الدرس 48 ‌‌ الجزء الثاني بيان مذهب أهل السنة في الاستواء

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 29 ذو القعدة 1444هـ | عدد الزيارات: 170 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد:

القول في الاستواء كالقول في سائر الصفات، وهو إثبات الجميع لله على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، قال الإمام مالك رحمه الله: "الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة" وعلى هذا درج علماء السلف من أهل السنة والجماعة رحمهم الله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في الرسالة الحموية، "فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أولها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم كلام سائر الأئمة مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى هو العلي الأعلى، وهو فوق كل شيء، وهو عالٍ على كل شيء، وأنه فوق العرش، وأنه فوق السماء مثل قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر 10] إلى أن قال: " إلى أمثال ذلك مما لا يكاد يحصى إلا بالكلفة، وفي الأحاديث الصحاح والحسان ما لا يحصى إلا بالكلفة مثل قصة معراج الرسول إلى ربه، ونزول الملائكة من عند الله وصعودها إليه، وقوله في الملائكة الذين يتعاقبون فيكم بالليل والنهار: «فيعرج الذين باتوا فيكم إلى ربهم فيسألهم وهو أعلم بهم (قلت الحديث في صحيح البخاري) » ، وفي الصحيح في حديث الخوارج: « ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء ")، (قلت الحديث في صحيح البخاري) إلى أن قال:" إلى أمثال ذلك مما لا يحصيه إلا الله مما هو أبلغ المتواترات اللفظية والمعنوية التي تورث علما يقينا من أبلغ العلوم الضرورية أن الرسول المبلغ عن الله ألقى إلى أمته المدعوين أن الله سبحانه على العرش، وأنه فوق السماء، كما فطر الله على ذلك جميع الأمم عربهم وعجمهم في الجاهلية والإسلام إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته، ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئين أو ألوفا إلخ) ا. هـ.

وبما ذكرناه يتضح للقراء أن كلام السلف الصالح في ذلك معلوم ومتواتر، وهو ما أوضحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير الاستواء بالعلو فوق العرش، وأن الإيمان به واجب، وأن كيفيته لا يعلمها إلا الله سبحانه، وقد روي هذا المعنى عن أم سلمة أم المؤمنين، وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك رحمه الله، وهو الحق الذي لا ريب فيه، وهو قول أهل السنة والجماعة بلا ريب. وهكذا القول في باقي الصفات من السمع والبصر والرضى والغضب واليد والقدم والأصابع والكلام والإرادة وغير ذلك. كلها يقال فيها إنها معلومة من حيث اللغة العربية، فالإيمان بها واجب والكيف مجهول لنا لا يعلمه إلا الله سبحانه، مع الإيمان أن صفاته سبحانه كلها كاملة، وأنه سبحانه لا يشبه شيئا من خلقه، فليس علمه كعلمنا، ولا يده كأيدينا، ولا أصابعه كأصابعنا، ولا رضاه كرضانا إلى غير ذلك، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} . [الشورى 11]

والله المسئول أن يحفظنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من نزغات الشيطان واتباع خطواته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

٢٨ ذو القعدة ١٤٤٤ هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر