الدرس 348 :السجود لغير الله

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 15 رجب 1439هـ | عدد الزيارات: 1487 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد:

الحبو على الركب وإظهار الذل والخضوع لمن أمامهم هذه عادة لا تجوز ،فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المسلم عندما يلقى أخاه أن ينحني له فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رجلاً يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له قال لا :رواه أحمد والترمذي وحسنه ,وقد جعل الله الركوع والسجود من العبادات التي لا يجوز صرفها لغيره فقال جل وعلا (يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون )الحج :77 ؛ومعلوم أن الحبو على الركب أشد ذلاً من الركوع والخضوع فيه أكثر .

لو ثبت تحديد موقع قبور شهداء وقعت بدر فإنه لا يشرع لقبورهم إلا ما يشرع لعموم مقابر المسلمين زيارتهم للسلام عليهم والدعاء لهم بدون سفر لأجل زيارتهم ومن غير غلو في حقهم من البناء على قبورهم بناء خاصاً وإنما تسور قبورهم بسور يحفظها من الامتهان إذا كانت قبورهم في موضع بعيد عن المقابر العامة .

فلا يجوز السفر بقصد زيارة القبور لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى )

فيكون السفر لزيارة القبور بدعة ولأن السفر لزيارة القبور قد يكون وسيلة إلى الشرك لأنه من أنواع الغلو.

ولا يجوز استضافة الزائرين لزيارة القبور وإكرامهم لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان ومن موافقتهم وتشجيعهم على عمل هذه البدعة وإنما يجب مناصحتهم ببيان أن عملهم هذا لا يجوز وأنه منكر يجب عليهم تركه والتوبة منه .

النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم الغيب علماً كلياً وإنما كان يعلمه علماً جزئياً في حدود ما أطلعه الله عليه شأنه في ذلك شأن إخوانه النبيين .

حرم الله السحر تعلماً وتعليماً وعملاً حيث تظافرت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم السحر وكفر الساحر بقول الله سبحانه عن اليهود (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون )البقرة :102 .

فقد أخبر سبحانه وتعالى بكذب الشياطين فيما تلته على ملك سليمان عليه السلام ونفي عنه ما نسبوه إليه من السحر بنفي الكفر عنه مما يدل على كون السحر كفر وأكد كفر الشياطين وذكر صورة من ذلك وهي (تعليم الناس السحر ) ومما يؤكد كفر متعلم السحر قوله تعالى عن الملكين الذين يعلمان السحر ابتلاء لمن جاء متعلماً (إنما نحن فتنة فلا تكفر) أي لا تكفر بتعلم السحر .

ثم أخبر سبحانه أن تعلم السحر ضرر لا نفع فيه فقال (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ) وما لا نفع فيه وضرره محقق لا يجوز تعلمه بحال ثم يقول سبحانه (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) : أي لقد علم اليهود فيما عهد إليهم أن الساحر لا خلاق له في الآخرة ،قال ابن عباس "ليس له نصيب " ،وقال الحسن "ليس له دين" :فدلت الآية على تحريم السحر وعلى كفر الساحر وعلى ضرر السحرة على الخلق وقال سبحانه (ولا يفلح الساحر حيث أتى )طه :69 ،ففي هذه الآية نفي الفلاح نفياً عاماً عن الساحر في أي مكان كان وهذه دليل على كفره ويعالج السحر بالقرآن والأدعية المشروعة والأدوية المباحة وأما علاجه بالسحر فهذا حرام لا يجوز لعموم النصوص الواردة في تحريم السحر لأنه من عمل الشيطان .

كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين واستعمال ما يقولون لأنهم لا يؤمنون ولأنهم كذبة فجرة يدّعون علم الغيب ويُلبسون على الناس وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عن النشرة فقال (هي من عمل الشيطان) رواه الأمام أحمد وأبو داود بسند جيد.

والنشرة هي حل السحر عن المسحور ،والمراد بالنشرة الواردة في الحديث النشرة التي يتعاطاها أهل الجاهلية وهي سؤال الساحر ليحل السحر بسحر مثله أما حله بالرقية والتعوذات الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بذلك .

وعلى المسلم أن يعمل بالأسباب التي جعلها الله تعالى موصلة لمسبباتها وأن يرضى بقضاء الله وقدره فقد لا يعلم الشخص الأصلح والأنفع له حيث إن الله تعالى بيده مقاليد الأمور وهو تعالى يعطي هذا ويحرم هذا وله الحكمة البالغة وهو أعلم بمصالح عباده من أنفسهم قال تعالى (وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم )البقرة :216 .

وعليك أن تكون راضياً عن ربك تعالى وتجتهد في بذل الأسباب التي تعين على تيسير أمور الزواج .

وإحياء الموتى لا يقدر عليه إلا الله سبحانه أو من أجراه الله على يده من رسله من باب المعجزة الدالة على صدقه كما حصل لعيسى عليه السلام ومعجزات الأنبياء لا يشاركهم فيها غيرهم .

قال عمرو بن نجيد : كان شاه الكرماني وهو من العباد في القرن الثالث حاد الفراسة لا يخطئ ويقول :من غض بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات وعمر باطنه بالمراقبة وظاهره باتباع السنة وتعود أكل الحلال لم تخطئ فراسته .

والفراسة هي القدرة على معرفة بعض الأحوال ببعض العلامات الظاهرة ،والفراسة الصادقة نور يقذفه الله في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل والصادق والكاذب وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان فمن كان أقوى إيماناً فهو أحد فراسة ،فإنها نوع من الإلهام ويستدل لها بقوله تعالى (يا أيها الذين ءامنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) الأنفال:39 .

وعلى كل حال لا تعد هذه الفراسة دليلاً شرعياً يبنى عليه الحكم بل يستأنس بها الشخص في خاصة أمره .

الأصل في الشريعة الإسلامية تحريم تصوير ذوات الأرواح من الحيوانات والناس وغيرهم حيث روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم رواه البخاري ومسلم .

وعن النضر بن أنس قال كنت جالساً عند ابن عباس رضي الله عنه وأتاه رجل من أهل العراق فال إني أصور هذه التصاوير فما تقول لي فيها ؟فقال أدنه سمعت محمداً صلى الله عليه وسلم يقول (من صور صورة في الدنيا كُلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ )رواه البخاري ومسلم .

والصور المجسمة لا يجوز صنعها ولا استخدامها إذا كانت لذوات الأرواح لأنها داخلة دخول أولياً تحت الأحاديث الواردة في النهي عن التصوير والسمك من ذوات الأرواح .

ولا يجوز طباعة صور ذوات الأرواح على تورتة الكيك ولا غيره من الأطعمة حيث ثبت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التصوير وأنه لعن المصورين ولأن ذلك لا يناسب مع شكر النعم الذي شرعه الله تعالى ووعد عليه المزيد حيث قال (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد )إبراهيم :7 .

وتعليق صور ذوات الأرواح لا يجوز ويحب على المسلم اجتناب الشرك صغيره وكبيره فيتعلم ما يبعده عن الشرك ويستعين بالله عز وجل في الثبات على عبادة الله وتوحيده والابتعاد عن الشرك .

وبالله التوفيق .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1439/7/14 هــــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي