الدرس 233 وهرز أول ملوك اليمن من الفرس

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 21 جمادى الأولى 1437هـ | عدد الزيارات: 2538 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

بعد هلاك أبرهة الحبشي ملك اليمن حكم اليمن ابنه يكسوم، وبعد هلاك يكسوم حكم اليمن أخوه مسروق بن أبرهة

قال محمد بن إسحاق رحمه الله: فلما طال البلاء على أهل اليمن خرج سيف بن ذي يزن الحميري - وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجج وهو حمير بن سبأ وكان سيف يكنى أبا مرة - حتى قدم على قيصر ملك الروم فشكى إليه ما هو فيه ، وسأله أن يُخرجهم عنه ، ويليهم هو ، ويُخرج إليهم من شاء من الروم فيكون له ملك اليمن فلم يشكه فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر وهو عامل كسرى على الحِيرة وما يليها من أرض العراق

فشكا إليه أمر الحبشة فقال له النعمان : إن لي على كسرى ، وِفادة في كل عام فأقم عندي حتى يكون ذلك ففعل ، ثم خرج معه فأدخله على كسرى وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه مثل القنقل العظيم فيما يزعمون ، يُضرب فيه الياقوت والزبرجد ‌اللؤلؤ بالذهب والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك ، وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما يستر عليه بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ، ثم يُدخل رأسه في تاجه فاذا استوى في مجلسه كشف عنه الثياب فلا يراه أحد لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له فلما دخل عليه طأطأ رأسه فقال الملك : إن هذا الأحمق يدخل علي من هذا الباب الطويل ، ثم يطأطئ رأسه فقيل ذلك لسيف فقال : إنما فعلت هذا لهمي لأنه يضيق عنه كل شيء ، ثم قال : أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة قال كسرى : أي الأغربة; الحبشة أم السند ؟ قال : بل الحبشة فجئتك لتنصرني ، ويكون ملك بلادي لك فقال له كسرى : بعدت بلادك مع قلة خيرها فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب لا حاجة لي بذلك ، ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف ، وكساه كسوة حسنة فلما قبض ذلك منه سيف خرج فجعل ينثر تلك الورق للناس

فبلغ ذلك الملك فقال : إن لهذا لشأنا ، ثم بعث إليه فقال : عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس ! قال : وما أصنع بهذا ؟ ما جبال أرضي التي جئت منها إلا ذهب وفضة يُرغبه فيها فجمع كسرى مرازبته فقال لهم : ما ترون في أمر هذا الرجل وما جاء له ؟ فقال قائل : أيها الملك إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل فلو أنك بعثتهم معه فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم ، وإن ظفروا كان ملكا ازددته فبعث معه كسرى من كان في سجونه كانوا ثمانمائة رجل ، واستعمل عليهم وهرز وكان ‌ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا فخرجوا في ثمان سفائن فغرقت سفينتان ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه ، وقال له : رجلي ورجلك حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا فقال له : وهرز أنصفت ، وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن ، وجمع إليه جنده فأرسل إليهم وهرز ابنا له ، ليقاتلهم فيختبر قتالهم فقُتل ابن وهرز فزاده ذلك حنقا عليهم فلما تواقف الناس على مصافهم قال وهرز : أروني ملكهم فقالوا له : أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء ؟ قال : نعم قالوا : ذلك ملكهم فقال : اتركوه قال : فوقفوا طويلا ، ثم قال : علام هو ؟ قالوا : قد تحول على الفرس قال : اتركوه فتركوه طويلا ، ثم قال علام هو ؟ قالوا : على البغلة قال وهرز : بنت الحمار ذل وذل ملكه إني سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوذنكم فإني قد أخطأت الرجل ، وإن رأيتم القوم قد استداروا به ولاثوا فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم ثم وَتر قوسه وكانت فيما يزعمون - لا يوترها غيره من شدتها ، وأمر بحاجبيه فعصبا له ، ثم رماه فصك الياقوتة التي بين عينيه ، وتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه ، ونكس عن دابته ، واستدارت الحبشة ولاثت به ، وحملت عليهم الفرس فانهزموا فقتلوا وهربوا في كل وجه ، وأقبل وهرز ليدخل صنعاء حتى إذا أتى بابها قال : لا تدخل رايتي منكسة أبدا ، اهدموا هذا الباب فهدم ثم دخلها ناصبا رايته

ووفدت العرب من الحجاز وغيرها على سيف يهنئونه بعود الملك إليه وامتدحوه فكان من جملة من وفد عليه قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم فبشره سيف برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبره بما يعلم من أمره

قال ابن إسحاق : وأقام وهرز والفرس باليمن فمن بقية ذلك الجيش من الفرس الأبناء الذين باليمن اليوم وكان ملك الحبشة باليمن فيما بين أن دخلها أرياط إلى أن قتلت الفرس مسروق بن أبرهة ، وأخرجت الحبشة اثنتين وسبعين سنة توارث ذلك منهم أربعة : أرياط ، ثم أبرهة ، ثم يكسوم بن أبرهة ، ثم مسروق بن أبرهة

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1437/5/20 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 2 =

/500