الدرس 72 اللقطة

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 11 رجب 1441هـ | عدد الزيارات: 1703 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

اللقطة لغة : هي الشيء الملتقط ، مأخوذة من اللقط وهو الأخذ والرفع ، لأنه يلقط عادة ، أي يؤخذ ويرفع .

واصطلاحا : مالٌ فقده صاحبه ووجده غيره .

أنواع المال الملتقط ، وحكم كل نوع :

النوع الأول : المال الذي يُعلم أن صاحبه تركه رغبة منه ، كما يفعل بعض الناس من رمي لبعض الأثاث القديم أو ترك بعض الأغراض في البرية بعد الاستغناء عنها ، فهذا يجوز أخذه ولا يجب تعريفه ، لأن أصحابه تركوه رغبة عنه ، فهم لا يريدونه فتعريفه لا فائدة منه ، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من وجد دابَّة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها فسيَّبوها فأخذها فأحياها فهي له ) رواه أبو داود

وإذا شكَّ في هذا المال هل تركه أصحابه رغبة عنه أو لم يتركوه رغبة عنه ، فالأصل أنهم لم يتركوه رغبة عنه ، فهذا يأخذ أحكام اللقطة .

النوع الثاني : المال الذي لا تتبعه همة أوساط الناس كالأقلام الرخيصة والهللات والريال والخمسة ريالات ونحو ذلك ، فهذا النوع يجوز أخذه ولا يجب تعريفه ، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في التمرة التي وجدها ساقطة ( لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها ) رواه البخاري ومسلم ، وعن جابر رضي الله عنه قال : رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل لينتفع به " رواه أبو داود

والمقصود بأوساط الناس : أوساط الناس خلقا ومالا فلا عبرة بالبخيل ولا بالمفرط في أمواله كما أنه لا عبرة بالفقير ولا بشديد الغنى

النوع الثالث : المال الذي لم يتركه أصحابه وتتبعه همة أوساط الناس ، وله حالتان :

الحالة الأولى

الحيوان الذي يمتنع بنفسه من صغار السباع إما لقوته وتحمُّله كالإبل والبقر أو لطيرانه كالحمام الأهلي .

فهذا لا يجوز التقاطه لما في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ضالة الإبل فقال : ( مالك ولها دعها فإن معها حذاءها وسقاءها تردُ الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها ) رواه البخاري ومسلم

ومن التقط شيئا من ذلك فإنه لا يملكه ويضمنه إذا تلف وتبرأ ذمته إذا دفعه لجهة مسؤولة

الحالة الثانية

بقية الأموال غير ما تقدم ، مثل المال الذي تتبعه همة أوساط الناس كمئة ريال ونحوها والأمتعة كالحقائب ونحوها والحيوانات الصغيرة التي لا تمتنع من صغار السباع كالغنم ونحوها والحلي بأنواعها من ذهب وفضة وغيرها والساعات وغير ذلك .

وهذا النوع يجوز التقاطه وعلى من التقطه أن يُعَرِّفه سنة كاملة في المواضع التي يغلب على ظنه وجود صاحبه بها .

فإذا مضت سنة ولم يأت من يطلبها فللملتقط بعدها أن يتصرف فيها كما يتصرف في ملكه ولكن عليه أن يضبط أوصافها فإن جاء من يطلبها بعد ذلك ووصفها وصفا صحيحا فإنه يدفعها إليه إن كانت موجودة أو بدلا عنها إن لم تكن موجودة .

والدليل على ذلك حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال : اعرف عِفاصها ووكائها ثم عرِّفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها ، قال : فضالَّة الغنم ؟ قال ( هي لك أو لأخيك أو للذئب ) ، وفي رواية ( فإن لم تعرف - أي صاحبها - فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدِّها إليه ) رواه البخاري ومسلم

لقطة الحرم

المراد بالحرم هنا حرم مكة شرفها الله ، وقد خصه الله تعالى بخصائص كثيرة وفضَّله على بقاع الأرض كلها ، فمن ذلك أنه لا يجوز أخذ لقطته ، إلا لمن أراد حفظها وتعريفها ولا يملكها أبدا ، فإن وجد صاحبها وإلا فإنه يسلمها للجهات المسؤولة

قال صلى الله عليه وسلم في الحرم ( ولا يلتقط لقطته إلا من عرّفها ) رواه البخاري ومسلم ، وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج ) رواه مسلم

من أحكام اللقطة

1- الملتقط أمين ، فلو تلف المال عنده من غير تعدٍّ ولا تفريط فإنه لا يضمن المال التالف

2- أجرة التعريف على صاحب المال لأن الملتقط محسن وقد قال الله تعالى ( ما على المحسنين من سبيل ) التوبة 91 ، لكن لو لم يأت صاحب المال فإن المال يكون للملتقط ، وتكون أجرة التعريف عليه .

3- لا يجوز إنشاد الضالة ولا تعريفها ولا وضع إعلان عنها في المساجد لأن المساجد لم تُبْن لذلك ، يقول صلى الله عليه وسلم ( من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل : لا ردَّها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا ) رواه مسلم ، لكن يجوز ذلك على أبواب المساجد وفي لوحة إعلانات خارجها .

4- من وجد مالا يعرف صاحبه فإنه يجب رده إليه ، ويبقى أمانة في يده حتى يعيده إلى صاحبه وذلك كأن يسقط قلم أحد زملائك فترده إليه أو تجد محفظة نقود ومعها بطاقة صاحبها الشخصية فهذا يبحث عنه ويتصل به ويعطى ماله ولا يدخل في أحكام اللقطة السابقة .

وبالله التوفيق

11 - 7 - 1441هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 1 =

/500