الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلامُ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين وبعدُ:
يقول المصنف رحمه الله: باب قوله تعالى:"حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ"(سبأ 23)،
أراد المؤلف بهذه الترجمة الرد على عُبَّاد الملائكة ويبين إذا كانت الملائكة تفزع وتخاف الله جلَّ وعلا ، فكيف تُعبد من دون الله! ، وهكذا غيرهم لا يستحقون العبادة.
قوله تعالى حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ، (سبأ 23) (عن) تفيد المجاوزة، أي أزيل الفزع عن قلوبهم .
والفزع الخوف المفاجئ ؛ لأن الخوف المستمر لا يسمى فزعاً .
وقوله "عن قلوبهم" أي قلوب الملائكة لأن الضمير يعود عليهم
قوله تعالى:" قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ."أي قالوا لجبريل عليه السلام : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ، وإنما استخدموا صيغة الجمع بدلا من صيغة المفرد في حديثهم مع جبريل عليه السلام حيث إنه أعظم الملائكة، فهو الروح القدس وهو أمين الوحي، والذي يؤكد أن المراد جبريل عليه السلام ما ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا تكلَّمَ اللهُ بالوحيِ سمِعَ أهلُ السَّماءِ الدُّنيا صلصلةً كجرِّ السِّلسلةِ على الصَّفا ، فيُصعَقونَ ، فلا يزالونَ كذلكَ حتَّى يأتيَهُم جبريلُ ، حتَّى إذا جاءَهُم جبريلُ ، فُزِّعَ عَن قلوبِهِم فيقولونَ: يا جبريلُ ماذا قالَ ربُّكَ ؟ فيقولُ الحقَّ ، فيقولونَ: الحقَّ الحقَّ " صحيح الجامع للألباني
قوله تعالى: "قَالُوا الْحَقَّ "، الحق: صفة لمصدر محذوف مع عامله، والتقدير قال القول الحق، والمعنى أن الله سبحانه قال القول الحق لأنه سبحانه هو الحق، ولا يصدر عنه إلا الحق ولا يقول ولا يفعل إلا الحق.
قوله وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ، أي العلي في ذاته وصفاته، والكبيرُ ذو الكبرياء، وهي العظمة التي لا يدانيها شيء.
وبالله التوفيق.
وصلِّ اللهمَّ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
1434-3-3 هـ