الدرس الخامس والستون: فصل في حمل الميت ودفنه

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 13 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 1769 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

قوله:" يُسَنُّ التربيعُ في حمله، ويباح بين العمودين، ويُسَنُّ الإسراعُ بها وكونُ الْمُشاةِ أمامَها والرُّكبانِ خَلْفَها، ويُكْرَهُ جُلوسُ تابعِها حتى تُوضَعَ، ويُسَجَّى قبرُ امرأةٍ فقط."

قوله: "يُسنُّ التربيع في حمله" التربيع هو أن يؤخذَ بجميع أعمدة النعش، ولهذا سمي تربيعا ؛ لأن أعمدته أربعة، والقول بأن التربيع سُنَّةٌ لم يرد فيه حديث صحيح، لكن الإنسان إذا ربَّعَ حمل الميت من جميع الجهات.

قوله: (ويباح بين العمودين) العمودان هما قائمتا النعش، كل عمود على عاتق.

أقول: ليس في حمل الجنازة ترتيب مُعيَّنٌ على المشهور، فيجوز البدء في حمل النعش بأي ناحية بلا تعيين ؛ لأنه عين ما لا أصل له في الشرع، ويجوز أن يحمل النعش اثنان أو ثلاثة أو أربعة.

قوله:"ويُسَنُّ الإسراعُ بها" ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :" أسرعوا بالجنازة ".صحيح البخاري، والإسراع يكون بالقدر الذي لا يصيب المشيعين بالمشقة ولا الميت بالضرر .

قوله :"وكونُ الْمُشاةِ أمامَها ،" هذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء للحديث الصحيح الذي رواه أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يمشون أمام الجنازة) صحيح أبي داود للألباني، والأمر فيه سعة، فمن سار خلف الجنازة فهو مأجور، ومن تقدمها فهو مأجور، المهم حضور القلب، وتحصيل العظة والعبرة.
قوله :"والرُّكبانِ خَلْفَها"
الأفضلُ لِمَنْ تَبِعَ الجِنازة راكبًا أن يكون خَلْفَها، لحديث البراءِ بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: "أَمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أَمَرَنا باتِّباعِ الجَنائِز." صحيح البخاري ، والاتِّباع يكون بالسير خلف الجنازة، ، ولأنَّه بِسَيْرِ الرَّاكِبِ أمامَها يتضرَّرُ النَّاسُ بإثارةِ الغُبارِ.

قوله "ويكره جلوسُ تابعِها حتَّى توضعَ "؛ أي: توضع على الأرضِ ؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنَّ النبي، صلى لله عليه وسلم، قال:" إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ، فَقُومُوا، فمَن تَبِعَهَا فلا يَقْعُدْ حتَّى تُوضَعَ." أخرجه البخاري.

قوله:"ويسجى قبر امرأة فقط" أي يغطى قبر المرأة فقط عند إدخالها القبر من أجل ألا تُرى المرأةُ وذلك أسترُ لها.

قوله "واللحد أفضل من الشق " اللحد والشق جائزان بإجماع العلماء ، غير أن اللحد أفضل ، لأنه هو الذي فُعل بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، روى مسلم أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مات فيه : " الْحَدُوا لِي لَحْدًا ، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا ، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

وصفة اللَّحدِ: أن يحفر للميت في قاع القبر حفرة من جهة القبلة ليوضع فيها ، وسمي لحداً؛ لأنه من جانب القبر أما الشق فهو أن يحفر للميت في وسط القبر.

قوله:" ويقول مُدْخِلُهُ : باسم الله وعلى ملة رسول الله " أي يقول مدخله عند وضعه بالقبر بسم الله وعلى سنة رسول الله لحديث ابن عمر رضي الله عنهما" أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ إذا أُدْخِلَ الميِّتُ القبرَ قالَ مرَّةً: بسمِ اللَّهِ وباللَّهِ وعلى ملَّةِ رسولِ اللَّهِ وقالَ مرَّةً : بسمِ اللَّهِ وباللَّهِ وعلى سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ. " . صحيح الترمذي للألباني.

والذي يتولى إدخاله في قبره وصيُّهُ أولًا ، فإن لم يكن فأحد أقاربه، وإلا فأي واحد من الناس، ولا يشترط فيمن يتولى إدخال الميتة في قبرها أن يكون من محارمها لحديث أنس بن مالك " شَهِدْنَا بنْتًا لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَالِسٌ علَى القَبْرِ، قالَ: فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمعانِ، قالَ: فَقالَ: هلْ مِنكُم رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟ فَقالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قالَ: فَانْزِلْ قالَ: فَنَزَلَ في قَبْرِهَا." أخرجه البخاري.

قوله:"ويضعه في لحده على شقه الأيمن مستقبلَ القبلةِ " ليس على سبيل الوجوب بل على سبيل الأفضلية ، وعللوا ذلك بأنها سنة النائم والنوم والموت كلاهما وفاة والنبي صلى الله عليه وسلم أمر النائم أن يكون على الجنب الأيمن. فقال :"إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، " أخرجه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب ، واللفظ للبخاري.

قوله:" مستقبل القبلة" أي وجوباً؛ لأن هذا عمل المسلمين الذي أجمعوا عليه .

قوله:" ويرفعُ القبرُ عن الأرضِ قدرَ شبرٍ مُسنَّمَا "

أي يجعل كالسنام بحيث يكون وسطه بارزاً على أطرافه فهذه صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم،، لحديث جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أُلْحِدَ، ونُصِبَ عليه اللَّبِنُ نَصْبًا، ورُفِعَ قَبرُه مِنَ الأرضِ نحوًا مِن شِبْرٍ :" حسن إسناده الألباني في (أحكام الجنائز)، وقد روى سفيان التمار:" أنَّهُ رَأَى قَبْرَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُسَنَّمًا." أخرجه البخاري.

قال المصنف :" ويكره تجصيصه والبناء، والكتابة، والجلوس، والوطءُ عليه، والاتكاء عليه ". النهي هنا للتحريم وليس للتنزيه. فالأصل في النهي التحريم، هذا هو الأصل، إلا ما دل عليه الدليل.

قوله:"ويكره تجصيصه ، والبناء، "؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: " نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه. " أخرجه مسلم .

قوله:" والكتابة والجلوس، والوطءُ عليه،"؛ لما روى الترمذي وصححه الألباني من حديث جابر مرفوعًا:" نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن تُجصَّصَ القبورُ ، وأن يُكْتَبَ عليها ، وأن يُبنَى عليها ، وأن توطأَ " وروى مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا «لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتخرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير من أن يجلس على قبر»" رواه مسلم

قوله :"(والإتكاءُ إليه) لما روى أحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى عمرو بن حزم متكئًا على قبر فقال «لا تؤذه»، صححه الألباني في (هداية الرواة).

قوله:"ويحرم فيه دفن اثنين فأكثر إلا لضرورة " وهذا ما عليه عمل المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا ، فيدفن الميت قبٍر وحدَه، أما الضرورة فذلك أن يكثر الموتى ويقل من يدفنهم ففي هذه الحال لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد، فقد "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجْمَعُ بيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِن قَتْلَى أُحُدٍ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ يقولُ: أيُّهُمْ أكْثَرُ أخْذًا لِلْقُرْآنِ، فَإِذَا أُشِيرَ له إلى أحَدِهِما قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ، وقَالَ: أنَا شَهِيدٌ علَى هَؤُلَاءِ يَومَ القِيَامَةِ، وأَمَرَ بدَفْنِهِمْ في دِمَائِهِمْ، ولَمْ يُغَسَّلُوا، ولَمْ يُصَلَّ عليهم." أخرجه البخاري.

قوله:"ويجعل بين كل اثنين حاجز من تراب" ؛ ليكونا كأنهما منفصلين ولكن هذا ليس على سبيل الوجوب بل على سبيل الأفضلية.

قوله "ولا تكره القراءة على القبر" الصحيح أنها لا تُشْرَع قراءةُ القرآنِ على القَبر؛ لقول رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تَجعلوا بيوتَكم مقابرَ؛ إنَّ الشيطان يِنفِرُ من البيتِ الذي تُقرأُ فيه سورةُ البَقَرةِ " رواه مسلم عن أبي هريرة، فالنبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رَغَّبَ في قراءةِ البقَرَةِ في البيتِ، ونهى عن جَعْلِها كالمقابِرِ؛ فدَلَّ على أنَّ المقابِرَ ليست مَوْضِعَ قراءةٍ، كما أنه لم يَثبُتْ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قرأ سورةً من القرآنِ أو آياتٍ منه للأمواتِ، مع كثرَةِ زيارَتِه لقبورهم، ولو كان ذلك مشروعًا لَفَعَله، وبيَّنَه لأصحابِه؛ رغبةً في الثَّوابِ، ورحمةً بالأمَّةِ، وأداءً لواجِبِ البلاغِ، فلَمَّا لم يفعَلْ ذلك مع وجودِ أسبابِه، دَلَّ على أنَّه غيرُ مشروعٍ ، كما أنه لم يُنقَلْ عن أَحَدٍ من السَّلَفِ مثلُ ذلك.

قوله :"وأيُّ قربةٍ فعلَها وجعلَ ثوابَها لميتٍ مسلمٍ أو حيٍّ نفعَهُ ذلك َ" هذا القول فيه إفراط، فالدعاء والصدقة للميت أو الحي جائز، أما إهداء ثواب القراءة أو الصلاة أو الطواف فهذا لا ينفع الميت ولا الحيَّ المهدى له، وكذا الحج عن الحي لا ينفعه إذا كان المهدى له قادرا على الحج.

قوله :"ويُسَنُّ أن يُصْلَحَ لأهل الميت طعامٌ يُبْعَثُ بِهِ إليهمْ " لقول النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا جاء نَعْيُ جعفرٍ قال : "اصنعُوا لآلِ جَعفَرٍ طعامًا؛ فقد أتاهم ما يَشْغَلُهم، أو أمْرٌ يَشْغَلُهم" أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.

قوله :" ويُكْرَهُ لهم فعلُه للنَّاسِ" ويكره أن يصنع أهل الميت طعاماً ويدعوا الناس إليه لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعدون صنع الطعام والاجتماع لأهل الميت من النياحة.فعن جَريرِ بنِ عبدِ اللهِ البَجَليِّ، قال:" كنَّا نعُدُّ الاجتِماعَ إلى أهلِ الميِّتِ وصَنيعةَ الطَّعامِ بعدَ دَفنِه مِن النِّياحةِ.أخرجه أحمد وصححه أحمد شاكر.

قول المصنف :" فصلٌ: تُسَنُّ زيارةُ القبورِ إلَّا لنسَاء، ويقولُ إذا زارَها أو مرَّ بها : السَّلامُ عليكم دارَ قوم ٍمؤمنينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللهُ بكم للاحقونَ يرحمُ اللهُ المستقدمينَ منكم والمستأخرينَ، نسألُ اللهَ لَنَا ولكم العافيةَ، اللهمَّ لا تحرمْنَا أجرَهم ولا تفتنَّا بعدَهم، واغفرْ لنا ولهم . "

قوله :"تُسَنُّ زيارةُ القبورِ إلَّا لنسَاء،" ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :" زَارَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَن حَوْلَهُ، فَقالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي في أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ في أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا، فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ؛ فإنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ." صحيح مسلم، وهذه الزيارة تكون للدعاء لهم، والاعتبار .

قوله:" إلا لنساء" زيارة المرأة للقبور محرمة؛ ففي صحيح الترمذي للألباني :"أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لَعنَ زوَّاراتِ القبورِ " .

قوله: " ويقولُ إذا زارَها أو مرَّ بها : " أي قصد زيارتها، أو مر بها مرورا قاصدا غيرها.

قوله:" السَّلامُ عليكم " السلام اسم من أسماء الله ، وهو دعاء لأهل القبور بالسلامة والسلامة بالنسبة لأهل القبور تكون من العذاب.

قوله :"دارَ قوم ٍمؤمنينَ،" المراد بالدار هنا أهلها، كما في قوله :"وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا " (يوسف 82) .

قوله:" وإنَّا إنْ شاءَ اللهُ بكم للاحقونَ" المقصود من هذه الجملة توطين النفس على ما صار إليه هؤلاء من أجل تحقيق التذكر.

قوله :"يرحمُ اللهُ المستقدمينَ منكم والمستأخرينَ، " أي نسأل الله الرحمة للسابقين والمتاخرين .

قوله:"نسألُ اللهَ لَنَا ولكم العافيةَ،" العافية لنا من الذنوب ولكم من عذاب القبر.

قوله" اللهمَّ لا تحرمْنَا أجرَهم . "أجر الصبر وأجر الزيارة ؛ امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم :"... فَزُورُوا القُبُورَ؛ فإنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ".

قوله:"ولا تفتنَّا بعدَهم، ". تسأل الله عدم الفتنة بعدهم بشبهات تعرض لك، أو سيئات و شهوات تُراد.

قوله :" واغفرْ لنا ولهم "المغفرة هي ستر الذنب مع التجاوز عنه .

قول المصنف :"وتسن تعزية المصاب بالميت ، ويجوز البكاء على الميت، ويحرم الندب، و النياحة ، وشقالثوب ولطم الخد ، ونحوة."

قوله:"وتسن تعزية المصاب بالميت" التعزية حث لصاحب العزاء بأن يصبر على المصاب، ويلتزم بالصبر ابتغاء مرضات الله -تعالى- من أجل نيل الأجر.يقول صلى الله عليه وسلم :"ما من مُؤمِنٍ يُعَزِّي أخاه بمصيبةٍ, إلا كساه اللهُ سبحانه من حُلَلِ الكرامةِ يومَ القيامةِ "أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة

قوله:" ويجوز البكاء على الميت " فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم وقال:" إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ ". أخرجه البخاري عن أنس بن مالك.

وهذا في البكاء الذي تمليه الطبيعة ولا يتكلفه الإنسان فأما البكاء المتكلف فيكون من النياحة التي يحمل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم :في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:" إنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ ببُكَاءِ أَهْلِهِ عليه . أخرجه البخاري ومسلم

قوله:" ويحرم الندب والنياحة وشق الثوب ولطم الخد ونحوه" الندب هو تعداد محاسن الميت بحرف الندبة وهي (وا) فيقول وا سيداه، وا من يأت لنا بالطعام والشراب، وا من يخرج بنا للنزهة، وا من يفعل كذا وكذا.

قوله:" والنياحة " النياحة هي أن يبكي ويندب برنة تشبه نياحة الحمام؛ لأن هذا يشعر بأن هذا الرجل أو هذا المصاب متسخط من قضاء الله وقدره فلهذا ورد الوعيد الشديد على من فعل ذلك حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام " النَّائِحَةُ إذا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِها، تُقامُ يَومَ القِيامَةِ وعليها سِرْبالٌ مِن قَطِرانٍ، ودِرْعٌ مِن جَرَبٍ. " أخرجه مسلم .

قوله:"وشق الثوب ولطم الخد ونحوه" يحرم شق الثوب كما يجري من بعض المصابين، يشقون ثيابهم إما من أسفل وإما من فوق إشارة إلى أنه عجز عن تحمل الصبر على هذه المصيبة كذلك لطم الخد. وفي صحيح البخاري " ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ. ".

قوله :"ونحوه" مثل نتف الشعر ، فيأخذ بشعر رأسه وينتفه.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/13 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر