الدرس117باب قول الله تعالي: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ .(1)

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 16 ربيع الثاني 1434هـ | عدد الزيارات: 1865 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف: "باب قول الله تعالى : أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (الأعراف 99)" وقوله :" وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (الحجر56) "

هذا الباب لبيان تحريم الأمن من مكر الله والقنوط من رحمته وبيان بعض هذه الكبائر ، فالأمن من مكر الله من الكبائر ، وهو يفضي إلى التساهل بمحارم الله ؛ لأن من أمن من مكر الله ساءت أعماله وأخلاقه وتصرفاته ولم يخف الله ، والقنوط هو اليأس من رحمة الله كذلك فإنه يسوء ظنه بالله وتنكسر نفسه ، والواجب أن يكون المسلم بين الأمرين فيرجو الله ويخاف ذنوبه ومعاصيه ،فلا يغرق في المعاصي ويأمن مكر الله ، وكذلك لا ييأس من رحمة الله بل يكون كالطير بين الجناحين . وفضل بعض العلماء جانب الخوف في حال الصحة ؛ لأنه أقدر على المعاصي ، وجانب الرجاء في حال المرض ؛ لأنه يضعف من الأعمال والطاعات ، والأصل أن يكون بينهما

فقوله تعالى:"أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ،" هذا استنكار من الله على من يغتر بالنعم وينسى العقوبة أن يأخذهم على غرة وهم آمنون منعمون ثم ينقلهم من النعمة إلى النقمة ومن الصحة إلى المرض.

قوله :"فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ"أي لا يأمن عقوبة الله التي تنزل على خفية ومن غير تأهب ومن غير توقع لها

قوله: إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ، الاستثناء للحصر، وذلك لأن ما قبله مفرغ له ؛ فالقوم فاعل، والخاسرون صفتهم، فالذين حقت عليهم الخسارة التي لا ربح معها أبداً ولا نجاة منها أبداً
ويستفاد من هذه الآية
الحذر من النعم التي يجلبها الله للعبد لئلا تكون استدراجا; لأن كل نعمة فالله عليك وظيفة شكرها، وهي القيام بطاعة المنعم، فإذا لم تقم بها مع توافر النعم; فاعلم أن هذا من مكر الله

ذكر المصنف قوله تعالى :"وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ "(الحجر56) ، هذه الجملة قالها إبراهيم لما جاءت الملائكة في صورة أضياف يريدون إهلاك قوم لوط وزادوه أيضا بالبشرى بالولد فاستبعد ذلك لكبر سنه فقالوا له "بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ (الحجر55) " قال إبراهيم لهم:"وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ" ومن ييأس من رحمة الله إلا القوم الذين قد أخطئوا سبيل الصواب ، وتركوا قصد السبيل في تركهم رجاء الله، ولا يخيب من رجاه، فضلوا بذلك عن دين الله.

وبالله التوفيق

وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1434/4/16 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر