الدرس الثاني والخمسون باب من الشرك النذر لغير الله

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 2 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 2222 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف : " باب من الشرك : النذرُ لغيرِ الله " يعني الشرك الأكبر، والشرك شركان : أصغر ، وأكبر، أما الأصغر فهو من جنس الرياء ، ومن جنس قول: ما شاء الله وشاء فلان، ومن جنس الحلف بالأمانة وبالنبي وبالكعبة.

وأما دُعاءُ الأموات والاستغاثة بهم والصلاة لهم فهذا من الشرك الأكبر، شرك الجاهلية وهو شرك المشركين الأولين ، شرك أبي جهل وأشباهه ومن قبلهم، وهو شرك المشركين اليوم عند القبور يدعونهم، ويستغيثون بهم، كعُبَّاد البدوي ، وعُبَّاد الشيخ عبد القادر الجيلاني ، وهكذا عُبَّاد الرسول وعُبَّاد آل البيت، كل هذا من الشرك الأكبر، ولهذا قال المصنف:" باب من الشرك: النذر لغير الله"،والنذر لغير الله مثل أن يقول : لفلانٍ عليَّ نذرٌ، أو لهذا القبر عليٌَّ نذر، يريد بذلك التقربَ إليهم، وما أشبَه ذلكَ.

قول المصنف:"وقول الله تعالى:" يُوفُونَ بِالنَّذْرِ " (الإنسان آية 7)، هذا مدح من الله للمؤمنين بوفاء النذر، المؤمنون يوفون بنذورهم الطيبة الشرعية

قول المصنف:" وقوله وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ (البقرة 270)

يعني أن الله يعلم نفقات العباد ونذورهم، ويجازيهم عليها إذا كانت خالصة لوجهه كالنفقة على الفقراء والمحاويج، وفي تعمير المساجد ، وفيما يرضي الله.فهي صدقات ترضي الله تعالى، وعبادة له أجرها.

قول المصنف :" وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من نذر أن يطيع الله، فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه ".

الحديث رواه البخاري في صحيحه وجاء بلفظ:"مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فلا يَعْصِهِ."

قوله : "عن عائشة هي أم المؤمنين الصديقة بنت أبي بكر الصديق تكنى بأم عبد الله،وهي من أفقه النساء مطلقا، وفضلها على سائر النساء " كفضل الثريد على سائر الطعام "كما في صحيح البخاري ومسلم، وهي أحب نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج بكرا غيرها ماتت سنة 57،

هذا الحديث يدل على أن نذر الطاعة يجب الوفاء به، أما نذر المعصية فلا يجوز الوفاء به، والنذر أصله مكروه، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يَأْتي ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بشيءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ له، ولَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إلى القَدَرِ قدْ قُدِّرَ له، فَيَسْتَخْرِجُ اللَّهُ به مِنَ البَخِيلِ، فيُؤْتي عليه ما لَمْ يَكُنْ يُؤْتي عليه مِن قَبْلُ " وقد جاء في صحيح مسلم "لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ."، فمن نذر أداء الطاعة الواجبة أو المسنونة كالصلوات الخمس وسنة الضحى فيجب عليه الوفاء بنذره، أما إن كان المنذور امرا مباحا كأن ينذر أن يلبس ثوبا جديدا فله ذلك ، وله الترك ويكفر عن نذره كفارة يمين، كما يكفر عن عدم وفائه عن نذر المحرمات ولا يجوز الوفاء بتلك النذور المحرمة.

" فيه مسائل
" الأولى:
وجوب الوفاء بالنذر
يعني نذر الطاعة فقط، لقوله صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله، فليطعه "

الثانية : إذا ثبت كونه عبادة لله فصرفه إلى غيره شرك وهذه قاعدة في توحيد العبادة، فأي فعل كان عبادة، فصرفه لغير الله شرك
الثالثة: أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به لقوله صلى الله عليه وسلم " من نذر أن يعصيَه ، فلا يعصه "

وبالله التوفيق

وصلِّ اللهمَّ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1434-3-1هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر