الدرس 193 باب الشركة 4

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 18 ربيع الثاني 1441هـ | عدد الزيارات: 742 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

قول المؤلف رحمه الله " فإن فعل رد حصته في الشركة " أي ضارب العامل بمال الآخر وحصل له ربح في المضاربة الثانية فإنه يرد حصته من هذا الربح في الشركة الأولى فكأنه ربح من المال الأول لأن وقت المضارب مستحق لصاحب المال الأول .

مثال ذلك : رجل أعطى شخصا مائة ألف ريال مضاربة على النصف ثم إن هذا العامل أخذ مضاربة من شخص آخر مائة ألف ريال فربحت مائة ألف الأول عشرة آلاف ريال فيكون نصيب العامل خمسة آلاف ريال وربحت المائة ألف الثانية مائة ألف ريال فيكون نصيب العامل خمسين ألف ريال فنضيف خمسة آلاف مع خمسين ألف لأن نصيب العامل من المضاربة الثانية خمسين ألف ريال فنضيف الخمسين ألف إلى الخمسة آلاف فكأن المضاربة الأولى ربحت خمس وخمسين ألف ريال وابن تيمية لا يقر المؤلف على هذا فقال لا يستحق من ربح المضاربة الثانية شيئا لأنها ليست من ماله وإنما هي من كسب العامل والعامل أخطأ في كونه يضارب بمال الآخر مع الإضرار بالأول .

وهذا هو الصحيح لأنه لا يضيف ربحه من المضاربة الثانية إلى ربح المضاربة الأولى بل هو له وهو آثم .

وذكرت هذا في الدرس السابق مختصرا

قوله " ولا يقسم مع بقاء العقد إلا باتفاقهما " أي لا يقسم الربح مع بقاء العقد إلا باتفاقهما أما إذا فسخ العقد فيقسم الربح لانتهائه لأن الربح وقاية لرأس المال وما دام العقد باقيا فإنه إذا طلب أحدهما قسمة الربح فإنه لا يقسم إلا باتفاقهما لأن الحق لهما .

قوله " وإن تلف رأس المال أو بعضه بعد التصرف أو خسر جبر من الربح قبل قسمته أو تنضيضه " إن تلف رأس المال فلا يخلو من حالين إما أن يكون قبل التصرف وإما أن يكون بعده فإن كان قبل التصرف انفسخت الشركة لأن المال المعقود عليه تلف ولا يلزم رب المال بدله إما بعد التصرف فيقول رحمه الله " أنه يجبر من الربح إذا تلف رأس المال أو بعضه " .

مثاله : إنسان مضارب اتجر وجعل الدراهم في الصندوق وكانت خمسة آلاف وصارت بالربح عشرة آلاف فسرق منها خمسة آلاف يقول المؤلف " جبر من الربح " وتبقى الخمسة الباقية لرب المال لأن الخسارة قبل القسمة والتنضيض فتكون من الربح .

قوله " أو خسر " إذا خسر أيضا يجبر من الربح .

مثال ذلك : اتجر شخص برأس مال قدره مائة ألف ريال فصارت مئة وخمسين ألف فأخذ الخمسين وهي الربح ووضعها في المصرف ثم اتجر بمئة ألف وخسر عشرة آلاف وصارت تسعين ألف ريال فإننا نأخذ العشرة آلاف مقدار الخسارة من الربح ويكون الربح على هذا أربعين ألف ريال .

ولهذا قال " أو خسر جُبر من الربح " .

وقوله " قبل قسمته " فإن قُسم فكل واحد منهما أخذ نصيبه .

مثاله : قدرنا أن رأس المال مائة ألف ريال والربح كان مقدر بخمسين ألف ريال واتفق رب المال والعامل على أن يقسم الربح فأخذ العامل نصيبه من الربح وهو خمس وعشرين ألف فيبقي عندنا خمس وعشرين من الربح ومائة ألف من رأس المال فنقول لرب المال الخمسة والعشرين هذه إن شئت اجعلها رأس مال وإن شئت خذها لكن العامل بعد أخذ نصيبه خسر المال فلا نقول للعامل أعطنا ما أخذت من الربح لأنه ملكه بعد القسمة .

وقوله " أو تنضيضه " أي تحويله إلى نقد والتنضيض أي التصفية فلو خسر بعد التصفية فالضمان على رأس المال لأنه نُض وعرف العامل نصيبه وصُفيت الشركة وهذا رأي المؤلف ، والصحيح أنه إذا كان التنضيض يعني فسخ الشركة أو المطالبة بالقسمة فكما قال المؤلف وأما إذا كان التنضيض أي التصفية من أجل أن يشتري بضاعة أخرى فلا .

مثال ذلك : اشترى العامل سيارات ليؤجرها من أجل الربح وبعد دراسة المشروع باعها خوفا من الخسارة بخمس مائة ألف ريال على أمل أن يشتري بها نوعا آخر من البضائع يؤمل أنه أفيد فنقول هذا التنضيض ليس تنضيض قسمة ولا تنضيض فسخ إنما هو تنضيض لمصلحة الشركة فأي خسارة تكون قبل القسمة أو فسخ الشركة فهي على الربح ورأس المال .

قوله " الثالث شركة الوجوه " أي الثالث من أنواع شركة العقود لأن المؤلف قال في الأول : وهي أنواع : والمراد بالوجه هنا الجاه وجاه الإنسان يعني شرفه وقيمته عند الناس ومنزلته بينهم .

قوله " أن يشتريا في ذمتيهما بجاههما فما ربحا فبينهما "

مثال ذلك : عاملان كلاهما فقير ذهبا إلى رجل غني فقالا له نريد أن نشتري منك هذه السيارة بمائة ألف في ذمتينا فهذه تسمى شركة الوجوه لأنهما اكتسبا السيارة بجاههما وثقة الناس بهما فقال صاحب السيارة بعتها عليكما ولو كانا على عكس ما ذكرا ما باعهما .

فشركة الوجوه معناها أن الشريكين ليس لهما مال وإنما لهما الذمة والجاه والاعتبار عند الناس .

وهذه الشركة يحتاج إليها الفقراء الأقوياء على الكسب ، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة " لا تحل لغني ولا لقوي مكتسب " أخرجه مسلم عن قبيصة .

قوله " فما ربحا فبينهما " أي على حسب ما شرطاه فقد يكون أحدهما أحذق من الآخر فيشترط له من الربح أكثر وإن تساويا فالربح بينهما مناصفة .

قوله " وكل واحد منهما وكيل صاحبه " وإن لم يصرحا بالتوكيل فإن هذا مقتضى الشركة .

قوله " وكفيل عنه بالثمن " كفيل بمعنى ضامن أي غارم عن صاحبه لو هرب مثلا .

قوله " والملك بينهما على ما شرطاه " إذا قالا ثلث لعلي وثلثان لعثمان أو العكس فلا حرج .

قوله " والوضيعة " أي الخسارة

قوله " على قدر ملكيهما " فإذا اتفقا على أن يكون لعلي الثلث ولعثمان قدر الثلثين وخسر المال فيكون على قدر اتفاقهما السابق لأن الوضيعة على قدر المال في جميع الشركات .

قوله " والربح على ما شرطاه " لأنه ربما يشترطان لأحدهما أكثر من ربح ماله لكونه حاذقا في البيع والشراء .

ولو قدر أن المال تلف بغير تعد ولا تفريط فإنهما يضمنان لأنهما أخذا هذا المال على أنه ملك لهما عليهما غرمه ولهما غنمه لأن هذا بيع وشراء فقد تم هذا البيع والشراء على هذين المشتركين فكانت الغرامة عليهما كما أن الغنيمة لهما .

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وفقهنا في أمور ديننا ورزقنا الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا .

وبالله التوفيق والسداد

1441-1-23هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر