الدرس 56 مسائل مهمة 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 16 جمادى الأولى 1442هـ | عدد الزيارات: 527 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد؛

من الأمور المهمة أن نعلم جميعاً أن أوامر الله سبحانه وتعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم تعم الرجال والنساء في جميع الأحكام ، إلا ما خصه الدليل ، وقد دلَّ كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أحكام تخص الرجال دون النساء وعلى أحكام تخص النساء دون الرجال لحكم بالغة من ربنا عز وجل ، فعلينا أن نأخذ بها ونسلم لها ، مطمئنين مؤمنين راضين بحكم الله عز وجل فإنه أحكم الحاكمين وهو العالم بأحوال عباده لا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه سبحانه وتعالى ، وهو الأعلم سبحانه وتعالى بما يصلح عباده ، فمن ذلك أن الرجل مسئول عن القوامة على المرأة ، فهو المسئول عنها وعليه النفقة على الزوجة وعلى أولاده وأن يتولى شئونهما قال تعالى "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ " النساء 34 . فالواجب على الرجل أن يقوم على المرأة وينفق عليها مع حسن العشرة وطيب الكلام والفعال كما قال تعالى " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ " النساء 19 ، وقال تعالى " وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ " البقرة 228 ، وهذا مما يخص الرجل أن له القوامة على المرأة بالإنفاق عليها وأداء حقها وإحسان عشرتها ، والسعي في مصالحها المتعلقة بالزوجية وهي ربة البيت والقائمة على الأولاد وبما يلزم في البيت.
ومن المسائل التي تخص الرجال أن الرجل يجب عليه أن يصلي في المسجد ويجيب النداء ، كما قال صلى الله عليه وسلم " من سمعَ النِّداءَ فلم يأتِهِ فلا صلاةَ لَه إلَّا من عُذرٍ "رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وصححه الألباني ، أما النساء فلا يجب عليهن أن يصلين في المساجد ، بل يصلين في بيوتهن ، وذلك أفضل لهن لأنهن عورة ، والخطر في خروجهن معروف ، فالمشروع لهن الصلاة في بيوتهن ، وليس عليهن أن يحضرن مع الرجال في المساجد ، ولا بأس من حضورهن المساجد مع الستر والحجاب ، وليس لأزواجهن منعهن من ذلك إذا التزمن بالآداب الشرعية.

ومن المسائل أيضاً التي يختص بها الرجال دون النساء الجهاد بالنفس فالرجل عليه أن يجاهد بنفسه وأن يحمل السلاح ، والمرأة ليس عليها ذلك ، قالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد ؟ فقال عليه الصلاة والسلام " عليكنَّ جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة " . قلت : ورد الحديث في صحيح البخاري بهذا اللفظ :"عنْ عائِشَةَ أُمِّ المؤْمِنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّها قالَتْ يَا رسولَ الله نَرَي الجِهَادَ أفْضَلَ العمَلَ أفَلاَ نُجَاهِدُ قَالَ لاَ ، لكِنَّ أفْضلَ الجِهادِ حَجٌّ مَبرُورٌ.."، وفي رواية "اسْتَأْذَنْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الجِهَادِ، فَقالَ: جِهَادُكُنَّ الحَجُّ."

فليس على المرأة جهاد بالنفس والسلاح لأنها تضعف عن ذلك ، ولأنها فتنة وعورة ، فالجهاد على الرجال لا على المرأة بالنفس ، أما بالمال فعلى الجميع ، على المرأة والرجل الجهاد بالمال في أصح قولي العلماء ؛ لعموم الأدلة ، قال سبحانه وتعالى " انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ " التوبة 41 ، وقال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ " الصف 10 ، 11 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " جاهِدوا المشرِكينَ بأموالِكُم، وأنفسِكم، وألسنتِكُم " .رواه أبو داود عن أنس بن مالك وصححه الألباني .
ومن المسائل المختصة بالرجال أن الرجل له أن ينكح أربعاً من النساء ، والمرأة ليس لها أن تنكح إلا رجلاً واحدا ، فلا تجمع بين رجلين لحكم ظاهرة بالغة .
ومن ذلك أن الرجل قد تعظم شهوته ولا تعفه المرأة الواحدة ، ولأنه محتاج إلى كثرة الأولاد والنسل ولأنه قد يكون له شئون كثيرة يحتاج إلى عدة نساء يساعدنه فيها ولأن النساء قد يحتجن إلى الرجل لعدم وجود أولياء لهن ، أو لقلة الرجال بسبب الحروب والفتن فأباح الله للرجل أن يجمع بين أربع نساء فأقل ، وليس للمرأة أن تجمع بين رجلين لأن في جمع المرأة بين الرجال اختلاط المياه واختلاط الأنساب وفساد الأحوال .

ومن المسائل التي اختلف فيها حكم الذكر عن الأنثى مسائل المواريث في حق الزوج والزوجة والأولاد والإخوة من الأبوين والأب فإن الزوجة تعطى نصف ما يعطاه الزوج والولد الذكر يعطى ضعف ما تعطاه الأنثى ، وهكذا الأخ من الأبوين أو الأب يعطى ضعف ما تعطاه الأخت لحكم ظاهرة يعرفها أهل العلم وكل من تأملها من ذوي البصيرة في أحوال الرجال والنساء ، والآيات الدالة على ذلك معلومة.
ومن المسائل التي تخص النساء أنه يجب عليهن تركُ الصيام والصلاة في حالة الحيض والنفاس ، فالصلاة لا تجب عليهن في الحيض والنفاس ، لا أداءَ ولا قضاءَ.
وأما الصوم فيجب عليهن تركه حالَ الحيض والنفاس ثم قضاؤه بعد ذلك ، والحكمة في ذلك والله أعلم ، أن الصلاة تتكرر في كل يوم وليلة خمسَ مرات ، فمن رحمة الله جل وعلا أن أسقط عنها قضاءَ الصلاة في حال الحيض والنفاس لأن قضاءها يكلفها كثيراً فإذا كان حيضُها سبعة أيام مثلاً يكون عليها خمسٌ وثلاثون صلاةً ، وإذا كان ثمانيةَ أيام يكون عليها أربعون صلاة ، ففي قضائها مشقة فمن رحمة الله سبحانه ، أن أسقط عنها القضاء والأداء ، وهكذا في النفاس قد تجلس أربعين يوماً لا تصلي ، فلو قضت الصلوات لكان عليها مائتا صلاة ، فمن رحمة الله أن الله أسقط عنها ذلك فليس عليها الصلاة لا قضاء ولا أداء في حال النفاس ، رحمة من الله عز وجل ، وعليها أن تقضي الصوم الذي فاتها في رمضان بسبب النفاس .

ومن ذلك أيضاً أن المرأة تعدل شهادتها نصف الرجل فشهادة المرأتين بشهادة رجل ، لأن الرجال في الغالب أحفظ وأضبط لما يقع ، والمرأة دون ذلك في الجملة ، وقد يكون بعض النساء أفضل من بعض الرجال بكثير ، لكن في الجملة جنس الرجال أضبط وأحفظ وأفضل ، وجنس النساء دون ذلك في الضبط والحفظ والفضل ، فجعل الله شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد ، كما قال تعالى " وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ " البقرة 282 ، فتتعاونان وتتساعدان في حفظ الشهادة فإذا قصَّرتْ هذه أو نسيت ساعدتْها الأخرى في التذكر حتى يحفظنْ الشهادة .
ومن المسائل المستثناة أيضاً أن المرأة على نصف الرجل في الدية في الثلث فأكثر ، أما في القصاص فتقتل المرأة بالرجل والرجل بالمرأة قصاصاً ، لأنه صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل الرجل بالمرأة ، وفي ذلك حكمة عظيمة منها صيانة الدماء ، وحفظ أفراد المجتمع المسلم أن يتعدى بعضهم على بعض ، ومن ذلك العقيقة عن المولود الذكر شاتان وعن الأنثى شاة واحدة كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولله - في ما جاءت به الأدلة من التفرقة بين الذكر والأنثى في المسائل المذكورة وغيرِها - الحكمةُ البالغة .
والأصل في الأحكام العموم والتساوي كما تقدم ، فالواجب على الرجال هو الواجب على النساء ، والواجب على النساء هو الواجب على الرجال إلا في ما خصه الدليل كالمسائل المذكورة آنفا .

ووصيتي للرجال والنساء جميعاً تقوى الله سبحانه وتعالى والتفقه في الدين في المدارس وغيرها من أماكن العلم ، وسؤال أهل العلم عما أُشكل على الرجل والمرأة من أحكام الدين ، لقول الله عز وجل " فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " النحل 43 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ" رواه البخاري عن معاوية بن سفيان رضي الله عنهما ، ومن أهم ذلك العناية بتلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه ، والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتفقه فيها والاستفادة من كتب أهل السنة وكتب تفسير القرآن الكريم ، وشروح الأحاديث النبوية التي ألفها أهل العلم المعروفون بالدراية والديانة وحسن العقيدة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم " خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ" ، خرجه الإمام البخاري في صحيحه ، وقال عليه الصلاة والسلام " من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنَّة وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلتْ عليهم السكينةُ وغشيتهم الرحمةُ وحفَّتْهُم الملائكةُ وذكرَهم الله فيمن عنده ومَنْ بطَّأ به عملُه لم يُسرعْ به نسبُه " رواه الإمام مسلم .
ومن المعلوم أن تَعلُّم الرجال والنساء لما شرعه الله سبحانه وتعالى لهم وخُلقوا من أجله من أهم الفرائض ، وأوجب الواجبات ، ولقد يسر الله للجميع طرق التعلم بواسطة إذاعة القرآن الكريم وبرنامج نور على الدرب ، ونداء الإسلام من الرابطة ، وغير ذلك من الندوات والحلقات العلمية التي تقام في المساجد ، ودور العلم ووسائل الإعلام ، فالواجب الاستفادة منها والعناية بها ، أينما كان المؤمن والمؤمنة.

ومما يجب التنبيه عليه الحذر من سماع ما يفسد القلوب والأخلاق من الأغاني الماجنة والأشرطة المنحرفة وآلات اللهو والطرب ، فإن هذه تفسد القلوب والأخلاق فالواجب الحذر منها والتواصي بتركها عملاً بقول الله عز وجل "وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) " سورة العصر ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة ، قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " خرجه الإمام مسلم في الصحيح .

قلت ورد الحديث في رواية مسلم بهذا اللفظ "الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ."
ومما يجب على المسلمين جميعاً الاهتمام والتواصي به الدعوةُ إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ذلك من أعظم الأسباب في صلاح القلوب والمجتمعات وظهور الفضائل ، واختفاء الرذائل ، والأدلةُ على ذلك كثيرةٌ ، منها ما تقدم في سورة العصر وحديث " الدين النصيحة " ، ومنها قول الله سبحانه " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " المائدة 2 ، وقوله عز وجل " والمؤمنون والمؤمنات بعضُهم أولياءُ بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم " التوبة 71 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "من دلَّ على خيرٍ فله مثلُ أجرِ فاعلِه " رواه أبو داود عن أبي مسعود عقبة بن عمرو وصححه الألباني ، وقوله عليه الصلاة والسلام " مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ." أخرجهما الإمام مسلم في الصحيح ، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

ولا شك أن الواجب على المدرسين والمدرسات أكثر من الواجب على غيرهم بالنسبة إلى الطلبة والطالبات ، فعلى المدرسين أن يعنوا بالطلبة ويوجهوهم إلى الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة والعمل بما علموا من العلم ، وعلى المدرسات أن يتقين الله في البنات ، وأن يعلمْنَهن الأخلاق الدينية الفاضلة والعقيدة الصالحة في الدراسة وفي المذاكرة والوعظ ، حتى يوجد جيل صالح من الطلبة والطالبات والمعلمين والمعلمات في المستقبل .
فواجب المدرس والمدرسة عظيم والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى واجب عظيم على الجميع ، فعلى كل من لديه علم من الرجال أن يعلم أولاده من الذكور والإناث وأهل بيته وغيرهم حسب الطاقة ، وعلى كل من لديها علم من النساء أن تعلم بناتها وأبناءها وتعلم أخواتها وتعلم من حولها من النساء وتنتهز الفرصة عند الاجتماع في عرس أو وليمة أو غير ذلك للدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتذكير لمن عندها من النساء وتعليمهن وإرشادهن إذا رأت امرأة متبرجة عند الرجال أو في الطريق تنهاها عن ذلك وتحذرها منه ، وتحذر عن التكاسل عن الصلاة بنتها وأختها وجارتها وغيرهن ، وتأمرهن بالمعروف وتنهاهن عن المنكر ، وهذا هو واجب الجميع ، لأن الله سبحانه وتعالى قال " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " التوبة 71 ، أولياء : يعني أنهم متحابون في الله فليسوا أعداء ، فالمؤمن ولي أخيه وولي أخته في الله ، والمؤمنة كذلك ولية أختها في الله وولية أخيها في الله ، يتآمرون بالمعروف ويتناهون عن المنكر ، ويتناصحون في الله ، فالزوج يأمر زوجته بالمعروف وينهاها عن المنكر ، والزوجة تأمر زوجها بالمعروف وتنهاه عن المنكر ، فإذا رأته مقصراً في الصلاة أو رأته يشرب المسكر أو يدخن أو يحلق لحيته تنصحه وتقول : اتق الله ، هذا لا يجوز لك ، وكيف ترضى بهذا الأمر السيئ لنفسك ؟ وكيف تعصي ربك ؟ تقول ذلك بالكلام الطيب وبالأسلوب الحسن ، كما أنه يأمرها وينهاها كذلك ، هي تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر ، ولا تستحي ولا تخجل ولا تداهن ، وهكذا مع أبيها وأخيها وأمها وولدها وجارها وجارتها وصاحباتها وصديقاتها ، وهذا هو الواجب على المسلمين والمسلمات مهما كانت مؤهلاتهم وأعمالهم ، كل واحد منهم على حسب علمه وقدرته .
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يرضيه ، وأن يسلك بنا جميعا صراطه المستقيم ، وأن يرزقنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يوفقنا جميعاً للقيام بالواجب من طاعة الله ورسوله والنصح لله ولعباده ، ثم أوصي الجميع بالدعاء في ظهر الغيب وفي الصلاة وفي آخر الليل لولاة الأمور بالتوفيق والهداية والصلاح والإصلاح ، فولاة الأمور في حاجة إلى الدعاء أن يصلحهم الله ، ويصلح بهم ويهديهم ويهدي بهم ، وولاة أمر هذه البلاد وولاة أمور المسلمين جميعاً في كل مكان تدعون لهم جميعاً بالصلاح والتوفيق والهداية ، وتدعون لأولادكم ولأزواجكم ولغيرهم ، تدعون لهم بالتوفيق والهداية والصلاح ، وبالتوبة النصوح ، يقول سبحانه وتعالى " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " يوسف 108 ، وأتباع النبي صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء يدعون إلى الله على بصيرة ويحذرون الناس من معصية الله ، ويرشدونهم إلى الخير ، وقال تعالى " ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " النحل 125 ، وليس هذا خاصاً بالرجال دون النساء ولا بالنساء دون الرجال ، بل هو واجب على الجميع على حسب العلم والقدرة ، كما قال عز وجل " فاتقوا الله ما استطعتم " التغابن 16 .

وعلى العلماء والمدرسين واجب عظيم ، وهكذا الرؤساء والأعيان عليهم واجب عظيم أكثر من غيرهم على حسب علمهم وقدرتهم ، وعلى كل واحد من المسلمين أن يعرف واجبه ويهتم به ، ويراقب الله في كل شيء ويتقيه في ذلك ، فنحن في غربة من الإسلام وفي آخر الزمان ، فالواجب التكاتف والتعاون على الخير والصدق في ذلك .

نسأل الله التوفيق لنا ولجميع المسلمين الهداية والثبات على الإسلام وحسن الختام وأن يوفقنا جميعاً لما يرضيه وأن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم إنه سميع قريب .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .

15 - 5 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر