الدرس 305: مستحبات في الحج

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 10 رجب 1438هـ | عدد الزيارات: 1173 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

يشرع للقوم إذا كانوا ثلاثة فأكثر في سفر أن يؤمروا أحدهم، ففي سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) أخرجه أبو داود

وبذلك يكون أمرهم جميعاً ولا يتفرق بهم الرأي ولا يقع بينهم خلاف

فعل الفاحشة بعد الحج لا يبطل الحج، وتجب التوبة إلى الله، والإكثار من الاستغفار، وفعل الطاعات، والندم على ما حصل، والعزم على عدم العودة إليه، عسى الله أن يتوب عليه ويغفر ذنبه، قال تعالى (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) التوبة: 82

والجدال في الحج لا يبطله، لكن ينقص أجره بقدر ما حصل منه من جدال مذموم، وعليه التوبة من ذلك؛ لقوله سبحانه (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور: 31

إذا كان مرجعك يمنع من تأدية فريضة الحج وأنت عسكري فاجتهد في طلب الإذن في الحج، وبين له أنك لم تؤد الفريضة عسى أن يستجيب لك، ويجد فرصة تمكنه من الإذن لك أيام الحج؛ لتؤدي الفريضة ولو بجعل إجازتك الرسمية في موسم الحج، إذ لا يجوز لك أن تسافر عن المكان الذي وكل إليك العمل به فيه ولاسيما وأنه في أحد أجهزة الأمن سواء كان للحج أو العمرة أو غيرهما إلا بإذن مرجعك، والحال ما ذكرت معذور في تأخير ذلك حتى تجد الفرصة، ولا إثم عليك

من مر على أي واحد من المواقيت التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حاذاه جواً أو براً أو بحراً وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه الإحرام، وإذا كان لا يريد حجاً ولا عمرة، ثم أنشأ الحج أو العمرة من مكة أو جدة فإنه يحرم بالحج من حيث أنشأ من مكة أو جدة مثلاً، أما العمرة فإن أنشأها خارج الحرم أحرم من حيث أنشأ، وإن أنشأها من داخل الحرم فعليه أن يخرج إلى أدنى الحل ويحرم منه للعمرة، هذا هو الأصل في هذا الباب

والأصل في هذا حديث ابن عباس رضي الله عنه قال (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، قال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك أهل مكة يهلون منها) متفق عليه

وعن عائشة رضي الله عنها قالت (نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: اخرج بأختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظركما هاهنا. قالت: فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله وهو في منزله في جوف الليل فقال: هل فرغت. قلت: نعم، فأذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة) متفق عليه

وروي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق. رواه أبو داود والنسائي

فميقات العمرة لمن بمكة الحل؛ لأن عائشة رضي اللّه عنها لما ألحت على النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتمر عمرة مفردة بعد أن حجت معه قارنة أمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه بالعمرة ، وهو أقرب ما يكون من الحل إلى مكة، وكان ذلك ليلاً، ولو كان الإحرام بالعمرة من مكة أو من أي مكان من الحرم جائز لما شق النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه وعلى عائشة وأخيها بأمره أخاها أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه بالعمرة ، وقد كان ذلك ليلا وهم على سفر ويحوجه ذلك في انتظارهما

المعروف أن الجحفة ليست محاذية لجدة، إنما هي محاذية لرابغ تقريباً، فيجب على أهل مصر وأهل المغرب أن يحرموا من رابغ، أو مما يحاذيها جواً إذا سافروا بالطائرة أو مما يحاذيها إذا سافروا بحراً، وليس لهم أن يؤخروا الإحرام حتى يحرموا من جدة

فأهل مكة يحرمون للعمرة من خارج الحرم كالتنعيم، وإذا سكنوا في الهدا وقت الصيف فإنهم يحرمون للعمرة من مكانهم

وجدة ليست ميقاتاً لحج أو عمرة إلا للمستوطنين أو المقيمين بها، وكذا من وصل إليها لحاجة غير عازم على حج أو عمرة، ثم بدا له أن يحج أو يعتمر. أما من كان له ميقات قبلها كذي الحليفة بالنسبة لأهل المدينة وما وراءها، أو حاذاها براً أو جواً، وكالجحفة لأهلها ومن حاذاها براً أو مر بها جواً، وكيلملم كذلك، فإنه يجب عليه أن يحرم من ميقاته أو مما يحاذيه جواً أو براً أو بحراً

ويجب أن تحرموا إذا مررتم جواً فوق أول ميقات تمرون عليه قاصدين إلى مكة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة) وبإمكانكم تسألون مضيف الطائرة قبل المرور عليه، وإن نويتم الدخول في الإحرام بالحج أو العمرة ولبيتم بذلك قبل الميقات الذي ستمرون عليه خشية أن تتجاوزوه غير محرمين فلا بأس، أما التهيؤ للإحرام بتنظيف أو غسل أو ارتداء ملابس الإحرام فيجوز في أي مكان

العبرة في النيابة بالحج بميقات النائب عن غيره في الحج على الصحيح من قولي العلماء

إذا أخذت عمرة لنفسك ثم تحللت منها وأردت أن تأخذ عمرة لأبيك إذا كان ميتاً أو عاجزاً؛ فإنك تخرج إلى الحل كالتنعيم، وتحرم بالعمرة منه ولا يجب عليك السفر إلى الميقات

إذا أنشأت العمرة من جدة فأحرم من جدة ، وإذا نويتها وأنت في القنفذة فإنك تحرم من ميقات أهل اليمن ، وليس لك أن تقصر الصلاة في بلدك؛ لأنها وطنك، بل عليك أن تصلي أربعاً، وهكذا في جدة عليك أن تصلي أربعاً عند جمهور العلماء؛ لأنك تنوي الإقامة أكثر من أربعة أيام

إذا تجاوز الحاج أو المعتمر ميقات بلده بدون إحرام، ثم أحرم من ميقات بلد آخر غير ميقات بلده، فعليه دم؛ لأنه تجاوز ميقات بلده وأحرم دونه

أنواع الإحرام ثلاثة: الأول: الإحرام بالحج فقط، ومن حج مفرداً فلا يجب عليه هدي. الثاني: الإحرام بالحج والعمرة معاً، وهذا يسمى قارناً، ويجب على القارن هدي. الثالث: الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، ويتحلل منها ثم يحج في نفس السنة، ويسمى من فعل هذا متمتعاً، ويجب عليه هدي، ومن لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى وطنه، أو محل إقامته، وأفضل أنواع النسك الثلاثة: التمتع بالعمرة إلى الحج

وتحويل التمتع إلى إفراد لا يجوز

والمبيت بمنى ليلة إحدى عشرة، واثنتي عشرة واجب من واجبات الحج، وكذلك مبيت ليلة ثلاثة عشر لمن لم يتعجل، ويجب في ترك المبيت على غير السقاة والرعاة، ومن في حكمهم دم، وهو شاة، فإذا لم يجد صام عشرة أيام، وهذه الشاة تذبح في الحرم وتوزع على الفقراء، وهذا هو الأحوط، ورمي الجمار في الساعة الرابعة بالتوقيت الزوالي فنرجو ألا يكون به بأس، ولو أنك أخرت الرمي إلى ما بعد طلوع الشمس من يوم العيد لكان ذلك أوفق للسنة

إذا أراد مريد النسك للعمرة أو الحج التطيب عند الإحرام قبل التلبية بالحج أو العمرة فله ذلك، والأولى أن يكون بعد الاغتسال؛ لقول عائشة رضي الله عنها (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) رواه البخاري ومسلم

يجوز لمن أحرم بالحج أو العمرة أن يلبس الحزام والحذاء، ولو كانا مخيطين بالماكينة

الحيض لا يمنع من الحج، وعلى من تحرم وهي حائض أن تأتي بأعمال الحج، غير أنها لا تطوف بالبيت إلا إذا انقطع حيضها واغتسلت، وهكذا النفساء، فإذا جاءت بأركان الحج فحجها صحيح

لا حرج في ترك صلاة ركعتين بعد لبس الإحرام

حلقه للحيته قبل الإحرام معصية، وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه، لكن يجب عليه إعفاء لحيته وعدم العودة إلى حلقها أو قصها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحى وإرخائها، وأمر بقص الشوارب، وإن كان بعد الإحرام فقد عصى بحلقها وارتكب محظوراً من محظورات الإحرام، ويجب عليه أن يذبح شاة تجزئ في الأضحية في مكة في أي وقت، ويوزعها على فقرائها ولا يأكل منها، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع مما يطعم منه عادة، أو يصوم ثلاثة أيام، إلا أن يكون ناسياً أنه محرم حين حلقها أو جاهلاً تحريم الحلق في الإحرام فلا فدية عليه

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

1438/7/9

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي