الدرس الثالث عشر: أحكام الصلاة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

"عَنْ أَبِيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْن الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البِيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ" رواه البخاري ومسلم

قوله: (إقام الصلاة): علم بدني يشتمل على قول وفعل، وما قد يجب من المال لإكمال الصلاة فإنه لا يعد منها، وإلا فمن المعلوم أنه يجب الوضوء للصلاة، وإذا لم تجد ماءً فاشتر ماءً بثمن ، ومن المعلوم أيضاً أنك ستستر العورة في الصلاة وتشتري السترة بمال لكن هذا خارج عن العبادة، ولذلك نقول:إن الصلاة عبادة بدنية محضة. وإقام الصلاة: المراد المحافظة على الصلاة والقيام بها في أوقاتها، وأداؤها كاملة بشروطها وأركانها، ومراعاة آدابها وسننها، حتى تؤتي ثمرتها في نفس المسلم فيترك الفحشاء والمنكر قال تعالى:" وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" (العنكبوت 45)

والصلاة شعار المسلم وعنوان المؤمن قال صلى الله عليه وسلم "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم وقال "الصلاة عماد الدين" حديث حسن أخرجه أبو نعيم

وسوف أتحدث عن أحكام الصلاة

أولاً: شروط الصلاة وهي تسعة : 1- الإسلام، 2- العقل، 3- التمييز، 4- رفع الحدث، 5- إزالة النجاسة، 6- ستر العورة، 7- دخول الوقت، 8- استقبال القبلة، 9- النية

وقد تحدثت عن كل شرط في الحديث الثاني

ثانياً: أركان الصلاة وهي أربعة عشر

الأول: القيام مع القدرة لقول الله تعالى " وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" (البقرة 238) ويسقط عن العاجز والقيام في صلاة النافلة ليس ركن لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم" وذلك للمتعمد أما العاجز فله الأجر كامل

الثاني: تكبيرة الإحرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم

الثالث: قراءة الفاتحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

الرابع: الركوع لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: ثم اركع حتى تعتدل راكعاً

الخامس: الرفع من الركوع لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: ثم ارفع حتى تعتدل رافعاً

السادس: السجود على الأعضاء السبعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء وهي الجبهة مع الأنف، الكفان، الركبتان، أطراف القدمين، فلو سجد على قدم واحدة لم يجز ذلك

السابع: الرفع من السجود

الثامن: الجلسة بين السجدتين

التاسع: الطمأنينة في جميع الأفعال

العاشر: الترتيب بين الأركان

الحادي عشر: التشهد الأخير

الثاني عشر: الجلوس له

الثالث عشر: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير

الرابع عشر: التسليمتان

ودليل هذه الأركان توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته

واجبات الصلاة وهي ثمانية

الأول: جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام

الثاني: قول: سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد

الثالث: قول: ربنا ولك الحمد للكل

الرابع: قول: سبحان ربي العظيم في الركوع

الخامس: قول: سبحان ربي الأعلى في السجود

السادس: قول: رب اغفر لي بين السجدتين

السابع: الجلوس للتشهد الأول

الثامن: التشهد الأول

سنن الصلاة

الأول: رفع اليدين مضمومتي الأصابع ممدودة حذو المنكبين أو الأذنين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه وعند القيام من التشهد الأول

الثاني: جعل كف اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر قابضاً على الرسغ الواقع بين الكوع والكرسوع أو أن يضع يده اليمنى على ذراعه الأيسر

الثالث: دعاء الاستفتاح

الرابع: الاستعاذة في الركعة الأولى قبل الفاتحة

الخامس: البسملة قبل الفاتحة وقبل بداية كل سورة إلا سورة التوبة

السادس: قول كلمة "آمين" بعد الفاتحة يجهر بها في الصلاة الجهرية

السابع: قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة في الركعة الأولى والثانية

الثامن: ما زاد على واحدة في قول "سبحان رب العظيم" في الركوع و"سبحان رب الأعلى" في السجود فالواجب واحدة وأقل الكمال ثلاث والكمال عشر

التاسع: تعظيم الله في الركوع والسجود مثل سبوح قدوس رب الملائكة والروح مع الدعاء في السجود

العاشر: تعظيم الله بعد الرفع من الركوع مثل حمداً كثيراً طيباً مبارك فيه ملأ السموات والأرض وملأ ما شئت من شيء بعد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد

الحادي عشر: جعل الرأس حيال الظهر في الركوع

الثاني عشر: أول ما يصل إلى الأرض عند السجود الركبتين ثم اليدين ثم الأنف والجبهة

الثالث عشر: مجافاة العضدين عن الجنبين والبطن عن الفخذين والفخذين عن الساقين في السجود ورفع الذراعين عن الأرض في السجود

الرابع عشر: مازاد عن واحدة في الدعاء بالمغفرة بين السجدتين

الخامس عشر: جلوس المصلي على رجله اليسرى مفروشة ونصب اليمنى في الجلسة بين السجدتين وفي التشهد الأول

السادس عشر: التورك في التشهد الأخير في الرباعية والثلاثية وهو الجلوس على مقعدته وجعل رجله اليسرى تحت اليمنى ونصب اليمنى أو جعل اليسرى فوق اليمنى وإخراج اليمنى أو إخراجهما معاً من اليمين

السابع عشر: قبض الخنصر والبنصر والتحليق بالإبهام والوسطى ورفع السبابة في التشهد الأول والثاني وتحريكها عند الدعاء مع وضعها على الفخذ الأيمن وقبض الركبة اليسرى باليد اليسرى

الثامن عشر: قبض الركبتين بالكفين في الركوع مفرجتي الأصابع

التاسع عشر: الصلاة والتبريك على محمد وآل محمد وعلى إبراهيم وآل إبراهيم في التشهد الأول

العشرون: الدعاء في التشهد الأخير

الحادي والعشرون: الجهر بالقراءة في صلاة الفجر وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء وصلاة الجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوف والخسوف

الثاني والعشرون: الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر وفي الثالثة من المغرب والأخيرتين من العشاء

الثالث والعشرون: الاستعاذة بالله من أربع في التشهد الأخير وهم: عذاب النار، وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال

الرابع والعشرون: الالتفات في التسليمتان

مكروهات الصلاة

الأول: الالتفات لغير حاجة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:" سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال: هو اختلاسٌ يختلِسُه الشيطانُ من صلاةِ أحدِكم"

الثاني: رفع البصر إلى السماء؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما بالُ أقوامٍ يرفعون أبصارَهم إلى السماء في صلاتهم فاشتدَّ قوله في ذلك حتى قال لينتهُنَّ عن ذلك أو لتُخَطَفَنَّ أبصارُهم"

الثالث: التخصر؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصِرًا" ولقول عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تكره أن يجعل المصلي يدَه في خاصرته، وتقول:" إن اليهود تفعله "

الرابع: افتراش الذراعين في السجود

الخامس: النظر إلى ما يلهي ويشغل

السادس: عبث المصلي بجوارحه

السابع: تشبيك الأصابع وفرقعتها في الصلاة

الثامن: الصلاة بحضرة الطعام بشرط أن يكون الطعام حاضراً وأن تكون نفس المصلي تتوق إليه أي جائعاً

التاسع: كف الشعر أو الثوب لحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف ثوباً ولا شعراً" أي عقد الثوب أو اللحية وكانت قريش تعقد لحاها إشارة إلى الشجاعة

العاشر: عقص الرأس في الصلاة أي ربطه

الحادي عشر: السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه

الثاني عشر: تخصيص مكان من المسجد للصلاة فيه دائمًا لغير الإمام والصحيح أن الأحق بالمكان لمن حضر الأول وله أن يزيل الحاجز ويصلي في المكان مثل ما يفعل في الحرمين

الثالث عشر: الاعتماد على اليد عند السجود أو القيام في الصلاة إلا للحاجة

الرابع عشر: التثاؤب في الصلاة وذلك بأن يكظم ما استطاع ويضع يده على فيه ولا يقل ها

الخامس عشر: الركوع قبل أن يصل إلى الصف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة رضي الله عنه: زادك الله حرصاً ولا تعد

السادس عشر: صلاة النفل عند مغالبة النوم

السابع عشر: الصلاة إلى ما يشغل

الثامن عشر: الإقعاء

التاسع عشر: بصاق المصلي أمامه أو عن يمينه في الصلاة

العشرون: مدافعة الأخبثين: البول والغائط

الحادي والعشرون: الصلاة في المسجد لمن أكل البصل أو الثوم أو الكراث

مبطلات الصلاة

الأول: الكلام العمد مع الذكر

الثاني: الضحك بصوت يسمعه المصلي أو غيره، وهو ما يعبر عنه بالقهقهة، قال ابن المنذر رحمه الله: وأجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة

الثالث: الأكل والشرب قال ابن المنذر - رحمه الله: وأجمعوا على أن من أكل أو شرب في صلاته الفرض عامدًا أن عليه الإعادة

الرابع: انكشاف العورة عمداً لأن من شروط الصلاة ستر العورة

الخامس: الانحراف الكثير عن جهة القبلة لأن استقبال القبلة شرط في صحة الصلاة

السادس: العبث الكثير المتوالي لغير الضرورة

السابع: انتقاض الطهارة لأنها شرط من شروط الصلاة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه وفيه: لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ

وكذلك من تعمد ترك ركن من أركان الصلاة عمداً أو شرطاً من شروطها عمداً لغير عذراً شرعي وكذلك من تعمد ترك شيء من واجباتها بغير عذر

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1436/8/22 هـ