الدرس السادس والستون: كتاب الزكاة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 13 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 2117 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف " كتابُ الزكاةِ : تجب بشروطٍ خمسة: حريةِ ، وإسلامِ ، وملك نصابِ، واستقرارِه، ومضيِّ الحولِ في غيرِ المَعَشَّر إلا نتاجَ السائمة وربحَ التجارة ولو لم يبلغ نصابًا فإن حولهما حولُ أصلهما، وإن كان الأصل نصابا وإلا فمن كماله ".

قوله :"كتاب الزكاة " الزكاة أهم أركان الإٍسلام بعد الصلاة ، فهي الركن الثالث ، وصح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه قال " بُني الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، وصومِ رمضان وحجِّ البيت" أخرجه البخاري ومسلم، والله تعالى يقرنها كثيراً بالصلاة في كتابه قال الله تعالى { وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة}( البقرة 110).

وتارك الزكاةِ إن كان منكرا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، خارج من ملة الإسلام، وإن كان تركه تكاسلا مع اعتقاده وجوبها – كما هو حال بعض الناس لا يكفر حيث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مانع زكاة الذهب والفضة وذكر عقوبته ثم قال : " ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ له صَفائِحُ مِن نارٍ، فَأُحْمِيَ عليها في نارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ." أخرجه مسلم، ولو كان كافراً لم يكن له سبيل إلى الجنة بل فاسق باغٍ يعامل معاملة العصاة الباغين، فزكاة ماله تؤخذ منه غصبًا.

والزكاة لغةً : النماء والزيادة.

وشرعاً نصيب مقدر شرعًا في مال معين يصرف لطائفة مخصوصة.

والأموال الزكوية خمسة أصناف :

الصنف الأول: الذهب

الصنف الثاني: الفضة

الصنف الثالث: عروض التجارة

الصنف الرابع: بهيمة الأنعام

الصنف الخامس: الخارج من الأرض

قوله:" وتجب بشروطٍ خمسةٍ : حريةٍ وإٍسلامٍ وملكِ نصابٍ واستقرارِه ومضيِّ الحولِ في غيرِ المُعَشَّر "

شروط وجوب الزكاة هي:

أولًا: الحرية وضدها الرق ، فلا تجب الزكاة على رقيق؛لأن المال الذي بين يديه لسيده ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم" مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ، " أخرجه البخاري.

ثانياً: الإٍسلام وضده الكفر فلا تجب على كافر قال تعالى:" خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا " (التوبة 103)، فالزكاة طهرة والكافر نجس .

ثالثاً: ملك نصاب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :" ليسَ فِيما دُونَ خَمْسِ أواقٍ صَدَقَةٌ، وليسَ فِيما دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وليسَ فِيما دُونَ خَمْسِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ." أخرجه البخاري، الذود هي الإبل.

رابعاً: استقراره أي استقرار الملك أي بأن يكون المالك للشيء يملكه ملكاً مستقراً .

خامساً: مضي الحول، وهو مرور سنة كاملة على النصاب.

قوله :"في غيرِ المُعَشَّر "، أي: الخارج من الأرض كالحبوب والثمار ، فلا يشترط لها الحول ولهذا يزرع الإنسان الأرض ويكتمل الزرع في أربعة أو ستة شهور وتجب فيه الزكاة لقوله تعالى:" وآتوا حقه يوم حصاده" (الأنعام 141)

قوله:"إلا نتاجَ السائمة " وكذا نتاج السائمة فلا يشترط تمام الحول لها

مثاله: عنده أربعون شاة فيها الزكاة فولدت كل واحدة ثلاثة إلا واحدة ولدت أربعة فأصبحت مائة وواحد وعشرون ففيها شاتان مع أن النماء لا يحل عليه الحول ولكنه يتبع الأصل حيث الأصل تام النصاب

ودليل نتاج السائمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة لأخذ زكاة السائمة وفيها الصغار والكبار ولا يستفصل أهلها فيقال متى ولدت هذه بل يحسبونها ويخرجونها على حسب رؤوسها ولا إشكال في ذلك ما دام أن الأصول بلغت نصاباً.

قوله "وربحَ التجارة ،"وأيضاً ربح التجارة وهذا الثالث لا يشترط له تمام الحول

مثاله : لو قدرنا شخصاً اشترى أرضاً بمائة ألف وقبل تمام السنة صارت تساوي مائتي ألف فيزكى عن المائتين مع أن الربح لم يحل عليه الحول ولكنه يتبع الأصل.

قوله " ولو لم يبلغ نصاباً فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً وإلا فمن كماله "

مثاله: إذا كان عنده خمسٌ وثلاثون شاةً فليس فيها زكاة؛ لأن النصاب أربعون وفي أثناء الحول نتجت كل واحدة منها سخله فنحسب الحول من تمام النصاب ، ولهذا قال :"وإلا فمن كماله"

قول المصنف :" ومن كان له دينٌ أو حقٌّ من صداقٍ أو غيرِهِ على مليءٍ أو غيرِهِ أدَّى زكاتَه إذا قبضَه لما مضى " .

قوله:"ومن كان له دينٌ" الدين : هو كلّ ما ثَبَتَ في الذمة من قرض وثمن مبيع وأجرة وغير ذلك

قوله:"أو حق من صداق" الصداق للزوجة ، وهو ما يبذله الزوج للمرأة في عقد النكاح، فإن طلقها قبل الدخول، سقط نصفه، و إن كان طلبُ الطلاقِ من طرفها قبل الدخول سقط كله.

قوله:" أوغيره " أي غير الصداق كعوض الخلع الثابت للزوج.

قوله:"على مليءٍ " أي: غني .

قوله :" أو غيرِهِ " أي فقير.

قوله:" أدَّى زكاتَه إذا قبضَه لما مضى " أي : لما مضى من السنوات. والصحيح أنه تجب الزكاة في كل سنة إذا كان على غني باذل ، وله أن يؤديها إذا قبض الدين، أما إذا كان على مماطل أو معسر فيزكيه إذا قبضه مرة واحدة ولا يلزمه زكاة ما مضى.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/11 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر