الدرس 82 الجزء الثاني تنبيه حول قصيدة الزيارة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 8 شعبان 1445هـ | عدد الزيارات: 97 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نشرت صحيفة الشرق الأوسط قصيدة بعنوان (زيارة) بقلم: خالد محمد محمد سليم منها قوله:

نور عيني يا رسول الله يا عين الرجـــاء
أنا بالباب مقيم. غاب في الدمع نــــدائي
بأبي أنت وأمي.. يا حبيب الضعفـــــــاء
آه من لهفة حبي.. وحنيني وحيــــــائي
هي ذي الأمة قد جاءتك من بـاد ونائـي
أقبلت مهتاجة للأشواق في عهد الوفــاء
من لنا في عاصف الأنواء.في ليل العناء
يا رحيما بالبرايا.. يــــا وفي الأوفيــــاء
عند بابك يا رسول الله عــــز العظمـــاء
غمر الفردوس أفراحا قلــــوب الســعداء
وبكينا وبكينا.. وغرقنـــا في البكـــــــاء
ونسيت الأهل والأحباب والدنــيا ورائي
ومن تأمل هذه القصيدة من أهل البصيرة علم أن نشرها غير جائز، لما اشتملت عليه من اللجاء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - والاستنجاد به وطلب الغوث منه مما أصاب الشاعر وأصاب الأمة، ولا شك أن ذلك شرك بالله عز وجل، والواجب على كل من ينوبه حاجة أو ضائقة أن يرفع شكواه إلى الله سبحانه لا إلى الأنبياء ولا غيرهم من سائر الخلق من الأموات والأصنام والكواكب ولا الجن وغيرهم؛ لأن الله سبحانه الذي بيده الضر والنفع والعطاء والمنع وكشف الكروب وإجابة المضطر.
ولا مانع من استعانة المخلوق بالمخلوق الحي الحاضر القادر فيما يستطيع مشافهة أو مكاتبة أو مكالمة هاتفية أو نحو ذلك من وسائل الاتصال الجديدة. أما الأموات من الأنبياء وغيرهم فلا يجوز الاستعانة بهم ولا الشكوى إليهم؛ لأن الميت قد انقطع عمله إلا من ثلاث كما جاء الحديث عن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له » رواه مسلم. (قلت جاء الحديث في : صحيح مسلم الوصية )
ومعلوم أن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل الخلق وأشرفهم أحياء وأمواتا ومع ذلك لا تجوز عبادته لا في حياته ولا بعد وفاته؛ لأن العبادة تختص بالله وحده دون غيره، كما أمر الله بذلك بقوله سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (الزمر 2) ونهى عن دعاء غيره، كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (الجن 18) ... والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا » (قلت: الحديث جاء في صحيح البخاري: الجهاد والسير ، وصحيح مسلم الإيمان ، ) وفي الصحيحين أيضا عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قلت: «يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك » الحديث، (قلت: الحديث جاء في صحيح البخاري: تفسير القرآن ،و صحيح مسلم الإيمان ) والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
فالواجب على جميع المسلمين أن يحذروا الشرك بالله عز وجل وأن يتواصوا بتركه مع بيانه للناس والتحذير منه، والواجب على جميع القائمين على الصحف من أهل الإسلام ألا ينشروا ما يخالف شرع الله عز وجل وأن يتحروا فيما ينشرونه ما ينفع الأمة ولا يضرهم في دينهم ولا دنياهم، وأعظم ذلك خطرا ما يوقع في الشرك وأنواع الكفر والضلال.
أصلح الله أحوال المسلمين ووفقهم وجميع القائمين على وسائل الإعلام لكل ما فيه صلاح العباد ونجاتهم وسلامة أمر دينهم ودنياهم، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

٧ شعبان ١٤٤٥ هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر