الدرس273 تفسير آيات من سورة الواقعة

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 4 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1708 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

إخواني: تدبروا كتاب ربكم الذي أنزله الله رحمة بكم وموعظة لكم وإصلاحا لدينكم ودنياكم فلا تعرضوا عنه فتبوؤا بالخسارة وقسوة القلوب والبعد عن خشية علام الغيوب

إن القرآن موعظة من ربكم وشفاء لما في صدوركم ولا شيء أبلغ موعظة منه لمن تدبر القرآن وتفكر معناه ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب به في الجمعة كثيرا قالت أم هشام رضي الله عنها ما أخذت ق إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس
عباد الله: إن من أعظم المواعظ ما جاء في سورة الواقعة تلك السورة العظيمة التي تحدثت عن أحوال الناس يوم القيامة وحالتهم عند مفارقة الدنيا

ابتدأ الله هذه السورة بجملة شرطية عن وقوع الساعة حذف جوابها ليذهب الذهن في تقديره كل مذهب ويسلك في تفخيمه كل طريق.
يقول الله تعالى "إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ" (والواقعة 1)هي يوم القيامة يعني إذا وقعت رأيت أهوالا عظيمة وأحوالا متباينة "إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا" (الواقعة 4)عظيما "وَبُسَّتِ الْجِبَالُ" (الواقعة 5 )تفتت تفتيتا دقيقا "فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا" (الواقعة 6)بعد أن كانت جبالا متماسكة ثابتة
وفي هذا اليوم ينقسم الناس إلى ثلاثة أصناف سابقون وأصحاب ميمنة وأصحاب مشأمة

فالسابقون في هذه الدنيا إلى الطاعات هم السابقون يوم القيامة إلى الكرامة والجنات وهم المقربون إلى فاطر السماوات والأرض في دار لا يفنى نعيمها ولا يبلى جديدها ولا يتكدر صفوها نعيمها دائم وسرورها قائم "عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ" (الواقعة 15-19)هذا شرابهم أما طعامهم ففاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وأما نساؤهم فحور ذو بياض حسن صاف "عين" حسنات العيون منظرا وخلقة كأمثال اللؤلؤ المكنون في صدفه في غاية الصفاء

وأما مجتمعهم فمجتمع كامل "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ" (الحجر 47) لا يسمعون فيها لغوا من القول وهو ما لا فائدة فيه ولا تأثيما كلاما يأثمون به بل كلامهم ذكر لله وتسبيح له وتحدث بينهم بما أنعم الله عليهم في الدنيا "وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين"،(الزمر 74) "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ" (فاطر 34-35)هؤلاء هم السابقون إلى طاعة ربهم يقومون بالواجبات والمستحبات ويتركون المحرمات والمكروهات فكان نعيمهم أكمل النعيم وأحوالهم أكمل الأحوال

أما الصنف الثاني فهم أصحاب اليمين وهم من أهل الجنة ولكنهم أقل حالا من السابقين "فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ" (الواقعة 28)شوكه فليس فيه شوك "وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ" (الواقعة 29)من التمر من أسفله إلى أعلاه وهذا السدر والطلح ليس مشابها لما في الدنيا الاسم هو الاسم ولكن الحقيقة غير الحقيقة قال الله تعالى في الحديث القدسي "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" ولأصحاب اليمين نعيم دائم "وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ" (الواقعة 33) يعني لا تنقطع في وقت من الأوقات كما تنقطع فواكه الدنيا ولا ممنوعة عن مبتغيها كما تمنع فواكه الدنيا
أما جلوسهم ففي فرش مرفوعة وأما نساؤهم فقد أنشأ الله الحور منهن إنشاء بدون ولادة وأنشأ نساء الدنيا من أهل الدنيا إنشاء جديدا فجعلهن أبكارا لا يرجعن ثيبات أبدا كلما عاد إليها زوجها وجدها بكرا
ومن تمام النعيم أن جعلهن الله عربا يتحببن إلى أزواجهن بالتلطف والمداراة أترابا على سن واحدة حتى لا تفخر واحدة على الأخرى أو ترى نفسها دون الثانية

جعلني الله وإياكم من السابقين المقربين ومن التالين لكتابه والمنتفعين به

وصل الله على نبينا محمد

1435-5-4 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 2 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي