الدرس 272: التيمم

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 15 جمادى الآخرة 1437هـ | عدد الزيارات: 1804 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمع

الأصل أن من أراد أن يتيمم أن يتيمم بتراب طاهر ذي غبار يعلق باليد، والذي يدل على هذا الأصل قوله تعالى (فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) سورة المائدة، ولا يحصل المسح بشيء منه إلا أن يكون ذا غبار يعلق باليد، وروى الشافعي في مسنده عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعطيت ما لم يعط نبي من أنبياء الله جعل لي التراب طهورا) ولو كان غير التراب طهورا لذكره فيما من الله تعالى به عليه، لكن إذا كان في أرض ليس فيها تراب كفاه أن يتيمم مما فيها من رمل ونحوه، قلت كما تيمم صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك بالرمل

ويجب التيمم بتراب طاهر إذا لم يوجد الماء أو تعذر استعماله كما في الآية السابقة، فإن عجز عن التراب أجزأ التيمم بضرب الأرض الطاهرة كيف ما كانت وإن لم يكن فيها غبار لقوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن آية 16]

من عجز عن الصيام لكبره أو لمرض لا يرجى برؤه فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع من بر أو تمر أو أرز ونحوها من قوت البلد

إذا كان المريض لا يقدر على الوضوء بنفسه أو بمن يعينه فإنه يتيمم بتراب طاهر، وإذا كان البول لا يستمسك مع المريض أو كان لا يستطيع أن يغير ملابسه النجسة فإنه يصلي حسب الاستطاعة ويعفى عما أصابه من النجاسة، ويتيمم لكل صلاة، أما إن كان يستطيع فيلزمه ذلك لقوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن آية 16]

المتيمم يمسح كفيه كل واحدة بالأخرى من أطراف الأصابع إلى مفصل الكف من الذراع، والمفصل الذي يلي الكف داخل في المسح ويصلي بتيممه ما لم يجد الماء أو يحصل منه ناقض للوضوء

والأفضل في التيمم أن يضرب الأرض ضربة واحدة بيديه ثم يمسح بهما وجهه وكفيه لما ثبت في الصحيحين من حديث عمار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ضربة واحدة ثم تمسح بهما وجهك وكفيك) أخرجه البخاري ومسلم

الصحيح من أقوال العلماء أن التيمم لا ينتقض بخروج الوقت الذي فعل فيه وإنما ينتقض بوجود الماء أو بناقض من نواقض الوضوء

إذا كان في موضع من مواضع الوضوء جرح ولا يمكن غسله ولا مسحه؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن هذا الجرح يزداد أو يتأخر برؤه فالواجب على هذا الشخص هو التيمم

لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة وترك موضع من مواضع الوضوء أو ترك جزء منه لا يكون الوضوء معه صحيحا، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء أمره بإعادة الوضوء

ومن كان به جرح مكشوف بإمكانه يجعل على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده

وإذا كان المريض ليس عنده تراب للتيمم فإنه يضرب بيديه على السجادة التي يصلي عليها

ويجوز التيمم عند عدم وجود الماء أو يتعذر استعماله

والنجاسة من غير الدم والقيح والصديد لا يعفى عن كثيرها ولا قليلها. أما الدم والقيح والصديد فيعفى عن اليسير منها إذا كان خروجا من غير الفرج؛ لأن في الاحتراز من قليلها مشقة وقد قال تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج آية:78]، وقال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) [البقرة آية:185]

إذا بال الغلام على الفرشة وهو لم يأكل الطعام كفى في تطهيرها رش الماء عليها حتى يعم موضع النجاسة منها، ولا يجب عصرها ولا غسلها، وإن كان قد أكل الطعام أو كان جارية سواء أكلت الطعام أم لا، فلا بد لتطهيرها من الغسل، ويكفي صب الماء على موضع النجاسة، ولا يجب نزع الفرشة ولا عصرها كالنجاسة على الأرض، لما ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه (أن أعرابيا بال في المسجد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على بوله دلو من الماء) أخرجه البخاري ومسلم

ولا يكفي مسح النجاسة الساقطة على الفرش بل يصب عليها الماء حتى يغلب على ما سقط عليها من النجاسة من بول ونحوه، وإن كان للنجاسة جرم وجب إزالته

إذا سكن في شقة ونحوها وهي مفروشة فالأصل في الأشياء الطهارة فلا يحكم على شيء أو محل بأنه نجس إلا بدليل يدل على أن هذا الشيء نجس وأن هذه النجاسة المنصوص عليها موجودة في هذا المحل، وإذا لم يتحقق هذان الأمران فإن المسلم يصلي وتكون صلاته صحيحة

يجب إزالة النجاسة من القدمين إذا كانت رطبة بالماء قبل البدء بالوضوء ثم بعد ذلك يتوضأ إذا كان محدثا ولا يزيد على الثلاث لكل عضو ما عدا الرأس والأذنين فإن السنة فيهما الاقتصار على مسحة واحدة

لا بد في الاستجمار من الإنقاء

دم مأكول اللحم مثل الشاة والبقرة إذا كان مسفوحا فهو نجس، وما بقي في عروق الذبيحة ولحمها فهو طاهر، مع العلم أن الشيء اليسير من الدم المسفوح يعفى عنه عند أهل العلم

ومراد اللجنة الدائمة بالدم المسفوح ما خرج من الذبيحة أثناء الذبح لا أثناء السلخ فما خرج من الرقبة أثناء الذبح فهو مسفوح وما خرج منها أثناء سلخها فهو طاهر

المرأة لا تنجس بحيض ولا نفاس، ولا تحرم مؤاكلتها ولا مباشرتها فيما دون الفرج، إلا أنها تكره مباشرتها فيما بين السرة والركبة فقط، لما روى مسلم عن أنس رضي الله عنه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) رواه مسلم، وما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض) رواه البخاري ومسلم

ولا تأثير لتحريم الصلاة والصوم وقراءة القرآن عليها أثناء الحيض أو النفاس على مؤاكلتها أو الأكل مما صنعت بيدها

ومراد اللجنة بقراءة القرآن للحائض والنفساء بدون حائل هذا هو المحرم أما حفظاً أو تلاوة بحائل يمنع ملامسة المصحف فلا شيء في ذلك

الراجح طهارة سؤر البغل والحمار الأهلي وسباع البهائم كالذئب والنمر والأسد، وجوارح الطير كالصقر والحدأة، وهذا هو الذي صححه أبو محمد بن قدامة رحمه الله في (المغني) وهو الموافق للأدلة الشرعية

خروج المني بالاحتلام ونحوه لا ينجس الملابس التي على المحتلم ولو أصابها؛ لأن المني طاهر، لكن المشروع إزالة ما أصاب الثياب من باب النظافة وإزالة الأوساخ

الفرق بين المني والمذي أن المني من الرجل ماء غليظ أبيض ومن المرأة رقيق أصفر، وأما المذي فهو ماء رقيق أبيض لزج يخرج عند المداعبة أو تذكر الجماع أو إرادته أو نظر أو غير ذلك، ويشترك الرجل والمرأة فيه

ثانيا: الذي يلزم أن يغتسل له هو المني، أما المذي فيجب غسل الذكر والأنثيين منه، ويجب الوضوء منه للصلاة، ونضح ما أصاب البدن أو الملابس منه

والأصل طهارة البدن والثوب، والشك الطارئ لا أثر له فإذا غسلت المحل الذي يغلب على ظنك أن المذي أصابه فإنك تصلي ولا شيء عليك

والودي يخرج بعد البول غالبا وهو أبيض ثخين يشبه المني في الثخانة ويخالفه في الكدورة، ولا رائحة له وهو نجس وناقض للوضوء فيجب نضح ما أصابه والوضوء منه

وما يخرج من النساء من إفرازات من الفرج حكمه حكم البول عليها الاستنجاء منه، والوضوء الشرعي، وغسل ما أصاب بدنها وملابسها

مدة الحيض عند النساء هو ما جرت العادة به، فإذا طهرت بعده ثم عادت فليس بدم حيض بل دم علة وفساد، فلا يمنع من الصلاة ولا الصوم ولا الطواف ونحوها من القربات بل يغسل كسائر النجاسات مع الوضوء لكل صلاة

يجوز استعمال الحبوب لمنع العادة في شهر رمضان إذا كان استعمالها لا يضر بالصحة، ولا يحدث عقما ولا اضطرابا في العادة الشهرية فإن الحبوب قد تنتهي إلى نزيف مستمر ويعرف ذلك بسؤال أهل الخبرة من الأطباء المهرة المأمونين

وإذا حاضت المرأة يوما أو أياما ثم انقطع دمها ورأت الطهر فإنها تغتسل وتصلي وتصوم، ولا تجلس أياما معينة بعد رؤيتها الطهر؛ لأنها طاهرة فتلزمها الصلاة، ومتى عاد إليها الدم تركت الصلاة والصوم فإذا طهرت اغتسلت وصلت وصامت

ومراد اللجنة: إذا عاد إليها قبل انتهاء ما جرت به العاددة مثل اعتادت أن تكون الدورة سبعة أيام وفي مرة من المرات طهرت بعد يومين عندها تصلي وإذا عادت تتوقف حتى تنتهي المدة المعتادة

وما تراه المرأة بعد الطهر من حيضها من الصفرة أو الكدرة لا يعتبر حيضا، وعليها أن تصلي وتصوم وتحل لزوجها لما رواه البخاري في الصحيح عن أم عطية رضي الله عنها وهي صحابية مشهورة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالت (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا) رواه البخاري

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1437/6/15 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة