الدرس 305 موقف المسلم من الفتن

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1495 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

ونحن نعيش في فتن تموج بمن حولها تجيء الأزمة كالكير الذي يُذهِب خَبَثَ الحديد ، وكالنار التي تحرق الأرض فتعود أخصب من أخصب منها ، وكالحُمَّى تأخذ الجسد وتطرحه وتمتصه لتطهره من الذنوب وتجيء الأزمة وفي طيها خير للأمة.

لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ

وهكذا لا تنفك الأمة في كل زمن عن أزمة تكون لها كالصدمة الكهربائية التي تنفضها وتحرك دماءها الساكنة.

فيا ابن الإسلام قد أقبلت عليك أزمة ولا بد لك من موقف ، فهاك بعض المواقف اسأل الله تعالى أن ينفعك بها ويعيذنا من مضلات الفتن والأهواء.

أولاً: الثبات والتثبيت. " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا " (الأنفال 45)

الأزمات عواصف تهز الأمة ولا بد للأمة من تثبيت الهلع الذي يغمر القلوب الضعيفة ويجعلها كالخشبة على ظهر الموجة ، وكورقة في ممر الريح القلوب الضعيفة عرضة للمد والجزر، واليقين هو حظ المؤمنين، يا أيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقو الله.

ثانيا: ترسيخ الإيمان :في الأزمة تُقبل القلوب على خالقها وتلتفت إلى أعلى ، "وَظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ " (التوبة 118)، وكلما رأت القلوب أن الدنيا أدبرت عنها أقبلت هي على الآخرة.

ثالثاً:استشعار الأزمة: وقد تمر الأزمة بالأمة فلا يبال الرجل بما كان وما يكون ، العالم يضطرم وهو في ثلاجة ؛ كأن الأزمة مجرد شهر جديد من شهور السنة ؛ تسير حياته فيه كما سارت في الشهر الذي قبله ؛ لم يغير جدوله ، وأعظم من ذلك أن ترى ذا العلم وذا الدعوة يرى الأزمة تركض إليه وإلى قومه ، في يدها الفتنة والضلال ، تقسم بالله لأغوينكم أجمعين ، ولأقتلنكم ، ولأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ، ولأصلبنكم ؛ وهو لم يحرك ساكناً ، ولم يسكِّن متحركاً ، ليس لغفلة أو لجهالة أو لعجز فيُعذر ؛ بل تعامياً وتماوتاً ، وموت القلوب أشد من موت الأبدان.

أَبٌنّي إِنَّ مِنَ الرِجالِ بَهيمَةً في صورَةِ الرَجُلِ السَميعِ المُبصِرِ

فَطِــــنٌ بِكُلِّ رَزّيَةٍ في مالِهِ وَإِذا أُصيــــبَ بِدينِــــهُ لَـــم يَشعُرِ


رابعاً:استنهاض الهمم: بالآي ، بالحديث ، بالخطبة ، بالقصة ، بالشِّعر بالموقف الشجاع في القرن السابع ؛ جاء التتار يزحفون من مشرق الأرض ، يأكلون الأخضر واليابس والبلدان والقرى والناس ، يسيلون في كل واد ، يبتلعون كل شيء سقطت الهند و السند و ما وراء النهرين و فارس ، وابتلعوا بغداد عاصمة الخلافة ، وقصموا من الشام فلسطين ، وذعر الناس ، وهُزموا هزيمتهم النفسية ، وهربوا وهربت قبلهم هممهم وظن بعضهم أنها القيامة ، وأنهم يأجوج و مأجوج ، وقال بعضهم لا طاقة لنا اليوم بهولاكو وجنوده لكن النتيجة هزمهم المظفر قطز بشجاعته وإيمانه بالله ولله الحمد والمنة.

خامساً: تجميع الصفوف

كونوا جميعاً يا بنيّ إذا اعترى خطبٌ ولا تتفرقــوا آحــاداً

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت أفراداً

والله يقول: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا" (آل عمران 103) وأول ما نحتاج إلى الالتفاف حوله ورصّ الصف معه العلماء العاملون

دربنا واحد فكيف افترقنا...لا يكـــن حظ نفسنا مبتغـانا

نحن في الدين إخوة فلماذا...يعتلي صوتنا ويخبوا إخانا

سادساً: الاحتساب: وكما أن الخفافيش العلمانية تخرج في الليل وتتنفذ وتضغط وتستفز وربما تبتر وقد يسكت عنها فلا بد للمرابطين الساهرين على حصون الأمة أن يصطادوا الخفافيش أن يطاردوا اللصوص فمن الاحتساب الاحتساب على المرأة وحياطتها وصيانتها وحراسة فضيلتها

سابعاً: تثبيت العلماء: والعلماء بشر تعصف بهم الفتن كما تعصف بالناس ويرتفع الإيمان وينخفض وتشتد العزيمة وترتخي ويميل ويثبت وما زال السلف يوصي بعضهم بعضاً أن اصبروا

في موقف ينسى الحليم سداده...ويطيش فيه النابه البيطار

اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وارزقنا الوعي بما يحاك حولنا وارزقنا حسن التصرف في مثل تلك المناسبات حتى لا نقع في الفخ ونحن لا نشعر

وبالله التوفيق

1435-5-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 8 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي