عيد الأضحى 2

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 12 شوال 1434هـ | عدد الزيارات: 2393 القسم: خطب العيدين

الحمد لله ، والله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر عدد ما أحرم الحجاج من الميقات ، وعدد ما رفعوا بالتلبية لله الأصوات ، الله أكبر عدد ما دخل الحجاج مكة ونزلوا بتلك الرحبات ، الله أكبر عدد ما طافوا بالبيت العتيق وعظموا الحرمات ، الله أكبر عدد ما خرجوا إلى منى ووقفوا بعرفات وعدد ما باتوا بمزدلفة وعادوا إلى منى للمبيت ورمي الجمرات ، الله أكبر عدد ما أراقوا من الدماء وحلقوا من الرءوس تعظيما لفاطر الأرض والسماوات ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

نحمده على ما من به علينا من مواسم الخيرات وما تفضل به من جزيل العطايا والهبات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مسبغ النعم ودافع النقم وفارج الكربات ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أكمل الخلق وأفضل البريات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان ما دامت الأرض والسماوات وسلم تسليما

عباد الله : إن يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر وهو عيد الأضحى والنحر هو يوم الحج الأكبر ؛ لأن الحجاج يؤدون فيه معظم مناسك الحج يرمون الجمرة الكبرى ويذبحون الهدايا ويحلقون رؤوسهم ويطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة ، وهو عيد الأضحى والنحر لأن الناس يضحون فيه وينحرون هداياهم ، وما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة دم ، وهذه الأضاحي سنة أبيكم إبراهيم ونبيكم محمد عليهما الصلاة والتسليم ، وإنها لسنة مؤكدة وإن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها لما فيها من تطبيق السنة والأجر العظيم ومحبة الله لها.

فَضَحُّوا أيُّها المسلمون عن أنفسكم وعن أهليكم متقربين بذلك إلى ربكم متبعين لسنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم حيث ضحى عنه وعن أهل بيته ، ومن كان منكم لا يجد الأضحية فقد ضحى عنه النبي صلى الله عليه وسلم جزاه الله عن أمته خيرا

وإذا كان منكم أحد يريد أن يتبرع بالأضحية عن والديه فلا يحرم نفسه وذريته وأهله من إشراكهم في ثوابها وفضل الله واسع.

وتجزي الشاة عن واحد والبدنة والبقرة عن سبعة ، فلا يشترك شخصان في شاة واحدة ولا أكثر من سبعة في بدنة أو بقرة ، ولكن للإنسان أن يشرك في ثواب أضحيته من شاء سواء كانت شاة أم سبع بدنة أم سبع بقرة واعلموا أن للأضحية شروطا ثلاثة:

الأول: أن تبلغ السن المعتبر شرعا وهو خمس سنين في الإبل وسنتان في البقر وسنة كاملة في المعز ونصف سنة في الضأن

الشرط الثاني: أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع الإجزاء وهي أربعة عيوب :

الأول: العرجاء البين ظلعها وهي التي لا تعانق الصحيحة في الممشاء

الثاني: المريضة البين مرضها وهي التي ظهرت آثار المرض عليها إما في أكلها أو مشيها أو غير ذلك من أحوالها ، ومن المرض البين الجرب

الثالث: العوراء البين عورها بأن تكون عينها العوراء ناتئة أو غائرة

الرابع: العجفاء وهي الهزيلة التي لا مخ فيها .

فعن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى قالَ قلتُ فإنِّي أكرَه أن يَكونَ في السِّنِّ نقصٌ قالَ ما كرِهتَ فدعهُ ولا تحرِّمهُ علَى أحدٍ" رواه أبو داود وصححه الألباني . وكلما كانت الأضحية أكمل في ذاتها وصفاتها فهي أفضل .

الشرط الثالث: من شروط الأضحية أن تقع في الوقت المحدد للتضحية شرعا وهو من الفراغ من صلاة العيد ، والأفضل أن ينتظر حتى يفرغ الإمام من الخطبتين وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث بعد العيد فأيام الذبح أربعة يوم العيد وثلاثة أيام بعده ، وأفضلها يوم العيد والذبح في النهار أفضل ويجوز في الليل

ومن كان منكم يحسن الذبح بنفسه فليذبح أضحيته بيده ، ومن كان لا يحسن فليحضر ذبحها فإن ذلك أفضل ، فإذا ذبحت عنه وهو غائب فلا بأس ويسميها عند الذبح فيقول إذا أضجعها للذبح: بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك اللهم هذه عن فلان أو فلانة ، وإذا ذبحها ونوى من هي له ولم ينطق باسمه أجزأت النية لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى » رواه البخاري ومسلم ، ولكن النطق باسم من هي له أفضل اتباعا للسنة.

واعلموا أن للذكاة شروطا منها أن يقول عند الذبح : بسم الله ، فمن لم يقل باسم الله على الذبيحة فذبيحته ميتة نجسة حرام أكلها لقوله تعالى "وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ" الأنعام 121 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ما أنْهَرَ الدَّمَ، وذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه، فَكُلُوا » رواه البخاري ، ومن شروط الذكاة إنهار الدم بأن يقطع الحلقوم وهو مجرى النفس والمريء وهو مجرى الطعام ، ويتمم ذلك بقطع الودجَيْنِ وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم يثعب منهما الدم لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبيحة التي لا تفرى أوداجها ، وجميع الرقبة من أعلاها إلى أسفلها موضع للذبح ، لكن الأفضل نحر الإبل من أسفل الرقبة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر ، وذبح البقر والغنم من أعلى الرقبة أي مما يلي الرأس ولو ذبحها من وسط الرقبة أجزأت ، واذبحوا برفق وحدوا السكين ولا تحدوها وهي تنظر ، ولا تذبحوها وأختها تنظر إليها ، وأمروا السكين بقوة وسرعة واضجعوها على جنبها الأيسر أو الأيمن على حسب ما يتيسر لكم ويكون أريح لها ، ولا تلووا يدها على عنقها من خلفها عند الذبح فإن ذلك تعذيب لها وإيلام بلا فائدة لها ، ولا تسلخوها أو تكسروا رقبتها قبل أن تموت وكلوا من الأضاحي واهدوا وتصدقوا ، ولا تعطوا الجزار أجرته منها بل أعطوه أجرته من عندكم وأعطوه من الأضحية إن شئتم هدية إن كان غنيا أو صدقة إن كان فقيرا ، ومن أهدي إليه شيء منها أو تصدق به عليه فهو ملكه يتصرف فيه بما شاء من بيع أو غيره، "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ " الحج 34-37.

هذا ، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، الحمد لله الذي بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على العباد أجمعين ، بعثه بدين الهدى والرحمة فأنقذ الله به من الهلكة وهدى به من الضلالة ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما

أما بعد

أيها الناس : اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من هذا الدين القويم الذي رضيه لكم ، فلقد أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع وهو واقف بعرفة "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" المائدة 3 ، وإنه لجدير بنا أن نغتبط بهذا الدين الذي وصفه ربنا سبحانه بالكمال من لدنه من لدن حكيم خبير رءوف رحيم.

أيها المسلمون : إن ديننا ولله الحمد كامل من جميع الوجوه كامل من جهة عبادة الله كامل من جهة معاملة عباد الله فهو كامل من جهة العبادة حيث كانت العبادات المشروعة فيه مصلحة للقلوب والأبدان وللشعوب والأفراد غير مفوتة لما تقتضيه مطالب الحياة ولو أن الناس تفكروا في أنفسهم وفي هذا الدين تفكيراً عميقاً متعقلاً لوجدوا أنه لم يترك خيراً إلا أمر به ووضح طرقه بأوضح بيان وأيسره وأنه لم يترك شراً إلا حذر منه وبين مغبته ومضرته ولو تفكروا في أنفسهم لوجدوا أن تمسكهم بدينهم أمر ضروري لصلاح أعمالهم واستقامة أحوالهم

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً " الأحزاب 70 ، 71 .

ولو تفكروا في أنفسهم لما حصل للكثير منهم تلك الزهادة في دينهم ولما آثروا عليه شيئاً من أمور الدنيا " بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى " الأعلى 16 ، 17

إن الإسلام لم يطلب منكم أمراً يشق عليكم ولا أمراً تفوت به مصالحكم بل هو بنفسه مصالح وخيرات وأنوار وبركات فتمسكوا به أيها المسلمون وقوموا بشرائعه مخلصين لله متبعين لرسوله أحبوا الله ورسوله ليسهل عليكم طاعة الله ورسوله فإن الوصول إلى المحبوب غاية يسهل دونها كل الصعاب أقيموا الصلاة بفعلها في أوقاتها مع الجماعة فإن التخلف عن الجماعة من علامات النفاق أدوا الصلاة بطمأنينة فلا صلاة لغير مطمئن فيها وإن الصلاة إذا أديت على الوجه المطلوب كانت عوناً على فعل الطاعات وترك المحرمات وتحمل المشقات يقول الله تعالى "واستعينوا بالصبر والصلاة " البقرة 45 ، ويقول تعالى "وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" العنكبوت 45 ، آتوا لزكاة التي أوجب الله عليكم في أموالكم إدفعوها إلى مستحقيها قبل أن تفارقوا هذا المال فيكون غنيمة لمن بعدكم وعليكم الغرم والإثم "وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لو لا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون " المنافقون 10 ، 11

أنفقوا على من أوجب الله عليكم نفقته من الأهل والأقارب فإنكم مسئولون عن ذلك وإن الإنفاق عليهم من الإحسان " والله يحب المحسنين " آل عمران 148 ، صلوا أرحامكم والله يصل الواصلين واحترموا بعضكم بعضاً فإن نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وقف في مثل هذا اليوم في جموع المسلمين بمنى يخطبهم ويعلن تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

واعلموا رحمكم الله أن هذه الأيام الثلاثة المقبلة هي أيام التشريق التي لا يجوز صيامها كما لا يجوز صيام يوم العيد ، وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : أيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ وهي أيَّامُ أكلٍ وشربٍ " رواه أبو داود وصححه الألباني ، فأكثروا فيها من ذكر الله بالتكبير والتهليل والتحميد في أدبار الصلوات وفي جميع الأوقات

واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وإياكم والانجراف خلف التيارات المنحرفة التي تصدكم عن دينكم وتعوقكم في السير إلى ربكم خلف نبيكم فإن كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، اللهم انصرنا على أعدائنا وأصلح أحوالنا ووفِّقْ ولاة أمورنا لما فيه الخير والصلاح في ديننا ودنيانا إنك جواد كريم، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالد والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلِّ اللهُمَّ على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.

1434-10-11 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 2 =

/500
جديد الخطب الكتابية