الدرس 383 طرق دخول الشيطان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد

وبعد

الطرق التي يدخل فيها الشيطان على الإنسان كثيرة منها : أن يأتيه من جهة شهوة فرجه فيغريه بالزنا ويسول له من الخلوة بالنساء الأجنبيات والنظر إليهن ومخالطتهن وسماع غنائهن ونحو ذلك ، ولا يزال يفتنه حتى يقع في الفاحشة .

ومنها أن يأتيه من جهة شهوة بطنه فيغريه بأكل الحرام وشرب الخمر وتناول المخدرات ونحو ذلك .

ومنها أن يأتيه من جهة غريزة حب التملك والميل إلى الغنى والثراء فيغريه بالتوسع في أسباب الكسب حلاله وحرامه فلا يبالي بأكل أموال الناس بالباطل من ربا وسرقة وغصب واختلاس وغش ونحو ذلك .

ومنها أن يأتيه من جهة غريزة حب التسلط والتعالي والتعاظم فيستكبر ويتجبر على الناس ويحقرهم ويسخر منهم إلى غير ذلك من المداخل الكثيرة وارجع في ذلك إلى كتاب ( تلبيس إبليس ) تأليف أبي الفرج ابن الجوزي .

والواجب عليك ترك النظر إلى ما حرم الله تعالى عليك النظر إليه والندم على ما بدر منك مع التوبة والعزم ألا تعود لمثله وما ذكرته من عدم استطاعتك هو من إغواء الشيطان وتلبيسه عليك والله سبحانه لما أمر عباده أن يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم لم يكلفهم إلا بما يطيقون ، قال تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " البقرة 286

وننصحك في هذا بالابتعاد عن مواطن الإغراء وإثارة الشهوة واعلم أن كيد الشيطان ضعيف ، قال تعالى " إن كيد الشيطان كان ضعيفا " النساء 76 .

ويجوز إطلاع الممرضة على عورة المريض عند الضرورة إذا لم يتيسر رجل يقوم بذلك لقول الله تعالى " فاتقوا الله ما استطعتم " التغابن 16 ، فإن تيسر أن يقوم بذلك رجل لم يجز أن يتولى ذلك الممرضات .

ولا يجوز للشاب الأعزب أن يتخيل أنه يجامع زوجته لأنه ذريعة إلى ارتكاب الفاحشة والوقوع في الشر والفساد .

ويستحب لمن أصابه تثاؤب أن يكظم ما استطاع وأن يضع يده على فمه كما في الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل في فيه ) رواه مسلم ، وفي لفظ : فليضع يده على فمه ولا يقل هاه فإن الشيطان يضحك منه ، ولا يعتبر التثاؤب ناقضا للوضوء .

إذا قبَّل الإنسان يد إنسان على سبيل التكريم أو لعلم أو أبوة أو نحو ذلك ولم يتخذ عادة عند كل لقاء فلا بأس به أما إن كان ذلك عادة عند كل لقاء فمكروه ويكره له أن يقول لرب الأسرة سيدي لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له بعض الصحابة أنت سيدنا قال السيد الله تبارك وتعالى ، ولأن ذلك قد يفضي إلى تكبر المقول له ذلك .

والشيشة والنرجيلة والدخان من الخبائث وهي محرمة لما فيها من الأضرار على البدن والمال قال الله تعالى في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " الأعراف 157 ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لا ضرر ولا ضرار ) فلا يجوز استعمال هذه الأمور ولا بيعها ولا ترويجها كما لا يجوز أيضا فتح هذه المقاهي ولا حضور هذه المقاهي والمجالس التي تعرض فيها إلا لمن قوي على النصيحة وتغيير المنكر لقول الله تعالى " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره " النساء 140 ، ويدخل في عموم الآيتين حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه ومن حضر ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ، قال ابن العربي في أحكام القرآن : في كلامه على آية الأنعام السابقة : وهذا يدل على أن مجالسة أهل المنكر لا تحل ، ( أحكام القرآن لابن العربي 22/2 ) .

والواقع شاهد بأن المقاهي المذكورة غلب عليها الشر والفساد وجلوس كثير من السفهاء فيها فيجب على المسلم الناصح لنفسه أن يبتعد عنها ليسلم له دينه وخلقه .

في صحيح البخاري ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) معنى الحديث أنه ينبغي على المسلم أن ينتهز فرصة فراغه وصحته بالأعمال الصالحة فإن لم يفعل فإنه يخسر هاتين الفرصتين العظيمتين .

حديث : الحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها أخذ بها ، هذا الحديث روي بألفاظ متقاربة منها ما أخرجه الترمذي في جامعه من طريق إبراهيم بن الفضل المدني عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها ) ، ورواه أيضا ابن ماجه في سننه والعقيلي في الضعفاء وابن عدي في الكامل وابن حبان في المجروحين ، والحديث ضعيف جدا لا تصح نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم لأن في إسناده إبراهيم بن الفضل المدني وقد أجمع علماء الحديث على تضعيفه ، قال الإمام أحمد فيه : ليس بقوي في الحديث ضعيف الحديث ، وقال يحيى بن معين : ليس بشيء ، وقال مرة : ضعيف الحديث لا يكتب حديثه ، وقال أبو حاتم الرازي والبخاري والنسائي : منكر الحديث

ثانيا : وأما معنى الحديث فيشهد له عمومات النصوص وهو أن الكلمة المفيدة التي لا تنافي نصوص الشريعة ربما تفوه بها من ليس لها بأهل ثم وقعت إلى أهلها فالأولى الاستفادة منها والعمل بها من غير التفات إلى قائلها .

والعرب ليسوا بأفضل من غيرهم

يقول الله تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " الحجرات 13 ، وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه ) وفي لفظ ( لا يؤمن الرجل الرجل في بيته ولا سلطانه ) رواه مسلم ، وعن ابن عمر قال " لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العصبة موضعا بقباء قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أكثرهم قرآنا وكان فيهم عمر بن الخطاب وأبو سلمة بن عبد الأسد " رواه البخاري ومسلم .

في كتاب ( اقتضاء الصراط المستقيم صــ30 حديث مسلم : سيكون في ثقيف كذاب ومبير) .

المبير هو الذي يسفك الدماء ويعتدي على الناس ويظلمهم ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي .

والجواب على قوله :

أ- والله ما يستاهل : لا يجوز استعماله لأنه اعتراض على الله سبحانه وتعالى في حكمه وقضائه إذ معناها أن ما أصاب فلانا من مرض أو محنة أو موت ونحو ذلك لا يستحقه وهذا طعن في حكمة الله سبحانه .

ب- وقول ( شورك وهداية الله ) ظاهر هذا اللفظ أن قائله يطلب مشورة صاحبه ثم الأمر كله من قبل ومن بعد مفتقر إلى هداية الله فهذا معنى صحيح ولا حرج فيه ولو كانت العبارة ( شورك ثم هداية الله ) لكان أولى .

ج- قول ( مسكين ) لمن حصل له أذى يعني لماذا يحصل له أذى يقال في هذا اللفظ ما قيل في اللفظ الأول .

س : ما حكم كلمة ( دمتم ) التي تكتب في الخطابات أو المعاريض ؟

ج- يقول كلمة ( دمتم ) لأنها من باب الدعاء بطول العمر لكن الأولى أن يقول دمتم بخير أو على خير .

قول بعض الناس ( قمنا وقام الله معنا ) أي أن الله تعالى أعانهم وقواهم وأمدهم بتوفيقه وهذا المعنى صحيح لكن الأولى ترك هذه العبارة بعدا عن اللبس والإيهام ويستغنى عنها بعبارة أسلم مثل لفظ قمنا وأعاننا الله .

قول بعض الناس ( يا أمي ) في حال القيام أو الجلوس لا يجوز لأنه نداء لغائب أو ميت ليعين على أمر ما وهذا اعتقاد شركي فالواجب ترك هذه العبارة حماية للتوحيد وبعدا عن الشرك ووسائله .

يجوز للإنسان أن يقول لأخيه المسلم الله يحييك أو الله يحييكم

وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

8 - 7 - 1441هـ