحد فإن كنتِ فقيرة لا تستطيعين الإطعام فلا شيء عليك في ذلك سوى الصوم والتوبة .
والإطعام الواجب عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد ومقداره كيلو ونصف .
الحجاب الشرعي هو أن تحجب المرأة كل بدنها عن الرجال : الرأس والوجه والصدر والرجل واليد ، لأنها كلها عورة بالنسبة للرجل غير المحرم لقول الله جل وعلا " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " الأحزاب 53 ، وقوله " وإذا سألتموهن " المراد بذلك أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والنساء وغيرهن كذلك في الحكم وبيَّن سبحانه أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد عن الفتنة وقال سبحانه " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن " النور 31 .

والوجه من أعظم الزينة والشعر كذلك واليد كذلك ويمكن أن تحجب المرأة وجهها بالنقاب وهو الذي تبدو منه العينان أو إحداهما ويكون الوجه مستورا ، لأنها تحتاج إلى بروز عينها لمعرفة الطريق ويمكنها أن تحتجب بحجاب غير النقاب كالخمار لا يمنعها من النظر إلى طريقها لكن تخفي زينتها وتستر رأسها وجميع بدنها وعلى المرأة أن تجتنب استعمال الطيب عند خروجها للسوق أو المسجد أو محل العمل إن كانت موظفة لأن ذلك من أسباب الفتنة بها .
* لا حرج أن يمس الطبيب عورة الرجل للحاجة وينظر إليها للعلاج سواء العورة الدبر أو القبل فله النظر والمس للحاجة والضرورة ولا بأس أن يلمس الدم إذا دعت الحاجة للمسه في الجرح لإزالته أو لمعرفة حال الجرح ويغسل يده بعد ذلك عما أصابه ولا ينتقض الوضوء بلمس الدم أو البول لكن إذا مس العورة انتقض وضوءه قُبُلاً كانت أو دبراً أما مس الدم أو البول أو غيرهما من النجاسات فلا ينقض الوضوء ولكن يغسل ما أصابه لكن من مس الفرج من دون حائل يعني مس اللحم اللحم فإنه ينتقض وضوءه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونهما ستر فقد وجب عليه الوضوء " ،(قلت:الحديث ورد بهذا اللفظ "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فَرْجه ليس دونها حجابٌ، فقد وجَب عليه الوضوء"روه البيهقي و الدارقطني ، وابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع بهذا اللفظ ) وهكذا الطبيبة إذا مسَّت فرج المرأة للحاجة فإنه ينتقض وضوءها بذلك إذا كانت على طهارة كالرجل.
* لا بأس بالتداوي إذا خشي وقوع الداء لوجود وباء أو أسباب أخرى يخشى من وقوع الداء بسببها فلا بأس بتعاطي الدواء لدفع البلاء الذي يخشى منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " من تصبح بسبع تمرات من تمر المدينة لم يضره سحر ولا سم"(قلت : ورد الحديث في صحيح البخاري بهذا اللفظ "مَن تَصَبَّحَ كُلَّ يَومٍ سَبْعَ تَمَراتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ في ذلكَ اليَومِ سُمٌّ ولا سِحْرٌ." ، وفي مسلم بإسقاط قوله"كلَّ يوم"وزيادة الباء في "سبع" وهذا من باب دفع البلاء قبل وقوعه فهكذا إذا خشي من مرض وطُعِّم ضد الوباء الواقع في البلد أو في أي مكان لا بأس بذلك من باب الدفاع كما يعالج المرض النازل يعالج بالدواء المرض الذي يخشى منه لكن لا يجوز تعليق التمائم والحجب ضد المرض أو الجن أو العين لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وقد أوضح عليه الصلاة والسلام أن ذلك من الشرك الأصغر فالواجب الحذر من ذلك .
لا منافاة عند أهل العلم بين الحديثين الشريفين " لاعدوى ولاطيرة " (قلت:رواه البخاري) و " فر من المجذوم فرارك من الأسد "(قلت صححه شعيب الأرناؤوط في تخريج المسند) ، وكلاهما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال " لاعدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول "(قلت: رواية البخاري للحديث في صحيحه:"لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ، ولا هامَةَ ولا صَفَرَ، وفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كما تَفِرُّ مِنَ الأسَدِ. " وفي صحيح الجامع روايتان للحديث ، الأولى: " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا غُول" ، والثانية "لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر").

وذلك نفي لما يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض كالجرب تعدي بطبعها وأن من خالط المريض أصابه ما أصاب المريض وهذا باطل بل ذلك بقدر الله ومشيئته وقد يخالط الصحيح المريض المجذوم ولا يصيبه شيء كما هو واقع ومعروف ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الإبل الصحيحة يخالطها البعير الأجرب فتجرب كلها ، قال له عليه الصلاة والسلام " فمن أعدى الأول ؟ " (قلت: رواه مسلم)، وأما قوله صلى الله عليه وسلم" فر من المجذوم فرارك من الأسد " ، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر"لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ"(قلت: رواه البخاري في صحيحه)، فالجواب عن ذلك : أنه لا يجوز أن يعتقد العدوى ولكن يشرع له أن يتعاطى الأسباب الواقية من وقوع الشر وذلك بالبعد عمن أصيب بمرض يخشى انتقاله منه إلى الصحيح بإذن الله عز وجل كالجرب والجذام ومن ذلك عدم إيراد الإبل الصحيحة على الإبل المريضة بالجرب ونحوه توقياً لأسباب الشر وحذراً من وساوس الشيطان الذي قد يملي عليه أن ما أصابه أو أصاب إبله هو بسبب العدوى .

مصافحة النساء فيها تفصيل فإن كانت النساء من محارم المصافح كأمه وابنته وأخته وخالته وعمته وزوجته فلا بأس بها .
وإن كانت لغير المحارم فلا تجوز لأن امرأة مدَّت للنبي صلى الله عليه وسلم يدها لتصافحه فقال " إنني لا أصافح النساء "(قلت : ورد بلفظ "إني لا أصافحُ النساءَ! "رواه النسائي وصححه الألباني ، وقالت عائشة رضي الله عنها " والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام ") قلت: ورد الحديث في صحيح البخاري بهذا اللفظ "واللَّهِ ما مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ في المُبَايَعَةِ، ما يُبَايِعُهُنَّ إلَّا بقَوْلِهِ: قدْ بَايَعْتُكِ علَى ذَلِكِ") ، عليه الصلاة والسلام فلا يجوز للمرأة أن تصافح الرجال من غير محارمها ولا يجوز للرجل أن يصافح النساء من غير محارمه للحديثين المذكورين ولأن ذلك لا تؤمن معه الفتنة.

* مَنْ أمرتها والدتُها بعدم طبخ نوع معين من الأعشاب لأنها قد تسبب لها الوفاة لعدم قدرتها على رائحتها علماً أن هذه الأعشاب مشروعة ومباحة ، وبالفعل بعد أن تعشت هي ووالدتها من تلك الأعشاب توفيت والدتها بعدها بعدة ساعات ، إذا كان الواقع هو ما ذكرتِ فقد أثمتِ لأن ذلك من العقوق والإساءة إليها وعليكِ ذنبٌ في ذلك ما دمتِ تعلمين أن أمك تتأذى به وأنها نصحتك ونهتك فأنتِ مجرمة في هذا العمل عاصية قاطعة للرحم عاقة لوالدتك وعليك الدية ؛لأن هذا العمل الذي فعلتِ يعتبر من القتل شبه العمد وعليك أيضاً الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة فإن عجزت فصومي شهرين متتابعين ستين يوماً مع التوبة إلى الله عز وجل .
* إقامة الصلاة في عدة جماعات في المستشفى مع وجود مساجد قريبة منها ، هذا فيه تفصيل فالذي لا بد من وجوده في المستشفى كالحارس ونحوه أو المريض الذي لا يستطيع الوصول إلى المسجد فإنه لا يجب عليه الخروج إلى المسجد بل يصلي في محله مع الجماعة التي يستطيع الصلاة معها .
أما من يستطيع الوصول إلى المسجد فإنه يجب عليه ذلك عملاً بالأدلة الشرعية ومنها قوله صلى الله عليه وسلم " من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر "(قلت: رواه ابن ماجه وصححه الألباني ) ، قيل لابن عباس رضي الله عنهما : ما هو العذر ؟ قال " خوف أو مرض " ، رواه ابن ماجه والدارقطني وصححه ابن حبان والحاكم وإسناده صحيح .
* يزكي المسلم كل شيء ملكه من النقود أو عروض التجارة إذا تم حوله فالذي ملكه في رمضان يزكيه في رمضان والذي ملكه في شعبان من راتبه أو غيره من النقود أو عروض التجارة يزكيه في شعبان والذي ملكه في شوال يزكيه في شوال والذي ملكه في ذي الحجة يزكيه في ذي الحجة وهكذا كل مال من الأموال المذكورة تتم سَنَتَه يزكيه على رأس الحول . وإذا أحبَّ أن يعجل الزكاة قبل تمام الحول لمصلحة شرعية فلا بأس وله في ذلك أجر عظيم أما اللزوم فلا يلزمه الإخراج إلا بعد تمام الحول .
* وجهة من يقول بأن الدخان محرم في شرع الله تعالى أنه مضر ومخدر في بعض الأحيان ومسكر في بعض الأحيان والأصل فيه عموم الضرر والنبي صلى الله عليه وسلم قال " لاضرر ولا ضرار " (قلت: رواه ابن ماجه وصححه الألباني)، فالمعنى : كل شيء يضر بالشخص في دينه أو دنياه محرم عليه تعاطيه من سم أو دخان أو غيرهما مما يضره لقول الله سبحانه وتعالى " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " البقرة 195 ، وقوله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " ، فمن أجل هذا حرَّم أهلُ التحقيق من أهل العلم التدخين لما فيه من المضار العظيمة التي يعرفها المدخن نفسُه ويعرفها الأطباءُ ويعرفها كلُّ من خالط المدخنين.
وقد يسبب موت الفجاءة وأمراضاً أخرى ويسبب السعال الكثير والمرض الدائم اللازم كل هذا قد عرفناه وأخبرنا به جم غفير لا نحصيه ممن قد تعاطى شرب الدخان أو الشيشة أو غير ذلك من أنواع التدخين فكله مضر وكله يجب منعه ويجب على الأطباء النصيحة لمن يتعاطاه ويجب على الطبيب والمدرس أن يحذرا ذلك لأنه يُقتدى بهما.

وبالله التوفيق

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

26 - 7 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر