الدرس 301 عذاب النار

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1168 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

إخواني: اتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون اتقوا النار بطاعة الله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه فإنه لا نجاة لكم من النار إلا بهذا اتقوا النار فإنها دار البوار دار البؤس والشقاء والخزي والعار دار من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ساكنوها شرار خلق الله من الشياطين وأتباعهم قال الله تعالى مخاطباً إبليس:" فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ " (ص 85)

دارُ فرعونَ وهامانَ وقارونَ وأبي بن خلف وغيرِهم من طغاة الخلق وفُجَّارهم، دارُ عبد الله بن أبي وحزبه من منافقي هذه الأمة وخونتها هؤلاء سُكَّانها كفارٌ فجرةٌ وطغاةٌ ظلمةٌ ومنافقون خونةٌ.

ولئن سألتُم عن مكانها فإنها أسفلُ سافلين وأبعُد ما يكون عن رب العالمين فهي دار عقاب الله فأبعدت عن رحمة الله وعن دار أولياء الله.

يؤتى بها يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، حرُّها شديد وقعرُها بعيد، ثبت في الحديث الصحيح " أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: نَارُكُمْ جُزْءٌ مِن سَبْعِينَ جُزْءًا مِن نَارِ جَهَنَّمَ، قيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، قالَ: فُضِّلَتْ عليهنَّ بتِسْعَةٍ وسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا." صحيح البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا وجبة أي صوت شيء سقط فقال النبي صلى الله عليه وسلم "كُنَّا مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إذْ سَمِعَ وَجْبَةً، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: تَدْرُونَ ما هذا؟ قالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: هذا حَجَرٌ رُمِيَ به في النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَهو يَهْوِي في النَّارِ الآنَ، حتَّى انْتَهَى إلى قَعْرِهَا. رواه مسلم

وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال "إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغبر أهل الكتاب. فيدعى اليهود، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله. فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد. فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا، فاسقنا. فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار. ثم يدعى النصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ما تبغون؟ فيقولون: عطشنا، يا ربنا فاسقنا، قال: فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنهم سراب، يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار." قال تعالى " ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا"( مريم 86) وقال تعالى" إذا القوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهي تفور"(الملك 7) قد ملأها الله غيظاً وحنقاً عليهم " تكاد تميز من الغيظ" ويلقون فيها افواجاً يقابلون بالتقريع والتوبيخ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير هذا ما يقابلون به عند دخولهم النار توبيخ وتقريع وإهانة وتنديم فتتقطع قلوبهم أسفاً وتذوب أكبادهم كمداً وحزناً ولكن لا ينفعهم ذلك فإذا دخلوها فما أعظم عذابهم وما أشد عقابهم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم "لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون

طعامهم الزقوم وهو شجر خبيث مر الطعم نتن الريح كريه المنظر يتزقمزنه تزقما لكراهته وقبحه ولكن يلجئون إلى ذلك لشدة جوعهم فلا يسمن ولا يغني من جوع وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم" رواه النسائي والترمذي، فإذا ملؤ بطونهم من هذا الطعام الخبيث الذي لا يسمن ولا يغني من جوع التهبت أكبادهم عطشاً فلا يهيأ لهم الشراب وإنهم ليستغيثون "إن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل" (الكهف 29)، وهو الرصاص المذاب يشوي الوجوه حتى تتساقط لحومها "بئس الشراب " (الكهف 29) يشربونه على كره واضطرار شرب الهيم وهي الأبل العطاش التي لا تروى من الماء فإذا سقط في اجوافهم قطع امعائهم هذا شرابهم كالمهل في حراراته وكالصديد في نتنه وخبثه قال تعالى "وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن وراءه عذاب غليظ" أما لباسهم فلباس الشر والعار "قطعت لهم ثياب من نار " (الحج 19) على قدر أبدانهم لا تقيهم حر جهنم ولكن تزيدها اشتعالاً فيها وحرارة "سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار" (إبراهيم 50) في عذاب مستمر دائم "لا يفتر عنهم وهم فيه مبسلون"(الزخرف 75) " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيماً" (النساء 56) وكلما خبت نارها زادها الله سعيراً" كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى "(المعرج 15-18) يرتفع بهم لهبها إلى أعلاها " كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم بها تكذبون"(السجدة 20) ينوع عليهم العذاب فلا يستريحون فيقولون "لخزنة جهنم أدعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب" والله لا يطمعون في التخفيف الدائم ولا في الانقطاع ولو ساعة وإنما يسألون أن يخفف عنهم يوماً واحداً من العذاب ولكن لا تجيبهم الملائكة إلا بالتوبيخ والتهكم تقول لهم " أولم تأتيكم رسلكم بالبينات" (غافر 50) أي بالأدلة الواضحات فيقولون بلى فتقول الملائكة " فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال" (غافر 50)، فلن يستجاب لهم لأنهم لم يستجيبوا للرسل حين دعوهم إلى الله وعبادته في الدنيا وحينئذ يتمنون الموت من شدة العذاب فيقولون يا مالك وهو خازن النار ليقض علينا ربك أي ليهلكنا ويميتنا فيقول لهم "إنكم ماكثون" (الزخرف 77) ويقال لهم " لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم بالحق كارهون كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار " (الزخرف 78) يتوجهون إلى رب العالمين فيقولون " ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين ربنا أخرجنا مناها فإنا عدنا فإنا ظالمون"(المؤمنون 106) فيقول لهم احكم الحاكمين "إخسئوا فيها ولا تكلمون إنه كان فريقاً من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا ورحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون".(المؤمنون 108-110)

اللهم يا حي يا قيوم يا سامع الصوت ويا سابق الفوت ويا كاسي العظام لحماً بعد الموت اعتق رقابنا من النار وحرم لحومنا عليها يوم تبيض وجوه وتسود وجوه تفضلاً منك لا بأعمالنا.

1435-5-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 4 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي