الدرس 304: الحج

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 10 رجب 1438هـ | عدد الزيارات: 1120 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

فرض الله الحج على كل مكلف مستطيع مرة في العمر، وما زاد على ذلك فهو تطوع وقربة يتقرب بها إلى الله، فيجب المبادرة إلى تأدية فريضة الحج متى كان مستطيعاً، لأنه لا يدري ماذا يحدث له لو أخره، وقد قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران: 97. وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (تعجلوا إلى الحج -يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له) خرجه الإمام أحمد

والواجب الحج ولو مع الشيعة إذا كانوا مستطيعين للحج، وعليهم مع ذلك الحذر من شبهات الشيعة ومذهبهم الباطل، وإن تمكنوا أن ينصحوهم ويدعوهم إلى اعتناق مذهب أهل السنة وجب عليهم ذلك، لقوله سبحانه (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل: 125

وغيرها من الآيات الدالة على وجوب الدعوة إلى الله سبحانه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ويجب على المرأة حج الفريضة مع أحد المحارم إذا رفض زوجها أن تحج، لأن تركها الحج مع قدرتها على أدائه محرم، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إذ أن حج الفريضة واجب إذا توفرت شروط الاستطاعة، وليس منها إذن الزوج، ولا يجوز له أن يمنعها، بل يشرع له أن يتعاون معها في أداء هذا الواجب

والصبي المميز الذي لم يبلغ الحلم إذا أراد وليه أن يحج به فإنه يأمره بأن يلبس ملابس الإحرام، ويفعل بنفسه جميع مناسك الحج ابتداء من الإحرام من الميقات إلى آخر أعمال الحج، ويرمي عنه إن لم يستطع الرمي بنفسه، ويأمره بأن يجتنب المحظورات في الإحرام، وإذا لم يكن مميزاً فإنه ينوي عنه الإحرام بعمرة أو حج، ويطوف ويسعى به ويحضره معه في بقية المناسك ويرمي عنه

ومن تحقق البلوغ بإنزال المني عن شهوة، أو بإنبات الشعر الخشن حول القبل، لأن الذكر والأنثى يبلغان بوجود أحدهما، وبإكمال خمس عشرة سنة، وبالحيض في حق المرأة

وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام)

والاستطاعة بالنسبة للحج فأن يكون صحيح البدن، وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة، ذلك حسب حاله، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً، على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه، وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها في سفرها للحج أو العمرة

أما ثواب حجه فعلى قدر إخلاصه لله، وما قام به من نسك، وما تجنب من منافيات لكمال حجه، وما بذله من مال وتحمله من جهد سواء رجع أو أقام أو مات قبل تمام حجه، أو بعده

من كان صحيح معافى ولا يستطيع الحج من أجل عدم استطاعته المالية فلا يلزمه الحج، لقوله سبحانه (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران: 97

ولا يصح الحج عنه، لكن يشرع مساعدته ليحج بنفسه

لا يلزم الزوج الغني شرعاً بنفقات حج زوجته، وإنما ذلك من باب المعروف، وهي غير ملزمة بالحج لعجزها عن نفقته

لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم للحج

كون الحج من مال حرام لا يمنع من صحة الحج، مع الإثم بالنسبة لكسب الحرام، وأنه يُنقص أجر الحج، ولا يبطله

يجوز للمسلم الذي قد أدى حج الفريضة عن نفسه أن يحج عن غيره إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه لكبر سنه أو مرض لا يرجى برؤه أو لكونه ميتاً ، للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك، أما إن كان من يراد الحج عنه لا يستطيع الحج لأمر عارض يرجى زواله كالمرض الذي يرجى برؤه، وكالعذر السياسي، وكعدم أمن الطريق ونحو ذلك، فإنه لا يجزئ الحج عنه

الترتيب في الأولية فيمن تحج عنهم: أمك ثم أبيك ثم الأقرب إلا أن يكون أحدهم لم يحج حجة الفريضة بشرط أن تكون سبق أن حججت عن نفسك

الحج عن الغير يكفي فيه النية عنه، ولا يلزم فيه تسمية المحجوج عنه، لا باسمه فقط ولا باسمه واسم أبيه أو أمه، وإن تلفظ باسمه عند بدء الإحرام أو أثناء التلبية أو عند ذبح دم التمتع إن كان متمتعاً أو قارناً فحسن، لما روى أبو داود وابن ماجه ، وصححه ابن حبان ، عن ابن عباس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة. قال: أخ لي أو قريب لي، قال: حججت عن نفسك. قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)

وإذا كانت الأم لم تحج الفريضة وأنها عاجزة عن السفر لأداء الحج بنفسها، وجب على ولدها أن يحج عنها إذا استطاع ذلك، وكان قد حج عن نفسه، لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه. قال: نعم) أخرجه البخاري ومسلم

وذلك في حجة الوداع، وفي رواية لمسلم (قالت: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير، عليه فريضة الله في الحج، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال صلى الله عليه وسلم: فحجي عنه)

ومن وجب عليه الحج ومات قبل أدائه أخرج عنه من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر، ويجوز أن يحج عنه بدون إخراج من ماله إذا وجد من يتطوع بذلك

المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج، لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج، قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آل عمران: 97

ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا معها زوج أو محرم لها، لما رواه البخاري ومسلم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحج مع امرأتك) رواه البخاري ومسلم

فلا يجوز لها أن تسافر للحج إلا مع زوجها أو محرم لها من الرجال، فلا يجوز لها أن تسافر مع نسوة ثقات أو رجال ثقات غير محارم، أو مع عمتها أو خالتها أو أمها، ولا يجوز لها أن تخرج إلى الحج وهي في عدة الوفاة

ومن حجت بدون محرم، فحجها صحيح تسقط به فريضة الحج عنها، لكنها آثمة في سفرها من غير محرم، وعليها التوبة إلى الله والاستغفار

تقويم حج المرء عن غيره هل هو كحجه عن نفسه أو أقل فضلاً أو أكثر، فذلك راجع إلى الله سبحانه

من مات فقيراً ولم يحج لفقره فلا حج عليه حتى وإن مات وقد ترك بيتاً مع أثاثه إلا أن يسمح الورثة بإخراج الحجة من قيمة البيت والأثاث تبرعاً منهم فلهم أجر ذلك

ومن مات أثناء الحج فلا يقضى عنه ما بقي عليه من أعمال الحج، لما أخرج الشيخان في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل ويكفن، ولم يأمر أولياءه بقضاء بقية أعمال الحج عنه

وحيث أن المتوفي الزحام رؤي وعليه ثياب بيض يرمي الجمرات فهي رؤيا فهي حسنة تبشر بالخير ونرجو أن يكون شهيداً، لكونه مات بسبب الزحمة عند الرمي المشبهه لميت الهدم

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

1438/7/9 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي