الدرس 246: القرآن

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 20 شعبان 1436هـ | عدد الزيارات: 2042 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

من قدر على أن يجود حرف الضاد حتى يخرجه من مخرجه الصحيح وجب عليه ذلك ومن عجز عن تقويم لسانه في حرف الضاد أو غيره كان معذوراً وصحت صلاته ولا يصلي إماماً إلا بمثله أو من دونه لكن يغتفر في أمر الضاد والظاء ما لا يغتفر في غيرهما ، لقرب مخرجها وصعوبة التمييز بينهما في المنطق كما نص عليه جمع من أهل العلم منهم الحافظ ابن كثير في تفسير الفاتحة

القراءة برواية ورش عن نافع صحيحة معتبرة في نفسها لدى علماء القراءات، لكن القراءة بها لمن لم يعهدها، بل عهد غيرها كالقراءة برواية حفص مثلا تثير بلبلة في نفوس المأمومين، فتترك القراءة بها لذلك، أما إذا كان القارئ بها في صلاته منفردا فيجوز؛ لعدم المانع

كان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات، وكان جبريل يدارسه القرآن كل ليلة، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، لما يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف. رواه مسلم

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "الدين النصيحة" ثلاثا، فقيل: لمن يا رسول الله قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم

والنصيحة لكتاب الله تعالى تكون بتلاوته وتدبر آياته والاتعاظ بمواعظه والوقوف عند حدوده بامتثال أوامره واجتناب نواهيه

قراءة القرآن أفضل من الانشغال بالتسبيح إلا إذا وجد ما يقتضي رجحان غيرها؛ كالتسبيح والتحميد في مواضع من الصلاة دلت السنة على الذكر بها فيها، وكذا بعد الصلاة بالنسبة لما ثبت فيه دليل على مشروعية العمل بعدها، والقاعدة: أن كل ذكر خص شرعا بوقت أو مكان كان مقدما على غيره في ذلك، بل قد نهي عن قراءة القرآن في مواضع وجعل غيره من الأذكار فيها متعينا؛ كالتسبيح في الركوع والسجود

تلاوة القرآن فاضلة، ونوافل العبادات فاضلة، والدعاء فاضل وهو مخ العبادة، وتختلف أفضلية وأولوية هذه الأمور باختلاف الأحوال والأزمان والأسباب والمقتضيات لها

فما هو أنفع للقارئ وأخشع لقلبه فهو أفضل سواء كان بمصحف أو بدون مصحف

إن كان تحسين الصوت في القرآن والأذان لا يصل إلى حد الغناء بهما فذلك حسن، قال ابن القيم رحمه الله: كان صلى الله عليه وسلم يحب حسن الصوت بالأذان والقرآن ويستمع إليه، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن ويجهر به" رواه البخاري ومسلم، ولقوله صلى الله عليه وسلم "زينوا القرآن بأصواتكم" رواه أحمد

والسنة أن يكمل ختم القرآن، ولا يؤجل قراءة المعوذتين إلى الجمعة ولا غيرها، بل ينهي الختمة متى وصل إلى المعوذتين، ثم يدعو بما فيه من الدعاء بعد حمد الله والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ اقتداءً بالسلف الصالح

ولا يجوز لأحد أن يرفع صوته بقراءة القرآن في المسجد، لا في الصلاة ولا في غيرها؛ لما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة، فقال "أيها الناس كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة" رواه أبو داود والحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي

فيجب على القارئ في المسجد أن يراعي من حوله من المصلين والقراء فيخفض صوته حتى لا يشوش عليهم

أنزل الله تعالى القرآن موعظةً وشفاءً لما في الصدور، وهدًى ورحمةً للمؤمنين، وليكون حجةً على الناس، ونورًا وبصيرة لمن فتح قلبه له، يتلوه ويتعبد به، ويتدبره، ويتعلم منه أحكام العقائد والعبادات والمعاملات الإسلامية ويعتصم به في كل أحواله، ولم ينزل ليعلق على الجدران زينة لها، ولا ليجعل حروزًا وتمائم تعلق في البيوت أو المحلات التجارية ونحوها؛ صيانةً وحفظًا لها من الحريق واللصوص، وما شابه ذلك مما يعتقده بعض العامة، وخاصة المبتدعة وما أكثرهم

فلا يجوز تعليق الخرق التي كتب عليها آيات قرآنية في البيوت أو المدارس أو النوادي أو المحلات التجارية ونحوها زينة لها أو تبركاً بها مثلاً

ساعات الدليل وغيرها تؤدي الغرض الذي صنعت من أجله، من غير أن يتوقف ذلك على كتابة الآيات أو الأذكارعليها أو فيها وإنما القصد من كتابة ذلك الترغيب فيها؛ ترويجًا للتجارة، ثم قد ينتهي الأمر إلى التبرك بها، واتخاذها حرزًا يستصحب للحفظ من مكروه أو بلاء

فكتابة شيء من القرآن أو الأحاديث النبوية أو أسماء الله الحسنى على ألواح وأطباق أو نحوها؛ لتعلق للزينة أو التذكير أو الاعتبار، أو لتتخذ وسيلة لترويج التجارة ونفاق البضاعة وإغراء الناس بذلك ليقبلوا على شرائها، وليكون نماء المال وزيادة الأرباح عدول بالقرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المقاصد النبيلة التي يهدف إليها الإسلام من وراء ذلك، ومخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة وأئمة السلف رضي الله عنهم، ومع هذا قد يعرض لها ما لا يليق من الإهانة على مر الأيام وطول العهد عند الانتقال من منزل لآخر، أو نقلها من مكان لآخر، وحمل الجنب أو الحائض لها، أو مسها إياها عند ذلك

حمل المصحف بالجيب جائز، ولا يجوز أن يدخل الشخص الحمام ومعه مصحف، بل يجعل المصحف في مكان لائق به؛ تعظيمًا لكتاب الله واحترامًا له، لكن إذا اضطر إلى الدخول به خوفًا من أن يسرق إذا تركه خارجًا جاز له الدخول به للضرورة

لا بأس من تسليم غير المسلم نسخة من ترجمة معاني القرآن الكريم وهذا من أنواع الدعوة إلى الله

كتابة بسم الله الرحمن الرحيم في أول كل ورقة من أوراق الوصفات الطبية لا حرج في ذلك لما ورد من الأدلة في فضل كتابتها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتبها في مقدمة رسائله

وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع

وأما كون بعض الأوراق التي تكتب عليها البسلمة قد ترمى في بعض المحلات غير اللائقة فلا حرج على الكاتب في ذلك، وإنما إثم ذلك على من رماها أو امتهنها

كتابة اسم الجلالة على الثلاجة ليس محل امتهان فلا حرج في ذلك

لا يجوز الفسح للسجاد الذي كتب عليه لفظ الجلالة أو اسم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما يترتب على ذلك من الإهانة بافتراشها والصلاة عليها، وكونها توضع على الجدران لا يلتزم به كل من كانت عنده هذه السجاد، بل من الناس من يضعها على الحائط ومنهم من يفرشها في الأرض، ومن القواعد المقررة في الشريعة سد الذرائع الموصلة إلى انتهاك محارم الله

لا يجوز أن يضع المسلم متاعه أو حاجته في أوراق كتب فيها سور وآيات من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية، ولا أن يلقي ما كتب فيه ذلك في الشوارع والحارات والأماكن القذرة؛ لما في ذلك من الامتهان وانتهاك حرمة القرآن والأحاديث النبوية وذكر الله

لا يجوز إعطاء الجرائد للباعة ليستعملوها لفافة؛ لأن الغالب في الجرائد أن فيها مقالات إسلامية تشتمل على آيات قرآنية وأحاديث نبوية، ويكتب فيها الكثير من أسماء الله تعالى، واستعمالها فيما ذكر امتهان لآيات القرآن والأحاديث النبوية وأسماء الله تعالى، فالواجب صيانتها، أو إحراقها، أو دفنها في مكان طاهر ويجوز أيضًا إحراق أوراق المصحف صيانة لها من الإهانة ومحافظة على حرمتها، أو يدفنها في أرض طيبة

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1436-08-20 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي