الدرس 148: الهدية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 25 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 1952 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

يشترط لجواز الهدية

أولاً: الإيجاب والقبول فيقول الواهب مثلا وهبتك كذا ويقول الموهوب له قبلت وأي قول أو فعل دل على هذا المعنى فله حكمه

ثانياً: أن تكون في معلوم فلا تصح في مجهول

ثالثاً: أن تكون مقدورا على تسليمها فلا تصح في المعجوز عن تسليمه

رابعاً: ألا تكون في المبيع قبل قبضه

خامساً: ألا تكون معلقة على شرط مستقبل

سادساً: العدل فيها إذا كانت للأولاد فلا يجوز أن يخص الوالد أحدا من أولاده بشيء دون الآخرين على سبيل الأثرة

سابعاً: ألا يقصد بها معنى الرشوة كهدايا العمال مثل هدية المراجع للموظف والطالب لأستاذه في الدراسة النظامية

س: ما حكم قبول الهدية بمناسبة الزواج ؟

ج: لا بأس بقبولها دون استشراف نفس ويكافأ عليها إذا تيسر ذلك بما يناسب أو يدعى له لقوله صلى الله عليه وسلم "من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه" رواه أبو داود والنسائي

س: لي زوجة أرغب أن أهب لها عمارة لا تزيد على ثلث مالي ؟

ج: لا مانع من هبة العمارة لزوجتك هبة منجزة تكتبها لها وأنت في صحتك

س: ما حكم إرسال الهدايا في المواسم مثل رجب وشعبان ورمضان ؟

ج: الهدايا بين الناس من الأمور التي تجلب المحبة والوئام وتسل من القلوب السخيمة والأحقاد وهي مرغب فيها شرعا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها وعلى ذلك جرى عمل المسلمين والحمد لله لكن إذا قارن الهدية سبب غير شرعي فإنها لا تجوز كالهدايا فى عاشوراء أو رجب أو بمناسبة أعياد الميلاد وغيرها من المبتدعات لأن فيها إعانة على الباطل ومشاركة في البدعة

س: أنا طالب سعودي أدرس في أمريكا ونحن بصدد بناء مركز إسلامي إن شاء الله في مدينة ميامي ولقد تبرعت الجامعة بالأرض المراد إنشاء المركز عليها وأمريكا غالبية أهلها نصارى وبعضهم يهود فهل يجوز ؟

ج: وبعد دراسة اللجنة واطلاعها على صورة العقد المرفقة أجابت بما يلي: إذا كان الأمر كما ذكر فلا يجوز قبول هذه الهبة لما يترتب على تطبيق شروط العقد من المفاسد من ذلك خضوع إدارة المركز لضوابط وقوانين الجامعة وهي مجهولة لمن قبل الهبة وقد يكون منها ما يخالف الإسلام وكذلك ما ذكر من خضوع المركز لقوانين ولاية فلوريدا ومعلوم أن قوانينهم منها ما يخالف الإسلام إلى غير ذلك من الأمور التي اشتمل عليها العقد

س: ما حكم الاتجار بالفساتين الغير ساترة والاستدلال بالهدية التي أهداها الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ليهديها ؟

ج: الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما في عدة مواضع من عدة طرق منها رواية البخاري له تحت باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال "أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله عنه بحلة حرير أو سيراء فرآها عليه فقال إني لم أرسل بها إليك لتلبسها إنما يلبسها من لا خلاق له إنما بعثت إليك لتستمتع بها يعني تبيعها" وهذا الحديث يدل على جواز الاتجار في الملابس التي يجوز استعمالها على وجه دون وجه وجواز هبتها والتبرع بها وعلى من اشتراها أو أعطيت له تبرعا أن يستعملها على الوجه المباح دون الممنوع ومثل ذلك الحلي من الذهب والسلاح والسكاكين والعنب ونحو ذلك مما يمكن أن يستعمل في مباح أو محرم فيجوز الاتجار فيه والتبرع به وهبته وعلى من اشتراه أو وهب له مثلا أن يستعمله على الوجه المباح من بيع وهبة ونحو ذلك دون أن ينتفع به على الوجه الممنوع أما إذا كان الشيء محرما استعماله من كل وجه وعلى كل حال فلا يجوز الاتجار فيه ولا هبته كالخنزير والأسد والذئب

س: بعض المسلمين عندنا في بريطانيا جمعوا أموالهم من الحلال والحرام وذلك أنهم تجار ومما يتجرون فيه الخمور ولحوم الخنازير ؟

ج: عليك أن تنصح لهم وتحذرهم سوء عاقبة الاتجار في المحرمات وكسب المال من الحرام وتتعاون مع إخوانك من أهل الخير على تذكيرهم وإنذارهم بأس الله وشديد عقابه من عصاه وحاربه بارتكاب المنكرات وتعريفهم أن متاع الدنيا قليل وأن الآخرة خير وأبقى فإن استجابوا فالحمد لله وهم بذلك إخوان لكم في الله ثم انصحوهم برد المظالم إلى أهلها إن عرفوهم وأن يتبعوا السيئة الحسنة عسى الله أن يتوب عليهم ويبدل سيئاتهم حسنات وحينئذ يجوز لكم مخالطتهم مخالطة الإخوة والأكل من طعامهم وقبول تبرعاتهم في وجوه البر من بناء مساجد وفرشها ونحو ذلك لأنهم بالتوبة ورد المظالم إلى أهلها حسب الإمكان يغفر لهم ما قد سلف لقول الله عز وجل في المرابين "فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ" البقرة آية 275

ثانيا: إن أبو النصيحة والإصرار على ما هم فيه من المحرمات فإنه يجب أن تهجروهم في الله وألا تستجيبوا لدعوتهم وألا تقبلوا تبرعاتهم زجرا لهم وإنكارا لمطالبهم ورجاء أن يرتدعوا ويرجعوا عما هم عليه من المنكرات

س: هل يجوز للأخ المسلم قبول هدية أخيه الكافر ؟
ج: قبول المسلم هدية أخيه إذا كان كافرا أو مشركا جائزة لما في ذلك من تأليفه لعل الله أن يهديه للإسلام

س: ما حكم شراء المهدي أن يشتري ما أهداه لأخيه ؟

ج: لا يجوز للمهدي أن يشتري ما أهداه لأخيه فعن عمر رضى الله عنه قال:" حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه صاحبه فظننت أنه بائعه برخص فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه"

س: لي زوجة أريد أن أعطيها نصف البيت الذي أملكه ؟

ج: لا مانع من هبتك لزوجتك نصف البيت الذي ذكرت هبة منجزة ما دمت صحيح العقل والبدن وتعطيها صكا شرعيا بذلك

س: رجل لديه زوجة منذ ثلاثين سنة لم تنجب ثم تزوج أخرى وأنجبت هل يجوز له أن يهب الزوجة التي لم تنجب دوراً من العمارة ؟

ج: من كان له زوجتان فأكثر فإنه يجب عليه أن يعدل بينهن ولا يحل له أن يخص إحدى زوجاته بشيء دون الأخرى من النفقة والسكنى والمبيت وقد جاء الوعيد الشديد فيمن كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط" وفي رواية "يجر أحد شقيه ساقطا أو مائلا" أخرجه أحمد

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل" أخرجه أبو داود في سننه وأخرجه الترمذي في الجامع

وفي هذه الأدلة دليل على توكيد وجوب العدل بين الضرائر وأنه يحرم ميل الزوج لإحداهن ميلا يكون معه بخس لحق الأخرى دون ميل القلوب فإن ميل القلب لا يملك ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي في القسم بين نسائه ويقول "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك" رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي والدارمي والبيهقي

وعلى ذلك لا يحل لهذا الزوج أن يخص زوجته بشيء مما يملكه دون الأخرى فإذا وهب لإحدى زوجاته دارا ونحوها وجب عليه أن يسوي بين زوجاته في ذلك فيعطي كل واحدة مثل ذلك أو قيمته إلا أن تسمح الزوجة الثانية في ذلك

أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة ابن باز رحمه الله

س: لزوجتي بنت من زوج آخر وربيتها وقمت بتربيتها تربية حسنة وطلع لها عندي مبلغ من المال وعندما زوجتها أعطيتها ما لها عندي من حقوق وحلفت أنها لك يا عمي ؟

ج: إذا كانت رشيدة فالمبلغ حقك وإن كنت تظن أنها قالت ذلك حياء لا عن طيب نفس فالأحوط ترك قبوله

س: اشتريت دارا بجدة وكتبته باسم ابني أحمد ؟

ج: تفضيلك لابنك أحمد على بقية أولادك لا يجوز وإنما المشروع في عطية الأولاد هو التسوية بينهم في العطاء على السواء ولا يجوز التفضيل إلا لمسوغ شرعي لكون أحدهم مقعدا أو صاحب عائلة كبيرة أو لاشتغاله بالعلم أو صرف عطية عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه

والأصل في مشروعية التسوية ما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال "تصدق علي أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال لا قال اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم قال فرجع أبي فرد تلك الصدقة" وفي لفظ قال "فاردده" وفي لفظ "فأرجعه" وفي لفظ "لا تشهدني على جور" وفي لفظ "فأشهد على هذا غيري" وفي لفظ "سو بينهم" متفق عليه

فهذا الحديث يدل على التحريم لأنه سماه جورا وأمر برده وامتنع من الشهادة عليه والجور حرام والأمر يقتضي وجوب رده ووجوب التسوية بينهم

وأما إذا فضل بعضهم على بعض لمسوغ شرعي نحو ما تقدم فقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على الجواز فإنه قال في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس إذا كان لحاجة وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة والعطية في معناه

اسأل الله أن ينصر اخواننا المستضعفين في كل مكان.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-25هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 140 الجزء الرابع ‌‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة. - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر