الدرس التاسع والأربعون : الاختلاط

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 20 ذو القعدة 1434هـ | عدد الزيارات: 1863 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

اختلاط الرجال والنساء في التعليم حرام ومنكر عظيم لما فيه من الفتنة وانتشار الفساد وانتهاك الحرمات ، وما وقع بسبب هذا الاختلاط من الشر والفساد الخلقي من أقوى الأدلة على تحريمه .

أما قياس ذلك على الطواف بالبيت الحرام فهو قياس مع الفارق فإن النساء كنَّ يطفن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من وراء الرجال متسترات لا يداخلنهم ولا يختلطن بهم .

مدار المنع من اختلاط النساء بالرجال هو خشية الفتنة وأن يكون ذريعة إلى ارتكاب الفاحشة وانتهاك الحرمات وفساد المجتمع .

لا يجوز للطالب المسلم أن يدرس في فصول مختلطة بين الرجال والنساء لما في ذلك من الفتنة العظيمة .

لا مانع من استعمال المرأة لأدوات الزينة من مساحيق وأصباغ لكن يجب عليها التستر عند الخروج بالحجاب الكامل على جسمها وأن لا تبدي شيئاً من زينتها لغير محارمها ولا مانع من كشفها لرأسها في البيت عند محارمها .

إذا كان خروج المرأة لتعلم الطب ينشأ عنه اختلاطها بالرجال في التعليم أو في ركوب المواصلات اختلاطاً تحدث منه فتنة فلا يجوز لها ذلك لأن حفظها لعرضها فرض عين وتعلمها الطب فرض كفاية وفرض العين مقدم على فرض الكفاية ، وأما مجرد الكلام مع المريض أو معلم الطب فليس بمحرم وإنما المحرم أن تخضع بالقول لمن تخاطبه وتلين له الكلام فيطمع فيها مَن في قلبه مرض الفسوق والنفاق .

وإذا كان معها محرم في سفرها لتعلم الطب أو لتعليمه أو لعلاج مريض جاز ، وإذا لم يكن معها في سفرها لذلك زوج أو محرم كان حراماً ولو كان السفر بالطائرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " ، وإذا كانت إقامتها بدون محرم مع جماعة مأمونة من النساء من أجل تعلم الطب أو تعليمه أو مباشرة علاج النساء جاز ، وإن خشيت الفتنة من عدم وجود زوج أو محرم معها في غربتها لم يجز ، وإن كانت تباشر علاج رجال لم يجز إلا لضرورة مع عدم الخلوة .

إذا اشتمل الشِعْر على كذب أو شرك أو لهو أو مجون أو إغراء بشر ونحو ذلك فهو ممنوع ، وإذا اشتمل على دعوة إلى الخير وعلى حِكَم شرعية ونصر للحق ونحو ذلك فهو مشروع ، وبالجملة فحكمه حكم ما اشتمل عليه لكن استعمال الدف إنما يجوز للنساء في الأعراس لإعلان النكاح وهكذا في أيام العيد للنساء خاصة .

يحرم على المسلم أن يكتب القصص الكاذبة ، وفي القصص القرآني والنبوي وغيرهما مما يحكي الواقع ويمثل الحقيقة ما فيه الكفاية في العبرة والموعظة الحسنة وهذه الفتوى رداً على سائل يسأل عن حكم كتابة القصص التي من نسج الخيال كقصص للأطفال .

حضورك مجالس علماء أهل السنة والجماعة والاستفادة منها من عمل الخير فلا يحق لأبيك أن يمنعك عنها ، واسْعَ بالحكمة والموعظة الحسنة في إقناع أبيك بذلك واحذر من التقصير في بر أبيك والإحسان إليه وجاهد نفسك في ذلك ولك الأجر إن شاء الله على بر أبيك وإرادتك الخير لك وله ، ولكن ليس لك طاعته فيما يخالف الشرع المطهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما الطاعة في المعروف " .

إذا كان عندك رغبة في دراسة الشريعة الإسلامية ومنعك والدك فليس لوالدك الحق في منعك من ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما الطاعة في المعروف " .

لا يجوز للمسلمين فتح المدارس التي يُدرَّس فيها دين الكفار ، لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان والمال الذي يُحصَّل من هذه المدارس حرام .

المطلوب عند النقاش والمجادلة في مسائل علمية البحث عن الحق بدليله وعدم التعصب لرأي ، فمن كان الحق معه وجب اتباعه ، ومن كان الحق ليس معه وجب تركه مع مراعاة الجدال بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة وقد أمر الله سبحانه المؤمنين برد النزاع إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى " فَإِن تَنَٰزَعتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱليَوۡمِ ٱلأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيرٞ وَأَحسَنُ تَأۡوِيلًا " النساء 59 ، وقوله سبحانه " ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلحِكمَةِ وَٱلمَوۡعِظَةِ ٱلحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحسَنُۚ " النحل 125 .

الأُمي هو الذي لا يكتب ولا يقرأ الكتابة ، والنبي صلى الله عليه وسلم أُمي بهذا الاعتبار ، قال تعالى " وَمَا كُنتَ تَتلُواْ مِن قَبلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ " العنكبوت 48 ، أما قوله " ٱقْرَأۡ " العلق 1 ، فالمراد به إلقاء القرآن إليه بواسطة جبريل وحفظه له من غير كتابة ، فلا تعارض بين أميته صلى الله عليه وسلم وقراءته القرآن بالتلقي .

يجوز للمسلم أن يفتح مدرسته يوم الخميس والجمعة ما دام لا يترتب على ذلك فوات واجب أو فعل محظور ، لكن لا يجوز التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة في المدرسة ولا في المسجد لثبوت النهي عن ذلك .

لا يجوز تخصيص يوم السبت أو الأحد بالعطلة أو تعطيلهما جميعاً لما في ذلك من مشابهة اليهود والنصارى فإن اليهود يعطلون يوم السبت والنصارى يعطلون يوم الأحد تعظيماً لهما ، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " بُعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له ، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجُعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم " رواه أحمد وعلَّقه البخاري في الجهاد ، وقال ابن تيمية : سنده جيد .

ابن حزم هو أبو محمد علي ابن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي ، المتوفى عام 456 هـ ، والمذكور من العلماء المبرزين في الأصول والفروع وفي علم الكتاب والسنة إلا أنه خالف جمهور أهل العلم في مسائل كثيرة أخطأ فيها الصواب لجموده على الظاهر وعدم قوله بالقياس الجلي المستوفي للشروط المعتبرة ، وخطأه في العقيدة بتأويل نصوص الأسماء والصفات أشد وأعظم .

محمد بن ناصر الدين الألباني رجل معروف بالعلم والفضل وتعظيم السنة وخدمتها وتأييد مذهب أهل السنة والجماعة في التحذير من التعصب والتقليد الأعمى ، وكتبه مفيدة ولكنه كغيره من العلماء ليس بمعصوم يخطئ ويصيب ونرجو له في إصابته أجرين وفي خطأه أجر الاجتهاد كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم واجتهد فأخطأ فله أجر واحد " .

اشتهر بحفظ القرآن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وأبو زيد الأنصاري رضى الله عنهم ، وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر خليفة رسول الله إلى أن تُوفي ثم عند عمر أيام خلافته إلى أن تُوفي رضي الله عنهما ثم كانت عند بنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها ، وقد علم أن القرآن نزل على سبعة أحرف أي لغات وكان كل جماعة من الصحابة يقرؤون بحرف منها ، فلمَّا تولَّى عثمان رضي الله عنه الخلافة أُشير عليه أن يجمع القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة خشية الاختلاف من تعدد الأحرف فأمر رضي الله عنه بذلك وتمت كتابة القرآن على حرف واحد بأيدي القراء الثقات وقوبل بالصحف التي كانت عند حفصة رضي الله عنها وثبت اتفاقهما ، ونسخ منها مصاحف أرسلها إلى عواصم الإمارات الإسلامية بعد أن قُرئت على الصحابة بين يديه فأقروها رضي الله عنهم واحتفظ بالأصل عنده بالمدينة المنورة وصار المعتبر عند الصحابة رضي الله عنهم هذه المصاحف ، وثبت ثبوتاً يوجب اليقين يُفيد القطع بأن ما جُمع هو ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستمر العمل عليها إلى يومنا هذا .

يجوز الدخول في الكنائس لأهل العلم لدعوة أهلها إلى الإسلام ، أما دخولها لأجل الفرجة فقط فلا ينبغي لأنه لا فائدة من ورائه ولأنه يُخشى على المسلم أن يتأثر بهم لا سيما إذا كان جاهلاً بأمور دينه ولا يستطيع رد الشبهة التي يوجهونها إليه .

صلاة الاثنين فما فوقهما جماعة لكن كلما زاد العدد زاد الفضل والأجر ومع ذلك يجب أداء الصلاة جماعة في المسجد مع الناس ولا يجوز التخلف عن ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " أخرجه ابن ماجه ، وقد سُئل ابن عباس رضي الله عنهما عن العذر فقال : خوف أو مرض .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

18 - 11 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر