الدرس 37 إعفاء اللحى

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 7 ربيع الثاني 1442هـ | عدد الزيارات: 514 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

الواجبُ إعفاءُ اللحيةِ وتوفيرُها وإرخاؤها وعدمُ التعرضِ لها بشيء ، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ " متفق على صحته عن ابن عمر رضي الله عنهما ، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس ".
وهذه الأحاديث كلُّها تدل على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها وعلى وجوب جزِّ الشوارب ، هذا هو المشروع وهذا هو الواجب الذي أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام وأمر به ، وفي ذلك تأسٍ به صلى الله عليه وسلم وبأصحابه ، ومخالفةٌ للمشركين ، وابتعادٌ عن مشابهتهم وعن مشابهة النساء .
وأما ما رواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها ، فهو خبر باطل عند أهل العلم ، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تشبث به بعضُ الناس ، وهو خبر لا يصح ، لأن في إسناده عمر بن هارون البلخي وهو متهم بالكذب ، فلا يجوز للمؤمن أن يتعلق بهذا الحديث الباطل ولا أن يترخص بما يقوله بعض أهل العلم ، فإن السنة حاكمة على الجميع ، والله يقول جل وعلا " مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ " النساء 80 ، ويقول سبحانه " قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ " النور 54 ، ويقول سبحانه " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا " النساء 59 .

* الحديث الأول وهو قوله صلى الله عليه وسلم " مَن رَآنِي في النَّوْمِ فقَدْ رَآنِي،" رواه مسلم ، ، وله ألفاظ منها قوله صلى الله عليه وسلم " من رآني في النوم فقد رآني ، إنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي " رواه مسلم ، ومعنى ذلك : أن عدو الله الشيطانَ قد حيل بينه وبين أن يتمثل في صورة النبي عليه الصلاة والسلام ، فمن رأى النبي في المنام فقد رأى الحقيقة ، وقد رآه عليه الصلاة والسلام ، إذا رآه في صورته التي هي معروفة عند أهل العلم ، وهو عليه الصلاة والسلام ربْعة من الرجال ، حسن الصورة ، أبيض مُشْرَب بحُمرة ، كثّ اللحية سوداء ، وفي آخر حياته حصل فيها شعرات قليلة من الشيب عليه الصلاة والسلام ، فمن رآه على صورته الحقيقة فقد رآه ، فإن الشيطان لا يتمثل به عليه الصلاة والسلام .
وأما الحديث الثاني " من رآني حرمت عليه النار " فهذا لا أصل له ، وليس بصحيح .

* المشروع لكل مسلم ومسلمة التبليغ عن الله سبحانه وتعالى لما سمع من الخير ، كما دلَّ على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم " نضَّر الله امرءًا سمِع مقالَتي فوعاها وحفِظها وبلَّغها " رواه الترمذي عن ابن مسعود وصححه الألباني ، وقال عليه الصلاة والسلام " بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً، " رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو ، وكان إذا خطبَ الناسَ وذكَّرهم يقول " فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِن سَامِعٍ" رواه البخاري عن أبي بكر نُفيع بن الحارث .

فأنا أوصيكم جميعاً أن تبلغوا ما سمعتم من الخير عن بصيرة وتثبت فكل من سمع علماً وحفظه يبلغ أهل بيته وأخواته ومجالسيه ما يرى فيه الخير من ذلك ، مع العناية بضبط ذلك وعدم التكلم بشيء لم يحفظه حتى يكون من المتواصين بالحق ومن الدعاة إلى الخير .

* الموظفون الذين لا يؤدون أعمالهم ، أو لا ينصحون فيها فقد سمعتم أن من خصال الإيمان أداء الأمانة ورعايتها كما قال الله سبحانه وتعالى " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا " النساء 58 ، فالأمانة من أعظم خصال الإيمان ، والخيانة من أعظم خصال النفاق ، كما قال الله سبحانه في وصف المؤمنين " وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ " المؤمنون 8 ، وقال سبحانه " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " الأنفال 27 .
فالواجب على الموظف أن يؤدي الأمانة بصدق وإخلاص وعناية ، وحفظٍ للوقت حتى تبرأ الذمة ويطيب الكسب ويرضي ربه وينصح لدولته في هذا الأمر ، أو للشركة التي هو فيها أو لأي جهة يعمل فيها ، هذا هو الواجب على الموظف أن يتقي الله وأن يؤدي الأمانة بغاية الإتقان وغاية النصح ، يرجو ثواب الله ويخشى عقابه.
ومن خصال أهل النفاق الخيانة في الأمانات كما قال النبي عليه الصلاة والسلام " آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ " متفق عليه ، فلا يجوز للمسلم أن يتشبه بأهل النفاق ، بل يجب عليه أن يبتعد عن صفاتهم ، وأن يحافظ على أمانته وأن يؤدي عملَه بغاية العناية ويحفظ وقته ، ولو تساهل رئيسُه ولو لم يأمره رئيسُه فلا يقعد عن العمل أو يتساهل فيه ، بل ينبغي أن يجتهد حتى يكون خيراً من رئيسِه في أداء العمل والنصحِ في الأمانة وحتى يكون قدوة حسنة لغيره .

وبالله التوفيق

7 - 4 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر