الدرس الخامس والخمسون: سنن صلاة الجمعة 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 7 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 1539 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعدُ؛

قوله:"ويقرأ سورة الكهف في يومها"، لا دليل على ما ذكر المصنف من فضل قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة، حيث لم يرد حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، أما حديث "من قرأ سورةَ (الكهفِ) في يومِ الجمعةِ أضاء له من النورِ ما بين الجمُعَتَين" ، فهو موقوف على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.قاله الدارمي في سننه.،والذهبي، وغيرهما.

قوله:"ويكثر الدعاء" ينبغي أن يكثر الدعاء في يوم الجمعة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"إنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعةً لا يُوَافِقُها عبدٌ مسلمٌ وهو قائم يصلي يسألُ اللهَ شيئاً إلَّا أعطاهُ إيَّاهُ ". أخرجه البخاري ومسلم.

أكثر السلف أنها بعد العصر، وهذا ما رجَّحَهُ ابنُ القيم في كتابِهِ (زاد المعاد)، ورجَّح ابن باز أنها قبل المغرب بساعة.

قوله:"ويكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" ؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنَّ من أفضلِ أيَّامِكُم يومَ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفخةُ وفيهِ الصَّعقةُ فأكْثِروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ ..." صحيح أبي داود للألباني.

قول المصنف:" ولا يتخطى رقاب الناس إلا أن يكون إماما أو إلى فرجة وحرم أن يقيم غيره فيجلس مكانه إلا من قدم صاحبا له فجلس فى موضع يحفظه له وحرم رفع مصلى مفروش ما لم تحضر الصلاة ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه "قريبا" فهو أحق به."

قوله:"ولا يتخطى رقابَ النَّاسِ " تخطي الرقاب حرام في الخطبة وغيرها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل رآه يتخطي رقاب الناس" اجلسْ فقد آذيتَ." صحيح أبي داود للألباني، ولا سيما إذا كان ذلك أثناء الخطبة لأن فيه أذية للناس وإشغالٌ لهم عن استماع الخطبة .

قوله:" إلا أن يكون إماماً " فلا بأس أن يتخطى، لأن مكانه متقدم ولكن بشرط ألا يمكن الوصول إلى مكانه إلا بالتخطي فإن كان يمكن الوصول إلى مكانه بلا تخط بأن كان في مقدم المسجد بابٌ يدخل منه الإمامُ فإنه كغيره في التخطي؛ لأن العلة واحدة.

قوله :"أو إلى فرجة"أي مكان متسع في الصفوف المقدمة، فإن كان هناك فرجة فلا بأس أن يتخطى الجالسين؛ لأنهم أسقطوا حقَّ أنفسهم بتأخرهم.

قوله:"وحرم أن يُقيم غيرَه فيجلس مكانه"؛ لحديث عبد الله بن عمررضي الله عنهما :- "نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ أخَاهُ مِن مَقْعَدِهِ، ويَجْلِسَ فِيهِ، قُلتُ لِنَافِعٍ: الجُمُعَةَ؟ قالَ: الجُمُعَةَ وغَيْرَهَا." صحيح البخاري .

قوله "إلَّا مَنْ قدَّم صاحبًا له فجلسَ في موضعٍ يحفظُهُ لَهُ"، مثال ذلك: أن يقول لشخص ما :احفظ لي هذا المكان حتى مجيئي فإذا فعل وجلس فله أن يقيمه ؛ لأن هذا الذي أقيم وكيل له، والصحيح عدم جوازه ؛ لأن في هذا تحايلًا على حجز الأماكن الفاضلة لمن لم يتقدَّمْ،

قوله"وحرم رفع مصلى مفروش ما لم تحضر الصلاة"، المصلى كالسجادة والإحرام وغيرهما فلا يصح رفعه؛ لأنه كالنائب عنه فإذا أقيمت الصلاة فيرفعه؛ لأنه لا حرمة له بنفسه، ولا يُصلى عليه.

قوله:"ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه قريبا فهو أحق به" لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قامَ مِن مجلسِهِ، ثم رجعَ إليه فهو أحقُّ بِهِ» رواه مسلم.

والعارض مثل حاجته للوضوء أو غيره.

قول المصنف:"ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما ولا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا له أو لمن يكلمه يجوز قبل الخطبة وبعدها."

قوله:"ومَنْ دَخَلَ والإمامُ يخطبُ لم يجلسْ حتى يُصَليَ ركعتين يُوجزُ فيهما."، يسنُّ لمن دخل المسجد والإمام يخطب ألا يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما لقوله صلى الله عليه وسلم :"إِذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يَجْلِسَ. " صحيح البخاري. وهذا عام، وفي صحيح البخاري أيضا "جَاءَ رَجُلٌ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: أصَلَّيْتَ يا فُلَانُ؟ قالَ: لَا، قالَ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. "، والمسجد الحرام تحيته الطواف لمن دخل ليطوف فإنه يستغني بالطواف عن الركعتين أما من دخل ليصلي أو ليستمع إلى علم أو ليقرأ القرآن أو ما أشبه ذلك فالمسجد الحرام كغيره من المساجد .

قوله" "ولا يجوزُ الكلامُ والإمامُ يخطبُ"لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قال لصاحبِه يومَ الجمعةِ ، و الإمامُ يخطبُ : أَنْصِتْ ، فقد لغا » صحيح الجامع للألباني.

قوله :"إلا له" أي للإمام، فلا يحرم عليه الكلام، غير أنه لا يجوز له أن يتكلم كلاماً بلا مصلحة فلا بد أن يكون لمصلحة تتعلق بالصلاة أو بغيرها مما يحسن الكلام فيه.مثل إذا اختل صوت مكبر الصوت فللإمام أن يتكلم ويقول للمهندس انظر إلى مكبر الصوت ما الذي أخله ؟

قوله(أو لمن يكلمه) لمصلحة؛ لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلَّمه سائلٌ وهو يخطب فعن أنس بن مالك" أنَّ رجلًا دخلَ المسجدَ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قائمٌ يخطُبُ ، فاستقبلَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قائمًا وقالَ : يا رسولَ اللَّهِ هلَكَتِ الأموالُ ، وانقطَعتِ السُّبلُ ، فادعُ اللَّهَ أن يُغيثَنا ، فرفعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يديهِ ثمَّ قالَ : اللَّهمَّ أغِثنا ، اللَّهمَّ أغِثنا ، " صحيح النسائي للألباني.

قوله :"ويجوز قبل الخطبة وبعدها" أي يجوز الكلام قبل الخطبة ولو بعد حضور الخطيب، ولو بعد الأذان مادام لم يشرع في الخطبة ، ويجوز كذلك بعد انتهاء الخطبة، سواء كان بعد انتهاء الخطبة الأولى أو الثانية، والأفضلُ عدمُ الكلامِ؛ لئلا يستمرَ به الكلامُ والإمامُ يخطبُ.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/6هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر