الدرس 204 السبق

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 23 صفر 1442هـ | عدد الزيارات: 740 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد :

قوله :" باب السبق " : بسكون الباء ، والسبق هو العوض فهو فوت لا يدرك بمعنى أن يفوتك الإنسان على وجه لا تدركه ، فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار لا يمكن لمن بعدهم أن يلحقهم في هذا الوصف ، ومن سابقك جريا على الأقدام حتى وصل المنتهى قبل أن تصله فقد سبقك على وجه لا تدركه ، فالسبق فوت لا يدرك سواء كان معنويا أو حسيا وسواء كان في الزمان أو المكان ، فالصحابة رضي الله عنهم سبقونا بالزمان ، وهذا سبق حسي ، وسبقونا معنويا بالعلم والإيمان والجهاد والعمل الصالح .

والمسابقة هي المجاراة بين حيوان وغيره ، وكذا المسابقة بالسهام ، وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى :" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " (الأنفال 60) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " أَلَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ . " رواه مسلم عن عقبة بن عامر، وقال تعالى :" إنا ذهبنا نستبق " (يوسف17) ، أي نترامى بالسهام أو نتجارى على الأقدام ، وعن أبي هريرة مرفوعا :"لا سبقَ إلاَّ في خفٍّ أو في حافرٍ أو نصلٍ." رواه أبو داود ، وصححه الألباني.

يقول المؤلف رحمه الله : " يصح على الأقدام بغير عوض "، وهو الذي لا مضرة فيه شرعا وليس فيه منفعة تربو على مفسدة المراهنة فيه .

ولا يجوز بعوض سواء كان هذا العوض نقدا أو عروضا أو منفعة ، مثل : أن يسابق رجلان أيهما أسرع وصولا إلى الغرض الذي عيناه ، وهو جائز بين الرجلين وبين المرأتين ، وبين الرجل وزوجه ، كما سابق النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فعن عائشةَ، رضيَ اللَّهُ عنها، أنَّها كانَت معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في سفَرٍ قالت: فسابقتُهُ فسبقتُهُ على رجليَّ، فلمَّا حَملتُ اللَّحمَ سابقتُهُ فسبقَني فقالَ: هذِهِ بتلكَ السَّبقةِ أخرجه أبو داود وصححه الألباني ؛ لأن في ذلك ترويحا عن النفس وتنشيطا وتقوية للبدن وتحريضا على المغالبة.

ولا بد فيها من تعيين المسافة ابتداء وانتهاء ، وأن تكون مما يمكن إدراكه ، فإذا قال أسابقك من الخرج إلى مكة على الأقدام لم يصح ؛ لأنه لا بد أن تكون مقيدة بمسافة معتادة.

ولا تجوز بمَنفَعة فإذا سبق أحدهما الآخر قال : احملنى على ظهرك من منتهى المسابقة إلى ابتدائها فلا يجوز ؛ لأنه بعوض وهو المنفعة ، ومسألة كرة القدم من هذا النوع أي إنها تجوز بغير عوض .

قوله :" وسائر الحيوانات" كالبغل والحمار بشرط عدم أذيتها ، فهذه أيضا يجوز السباق عليها بغير عوض .

قوله :" والسفن " وهي الفُلك التي تجري في الماء تصح المسابقة عليها دون عوض .

قوله: " والمزاريق" قال في الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (5/348) " إنها رمح قصير يتسابقون به في الطعن " ، وكذلك المسابقة بالسيوف إلا أن الإمام أحمد قال:" لا يجعله سيفا حادا ، بل يكون سيفا من خشب أو نحوه ".

قوله :" ولا تصح بعوض " أي لا تصح المسابقة بعوض سواء كان عينا أو نقدا أو منفعة .

قوله:" إلا في إبل وخيل وسهام " لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لا سبقَ إلاَّ في خفٍّ أو في حافرٍ أو نصلٍ." ، أخرجه أبو داود ، وصححه الألباني .

قوله :" لا سبق " أي لا تجوز المسابقة على عوض إلا في المسابقة على الإبل والخيل والسهام ، وإنما جاز في هذه الثلاثة لما فيها من المصلحة العامة من الجهاد في سبيل الله ؛ لأن الإبل يحمل عليها المجاهدون الأمتعةَ ، والخيلَ فيها الكرُّ والفَرُّ والسِّهامُ فيها الرمي .

قوله :" لا بد من تعيين المركوبين " أي لا بد من تعيين الفرسين أو الجملين مثلا .

قوله:" واتحادهما" لا بد أن يكون السبق في الخيل على فرسين من نوع واحد كعربي وعربي ، وبرذون وبرذون ، وهجين وهجين ، فلو سابق بين عربي وهجين فلا يجوز.

قوله :" والرماة " لا بدَّ أيضا من تعيينهم فيما إذا كانت المسابقة بالسهام ؛ لأن القصد معرفة حذقهم وهذا لا يحصل إلا بالتعيين ، فلو قال مثلا : المسابقة على رجل من الظفير ورجل آخر من الفضول فهذا لا يصح لعدم التعيين .

قوله :" والمسافة بقدر معتاد " لا بد من تحديد مسافة الرمي مثلا مائتي متر حسب العرف ، وتجوز المسابقة في العلوم الشرعية على قول شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ وذلك أن الدين الإسلامي قام بالسيف والعلم والدعوة .

قوله :" وهي" أي المسابقة .

قوله :" جعالة لكل واحد فسخها " فهي من العقود الجائزة لا اللازمة فهي تشبه الجعالة

قوله :" لكل واحد " من المتسابقين "فسخها " بشرط ألا يظهر الفضل لأحدهما ، يجب أن يقيد بما إذا لم يظهر الفضل لأحدهما فإن ظهر الفضل لأحدهما فليس للمفضول أن يفسخ إلا برضا صاحبه فإذا كانت الإصابة تسعة من عشرة ثم إن صاحبه أخذ ثلاثة وهو أخذ خمسة فلا يجوز لصاحب الثلاثة أن يفسخ ويجوز لصاحب الخمسة أن يفسخ ؛ لأنه ظهر له الفسخ .

قوله" وتصح المفاضلة " أي المسابقة في الرأي .

قوله " على معينين يحسنون الرمي " أي لا بد أن يكون الرماة معينين يحسنون الرمي ؛ لأن من لا يحسن الرمي لا فائدة من رميه على اشتراط أن يكونوا ثلاثة فأكثر اثنين وثالث محلل ، وهذا على قول المذهب ، ثم لا بد من حَكَمٍ بين الاثنين يكون عارفا بالسبق وتقديره بحيث لا يظلم أحدا ؛ لأن المتسابقين كالخصمين والخصمان لابد لهما من حاكم يحكم بينهما.

وأجمل ما سبق في الآتي :

أولا : الفروسية أربعة أنواع :

الأول : ركوب الخيل والكر والفر.

الثاني : الرمي بالقوس والآلات المستعملة في كل زمان بحسبه .

الثالث: المطاعنة بالرماح .

الرابع المداورة بالسيوف .

ومن استكمل الأنواع الأربعة استكمل الفروسية .

ثانيا : ويشترط لصحة المسابقة خمسة شروط :

الأول : تعيين المركوبين في المسابقة بالرؤية .

الثاني : اتحاد المركوبين في النوع وتعيين الرماة .

الثالث : تحديد المسافة .

الرابع : أن يكون العوض معلوما مباحا .

الخامس : الخروج عن شبه القمار ؛ بأن يكون العوض من غير المتسابقين أو من أحدهما فقط .

وبالله التوفيق

1442/2/23هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر