الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قول المصنف : (باب ما جاء في ألّـ (لَو)
المقصود من العنوان حكم قول (لو)، وكان ينبغي كتابة العنوان هكذا باب ما جاء في (أن لّو) فـ(أنْ) مخففه من الثقيله واسمها ضمير شأن محذوف وأدغمت في لام (لو) فتوهم البعض أنها اللو باعتبار الإدغام قال تعالى "وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا "(الجن16)"
(لو) حرف امتناع لامتناع ، تقول مثلا : لو جاء عبد الله لأكرمتك، فامتنع الإكرام لامتناع المجيء. واعلم أن من كمال التوحيد الاستسلامَ للقضاء والقدر؛ رضاً بالله ربَّاً، والعبدُ مأمور عند المصائب بالصبر والإرجاع والتوبة، وقول (لو) لا يجدي عليه إلا الحزن والتحسر مع ما يخاف توحيده من نوع المعاندة للقدر، ولا ينبغي استعمالها لمعارضة القدر بل يجب التسليم والصبر وعدم المعارضة للقدر بكلمة (لو) عند موت قريب ، أو مرض ، أو مصيبة.وليعلم أنه لا بد أن يحصل له ذلك شاء أم أبى جزع أم لم يجزع ، لا بد أن يحصل ما قدره الله جل وعلا.
قال : وقول الله تعالى :" يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ " (آل عمران 154)
يعني: المنافقين، وهذا ذم لهم وعيب، قال ابن كثير: فسر ما أخفوه في أنفسهم بقوله :"يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ " أي يُسرّون هذه المقالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،" وهذه الآية جاءت في سياق غزوة أحد، وما حصل على المسلمين فيها من المصيبة التي حلت بهم من استشهاد سبعين منهم بسبب مخالفة الرماة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركهم لمواقعهم.
قال المصنف : وقوله تعالى :"الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ۗ " (آل عمران 168)
قال ابن كثير :"لو سمعوا مشورتنا عليهم في القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل"، قال مجاهد :"عن جابر بن عبد الله نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي "
"قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ"أي إخوانهم في النسب ؛ لأن عبد الله بن أبي بن سلول الأزدي رأس المنافقين من قبيلة الخزرج الأزدية من أهل يثرب فهم إخوانهم في النسب .
فدل هذا أنه لا يجوز استعمال (لو) عند معارضة القدر في مرض أو هزيمة أو نحو ذلك وإن هذا من شأن المنافقين؛ لأن قدر الله ماض وشأنه نافذ ، وإنما شرع الأسباب لحكمة بالغة ، فعلى المسلم أن يتعاطى الأسباب فإذا نزل قضاء فليس له أن يعترض بعد ذلك
وبالله التوفيق
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
1434/6/7 هـ