الدرس 322 الأخوة في الله

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 1 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1392 القسم: الفوائد الكتابية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

إخواني: امتثلوا أمر ربكم يقول الله سبحانه وتعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب" (المائدة 2) ويقول تعالى "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " (التوبة 71) ويقول تعالى "إنما المؤمنون إخوة " ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه" من هذه النصوص يا عباد الله ندرك ما ينبغي أن يكون عليه المسلم نحو أخيه المسلم إنها أخوة أعظم من أخوة النسب، أخوة تجمع بين المسلمين وأن تباعدت أقطارهم ونأت ديارهم أخوة توجب التناصح والتناصر والتواصي بالحق والصبر عليه أخوة تمنع المسلم أن يغش أخاه المسلم أو يخدعه أو يؤذيه بأي أذى في دمه أو ماله أو عرضه فقد قال الله تعالى "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا" إن الله سبحانه قد رسم لهذه الأخوة طريقاً تسير عليه يثبت قواعدها وينمي ثمراتها ويدفع كل ما يتنافى معها أو يقف في طريقها وفي سورة الحجرات ما يوضح هذا النهج الرباني فهو سبحانه قد أمر بالتثبت حينما ينقل إلينا خبر سيء عن فرد أو جماعة من المسلمين فلا نتعجل بقبوله حتى نعلم مدى صحته بقوله تعالى "يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهاله فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " ثم يأمرنا سبحانه بحسم النزاع خصوصاً عندما يكون النزاع مسلحاً لئلا تذهب فيه أرواح بريئة وتراق فيه دماء معصومة وإن مثال هذا النزاع يحسم بأحد أمرين الإصلاح وذلك بالقضاء على أسبابه وإزالة آثاره أو التأديب للفئة المعتدية التي لا تقبل الصلح والوقوف بجانب الفئة المعتدى عليها يقول تعالى "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين*إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون" ثم أنه سبحانه ينهى المسلم أن يسخر ويحط من قدر المسلم وقدر المسلم عند الله عظيم ثم ما يدريك لعل هذا الذي سخرت منه خير منك عند الله فتكون قد حقرت ما عظم الله قال تعالى "يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن" (الحجرات 11) فالسخرية لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" ثم نهى سبحانه عن تلمس العيوب للمسلم وإعلانها على الناس ونهى سبحانه عن تعيير المسلم بلقب يكرهه لأن ذلك مما يسئ إلى المسلم ويرث العداوة وربما يسبب الرد بالمثل فيكون الإنسان قد جنى على أخيه وجنى على نفسه قال تعالى "ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب " (الحجرات11) واعتبر ذلك فسوقاً وظلماً ممن لم يتب منه فقال "بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" ثم نهى سبحانه عن سوء الظن بالمسلم ما لم يتبين منه ما يوجب ذلك فإن الأصل في المسلم العدالة والخيرية وسوء الظن به بسبب الابتعاد عنه وعداوته وبغضه وهذا يتنافى مع الأخوة الإيمانية قال تعالى "يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيراًمن الظن إن بعض الظن اثم " (الحجرات 2) ونهى سبحانه عن البحث عن عورات المسلم وتطلب عثراته التي قد سترها الله عليه لأن في البحث عنها إشاعة للمنكر وتشويهاً للمجتمع المسلم وزعزعة للثقة بين المسلمين فقال تعالى "ولا تجسسوا " كما نهى سبحانه عن الغيبة وهي ذكرك أخاك بما يكره في حال غيبته لأن في ذلك انتهاكاً لحرمته وتدنيساً لعرضه وخيانة له في غيبته ثم ذكر سبحانه مثلاً منفراً للطباع فالذي يغتاب أخاه كالذي يأكل لحمه وهو ميت قال تعالى "ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه "(الحجرات12) فكيف يكره أكل لحمه ميتاً ويأكل لحمه حياً

عباد الله: هذا نموذج مما رسمه الله لمسار الأخوة بين المسلمين وما ينبغي أن يكون عليه مجتمعهم وكم في كتاب الله وفي سنة رسوله حول هذا الموضوع من الأوامر والنواهي التي لو راعاها المسلمون وعملوا بمقتضاها في عصرنا هذا لسادوا العالم كله وقادوه كما ساده وقاده صدر هذه الأمة كما قال تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله

وبالله التوفيق

1435/5/1 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 3 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي