الدرس 221: رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 20 ذو الحجة 1435هـ | عدد الزيارات: 2328 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

س: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم "من رآني في المنام فسيراني في الليقظة ؟

ج: معنى الحديث على هذه الرواية أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام على صورته التي كان عليها في الدنيا فسيرى تأويل رؤياه ووقوع ما أشارت إليه من الخير في دنياه لأن رؤياه على صورته حق لما دل عليه قوله آخر الحديث: فإن الشيطان لا يتمثل بي

انظر تفسير هذا الحديث في فتح الباري لابن حجر رحمه الله في كتاب التعبير وليس المراد أنه يرى ذات الرسول صلى الله عليه وسلم بيقظته وقد روى البخاري الحديث في كتاب التعبير عن أنس رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ "من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي ...." الحديث ومعناه: من رأى النبي صلى الله عليه وسلم على صورته التي كان عليها في الدنيا فرؤياه حق فإن الشيطان لا يتمثل بصورته وروى مسلم في صحيحه هذا الحديث بلفظ "من رآني في المنام فسيراني أو فكأنما رآني" على الشك ولم يذكر كلمة اليقظة ومعناه: صدق الرؤيا وأن تأويلها سيتحقق

وبسؤال عن أبي طالب أجابت اللجنة برئاسة ابن باز قائلة: مات أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم كافرًا لقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في شأن أبي طالب "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" (القصص 56) ولتحذير الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له بقوله "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ" (التوبة 113) ولما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى عمه أبي طالب لما حضرته الوفاة وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل فقال له "يا عم قل: لا إله إلا الله. كلمة أحاج لك بها عند الله" فقالا له: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" فأنزل الله عز وجل "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى" (التوبة 113)ونزلت: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " (القصص 56)

وأبو طالب هو أخف أهل النار عذابًا يوم القيامة بسبب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك وإنما يخفف الله عنه ما هو فيه من العذاب بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لما رواه مسلم في ذلك عن العباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أهون أهل النار عذابًا أبو طالب وهو ينتعل بنعلين يغلي منهما دماغه" ولما رواه مسلم وغيره عن ابن العباس بن عبد المطلب أنه قال "يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال نعم ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار" رواه البخاري ومسلم وفي رواية عن العباس "قلت: يا رسول الله إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك قال نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح" وروى مسلم أيضًا عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه

وكل من مات كافرًا فهو مخلد في النار سواء كان من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم أم من غيرهم لعموم قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" (التغابن 10)

وأما عن التوسل فإن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور جاء مبينًا في الأحاديث الصحيحة فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن بريدة رضي الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا للمقابر فكان قائلهم يقول السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون أنتم لنا فرط وأسأل الله لنا ولكم العافية" رواه مسلم وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر"

وقد درج على ذلك الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان

والتوسل إلى الله بأوليائه أنواع

الأول: أن يطلب إنسان من الولي الحي أن يدعو الله له بسعة رزق أو شفاء من مرض أو هداية وتوفيق ونحو ذلك فهذا جائز

ومنه طلب بعض الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم حينما تأخر عنهم المطر أن يستسقي لهم فسأل صلى الله عليه وسلم ربه أن ينزل المطر فاستجاب دعاءه وأنزل عليهم المطر

ومنه استسقاء الصحابة بالعباس في خلافة عمر رضي الله عنهم وطلبهم منه أن يدعو الله بنزول المطر فدعا العباس ربه وأمن الصحابة على دعائه

الثاني: أن ينادي الله متوسلًا إليه بحب نبيه واتباعه إياه وبحبه لأولياء الله بأن يقول: اللهم أني أسالك بحبي لنبيك واتباعي له وبحبي لأوليائك أن تعطيني كذا فهذا جائز لأنه توسل من العبد إلى ربه بعمله الصالح ومن هذا ما ثبت من توسل أصحاب الغار الثلاثة بأعمالهم الصالحة

الثالث: أن يسأل الله بجاه أنبيائه أو ولي من أوليائه بأن يقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك أو بجاه الحسين مثلًا فهذا لا يجوز لأن جاه أولياء الله وإن كان عظيمًا عند الله وخاصة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم غير أنه ليس سببًا شرعيًا ولا عاديًا لاستجابة الدعاء ولهذا عدل الصحابة حينما أجدبوا عن التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستسقاء إلى التوسل بدعاء عمه العباس مع أن جاهه عليه الصلاة والسلام فوق كل جاه ولم يعرف عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم توسلوا به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وهم خير القرون وأعرف الناس بحقه وأحبهم له

الرابع: أن يسأل العبد ربه حاجته مقسمًا بوليه أو نبيه أو بحق نبيه أو أوليائه بأن يقول: اللهم إني أسألك كذا بوليك فلان أو بحق نبيك فلان فهذا لا يجوز فإن القسم بالمخلوق على المخلوق ممنوع وهو على الله الخالق أشد منعًا ثم لا حق لمخلوق على الخالق بمجرد طاعته له سبحانه حتى يقسم به على الله أو يتوسل به. هذا هو الذي تشهد له الأدلة وهو الذي تصان به العقيدة الإسلامية وتسد به ذرائع الشرك

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1435-12-20 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة