الدرس الأربعون باب ما جاء في الرقى والتمائم 3

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

قول المصنف:" وروى أحمد عن رويفع ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا روَيْفعُ لعَلَّ الحياةَ ستطولُ بِكَ ، فأخبرِ النَّاسَ أنَّ من عقدَ لحيتَهُ ، أو تقلَّدَ وَترًا ، أو استَنجى برجيعِ دابَّةٍ ، أو عَظمٍ فإنَّ محمَّدًا بريءٌ منه ".

الحديث رواه أحمد في مسنده رقم (16381) بلفظ :" قال لي رسول الله ﷺ يا رويفع لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس أنه من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو عظم فقد برئ مما أنزل الله على محمد ﷺ." وقد ضعفه شعيب الأرنؤوط في إخراجه للمسند رقم (17036)

وقد صرفت النظر عن شرح الحديث نظرا لضعفه .

قول المصنف:" وعن سعيد بن جبير، قال " من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة " رواه وكيع ".

هذا عند أهل العلم له حكم الرفع لأن مثل ذلك لا يقال بالرأي ويكون هذا مرسلا، لأن سعيدا تابعى والحديث المرسل لا يحتج به، لذا صرفت النظر عن شرحه.

قوله:" وله عن إبراهيم، قال : كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن. "

قوله (وله عن إبراهيم)، هو إبراهيم بن يزيد النخعي، الكوفي ، يكنى أبا عمران، تابعي ثقة إمام من كبار فقهاء الكوفة ، مات سنة ست وتسعين ، وله خمسون سنة.

قوله :(كانوا يكرهون التمائم كلها)، مراده بذلك أصحاب عبد الله بن مسعود، كعلقمة ، والأسود، وأبي وائل ، والحارث بن سويد، ومسروق ، والربيع بن خثيم، وسويد بن غفلة، وغيرهم من أصحاب ابن مسعود، وهم من سادات التابعين، وهذه الصيغة يستعملها إبراهيم في حكاية أقوالهم، كما بين ذلك الحفاظ كالعراقي وغيره.

قوله:(من القرآن وغير القرآن)، هكذا جاء عن شيخهم ابن مسعود النهي عن التمائم بالقرآن وغير القرآن.وذلك لأمرين:

أحدهما: عموم الأحاديث الدالة على تحريم التمائم والنهي عنها.

الأمر الثاني: سد الذرائع الموصلة للشرك، فإنه متى علقت التمائم من القرآن جرت إلى التمائم الأخرى، فالواجب على أهل الإسلام الحذر منها مطلقا، وأن لا يعلقوا شيئا من التمائم لا من القرآن ولا من غيره، والتمائم : خرزات، كانت العرب تعلقها على الأولاد من العين، وقد تعلق على المريض وقد تعلق على النساء يزعمون أنها تدفع الشياطين والجن، وهذا من جهلهم.

قوله:" فيه مسائل:
" المسألة الأولى : تفسير الرقى والتمائم "، (الرقى) إن كانت رقية معروفة بالآيات والدعوات المعروفة فلا بأس، إما إذا كان فيه توسل بالشياطين أو توسل بحق فلان فيحرم ذلك، و(التمائم) هي ما يعلق على المريض أو الأطفال من الخرز، ولا يجوز تعليقها .
" المسألة الثانية : تفسير التولة "، وهي شيء يصنع لتحبيب الرجل إلى امرأته، والمرأة إلى زوجها، وهذا كفر وضلال.

" المسألة الثالثة : إن هذه الثلاث كلها من الشرك من غير استثناء،" تؤخذ من قول النبي صلى الله عليه سلم:"إن الرقى والتمائم والتولة شرك"
" المسألة الرابعة : أن الرقية بالكلام الحق من العين والحُمة ليس من ذلك "(الكلام الحق) ضد الباطل، المصنف خصص العين أو الحمة فقط ؛إستنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم :" لا رقية إلا من عين أو حمة " أخرجه البخاري ومسلم، لكن الصحيح أنه يشمل غيرهما كالسحر.
" المسألة الخامسة: أن التميمة إذا كانت من القرآن فقد اختلف العلماء هل هي من ذلك أم لا ، وممن حرمه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو الصواب.

"المسألة السادسة : أن تعلق الأوتار على الدواب عن العين من ذلك" تؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم :"أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت". رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري. فالواجب أن لا يفعل ذلك المؤمن بل يحذره؛ ابتعادا عن خصال أهل الجاهلية.

"المسألة السابعة : الوعيد الشديد على من تعلق وترا "المصنف استند على حديث رويفع وسبق أن ذكرنا ضعف الحديث .

المسألة الثامنة : فضل ثواب من قطع تميمة من إنسان " استند المصنف على قول سعيد بن جبير " كان كعدل رقبة "، والحديث مرسل ، والمرسل لا يحتج به .

المسألة التاسعة : أن كلام إبراهيم لا يخالف ما تقدم من الاختلاف ؛ لأن مراده أصحاب عبد الله بن مسعود " ، ونص كلام إبراهيم النخعي " كانوا يكرهون التمائم كلَّها من القرآن وغير القرآن " والصواب التحريم؛ لسد ذريعة الشرك.ومن استثنى القرآن فعليه الدليل؛ إذ تعليق المصحف منكر وإهانة للقرآن.

وبالله التوفيق

27 - 2 - 1434هـ