الدرس 119: نواقض العهد مع الذمي

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 13 ربيع الثاني 1438هـ | عدد الزيارات: 1615 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المؤلف (إن أبى الذمي بذل الجزية) أي: رفض إعطاء الجزية فإن عهده ينتقض ويحل دمه وماله

قوله (أو التزام حكم الإسلام) بأن صار يجهر بشرب الخمر ويعلنه ولا يلتزم بإقامة الحدود عليه فيما يعتقد تحريمه ولا يتورع عن نكاح ذوات المحارم في غير المجوسي لأن المجوسي يرى أن نكاح ذوات المحارم جائز

قوله (أو تعدى على مسلم بقتل) فإذا تعدى على مسلم فقتله فإن عهده ينتقض حتى لو عفا أولياء المقتول فإن عهده ينقض لأن أولياء المقتول إن طالبوا بالقصاص اقتص منه وإلا لم يقتص منه

قوله (أو زنا) فلو زنا بمسلمة ولو برضاها فإنه ينتقض عهده لأن الواجب عليه أن يلتزم أحكام الإسلام وقياس على ذلك لو اعتدى على غلام بلواط فإنه ينتقض عهده لأن الزنا محرم في جميع الشرائع وحده في التوراة كحده في القرآن

قوله (أو قطع طريق) بأن كان يعترض الناس في الطرقات ومعه السلاح فيغصبهم المال

قوله (أو تجسس) وهو أشر ما يكون على المسلمين بنقل أخبارهم

قوله (أو إيواء جاسوس أو ذكر الله ورسولَهُ أو كتابه بسوء انتقض عهده) والجاسوس إذا تجسس للعدو يقتل ولو كان مسلماً والدليل على ذلك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اطلع على الجاسوس الذي تجسس لقريش وهو حاطب بن أبي بلتعه رضي الله عنه استأذن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقتله فقال صلى الله عليه وسلم إنه من أهل بدر وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الجاسوسية مبيحة للدم لكن وجد مانع وهو كونه من أهل بدر فإذا وجد إنسان جاسوس يكتب بأخبارنا إلى العدو أو ينقلها مشافهة أو ينقلها عبر الأشرطة فإنه يجب قتله ولو تاب لدفع شره وردع أمثاله عن ذلك

قوله (أو إيواء جاسوس) أي: لم يتجسس لكنه آوى جاسوساً وتستر عليه فإن عهده ينتقض لأنه لما آوى جاسوساً رضي بالجاسوسية وهذا إضرار بالمسلمين

قوله (أو ذكر الله أو رسوله أو كتابه بسوء) فإذا ذكر الله بسوء فسب الله كما قالت اليهود (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) المائدة: 64 أو قال: إِن الله فقير فإن عهده ينتقض لأنه ذكر الله بسوء أو قال: إن الله لم يعدل حيث جعل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم كفلين من الأجر وجعل لغيرهم كفلاً واحداً وهذا غير عدل انتقض عهده دون نسائه وأولاده وحل دمه لأن هذا ضرر يعم المسلمين أو قال إن الله جاهل لا يدري فإن عهده ينتقض

وكذلك إذا ذكر رسوله والرسول هنا مفرد مضاف فيعم كل رسول فلو ذكر اليهودي عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم بسوء فإن عهده ينتقض ولو ذكر النصراني محمداً صلّى الله عليه وسلّم بسوء فإن عهده ينتقض وكذلك لو ذكر الشريعة الإسلامية بسوء فإن عهده ينتقض إذ ليس هذا الذي بيننا وبينه

قوله (انتقض عهده دون نسائه وأولاده) فيتبعض الحكم لتبعض موجِبِه فالنساء والأولاد لم يفعلوا شيئاً يوجب نقض العهد فيبقون على العهد

قوله (وحل دمه) أي: حتى لو قال إنه تاب وإذا انتقض عهده انتقل من الذمة إلى الحرابة فصار حربِياً يخير فيه الإمام بين أربعة أشياء: إما القتل أو الاسترقاق أو المن بدون شيء أو المن بفداء والفداء إما بمال أو بمنفعة

فإذ اسب الرسول صلى الله عليه وسلم يقتل ولو تاب لأن هذا حق للرسول صلى الله عليه وسلم ولا نعلم أنه عفا عنه والأصل أن يؤخذ بالثأر للرسول صلى الله عليه وسلم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

قوله (وحل ماله) لأنه لا حرمة له في نفسه فيكون فيئاً للمسلمين وما دام حياً فلا يملك أهله ماله إلا بعد موته

كتاب البيع

الناس متفقون على ترتيب حروف الهجاء وقد سلكها من ألفوا في الموسوعات الفقهية وبدؤوا بالألف

قوله (كتاب البيع) البيع جائز بالكتاب والسنة والإجماع والنظر الصحيح

أما الكتاب فقوله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) البقرة: 275

وأما السنة قوله صلى الله عليه وسلم (إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً) أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما

وأما الإجماع فمعلوم بالضرورة من دين الإسلام

وأما النظر الصحيح فلأن الإنسان يحتاج لما في يد غيره من متاع الدنيا ولا وسيلة إلى ذلك إلا بالظلم وأخذه منه قهراً أو بالبيع

فلهذا كان من الضروري أن يحل البيع فأحله الله عز وجل وفي حل البيع دليل على شمول الشريعة الإسلامية

والبيع في اللغة: أخذ شيء وإعطاء شيء ولو على سبيل العارية أو الوديعة

قاله ابن هبيرة مأخوذ من الباع لأن كل واحد من المتبايعين يمد باعه للأخذ والإعطاء

وشرعاً: مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة كممر في دار بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا أوقرض

أي مبادلة مال ولو في الذمة بقول أو معاطاة والمال عين مباحة النفع لا محرمة النفع كآلات المعازف بلا حاجة احترازاً مما يباح نفعه للحاجة أو للضرورة فمثلاً: الميتة تباح للضرورة وجلد الميتة يباح إذا دبغ للحاجة فلا بد من هذا القيد عين مباحة النفع بلا حاجة فكلب الصيد عين مباحة النفع لكن لحاجة ولهذا قيدت منفعته فلا يجوز بيعه بدون حاجة فلذا لا يجوز بيع كل ذي ناب من السباع

فقول المؤلف (مبادلة مال) المراد بالمال هنا: كل عين مباحة النفع بلا حاجة فيدخل في ذلك الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح والسيارات والأواني والعقارات وغيرها

فقوله (مباحة النفع) أنه لا بد أن يكون فيها نفع فالعين التي لا نفع فيها لا تدخل في هذا التعريف فإذا قلنا مباحة النفع خرج به محرمة النفع كآلات الزمر والمعازف فهذه لا تدخل في اسم المال هنا. وأشرت إلى ذلك آنفاً

وقوله (ولو في الذمة) مثال ذلك: إذا قلت بعتك هذا الكتاب بهذا الكتاب فهذا معين بمعين ليس في الذمة وإذا قلت: بعتك هذا الكتاب بخمسين ريال فهذا معين بما في الذمة

فقوله (ولو في الذمة) يشمل ما في الذمة بما في الذمة مثاله: اشتريت منك كيلو من الزبيب بعشرة ريالات ثم ذهب البائع يزن لي الزبيب وأنا أخرجت الدراهم من جيبي وأعطيتها إياه هنا العقد وقع على شيء في الذمة بشيء في الذمة

وقوله (أو منفعة مباحة) يعني مبادلة مال بمنفعة مباحة مثاله: ممر في دار

هذا رجل له دار وله جار والجار بينه وبين الشارع فقال الآخر: أشتري منك ممر في دارك إلى الشارع قال: نعم فاشترى منه الممر إلى الشارع بدراهم فهذه يقال لها: مبادلة مال بمنفعة فليس للجار الذي اشترى من جاره المنفعة إلا الاستطراق من داره عبر بيت جاره إلى الشارع فلا يتصرف في هذا الممر أي: لو قال: أنا أبلط الممر الذي يريد أن يعبر عليه إلى الشارع فلصاحب الدار أن يمنعه ويقول: ليس بملكك أنت لك الاستطراق فقط والاستطراق هو المنفعة لك علي ألا أحول بينك وبين الانتفاع لأنك تملك المنفعة فهذه مبادلة مال بمنفعة

تبين الآن أن الذي يقع عليه العقد إما أعيان وإما منافع والأعيان إما مشار إليها كما في المثال، وإما في الذمة

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1438-4-13 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي